انتظارات متنوعة
انتظارات متنوعة
1
لا أعرف من أين أتى هذا التصنيف، ولا أين قرأته ….. تصنيف أنواع الانتظار.
الأولى: الانتظار المحب … بنلوب فيس الأوديسة لزوجها أوليس.
الثاني: الانتظار الغامض … انتظار غودو للكاتب صموئيل بيكيت.
الثالث: انتظار الحلم … المخلِّص، المسيح، المهدي.
الرابع: انتظار الخائف … البرابرة في إيثاكا، كما كتبها كافافيس.
الخامس: انتظار الوهم … رسالة إلى الكولونيل، لغارسيا ماركيز.
وسوف أضيف من عندي، انتظار المعجزة … أن يفي حاكم عربي واحد بوعده!
2
أراد الفريق جعفر نميري ( رئيس السودان الأسبق ) أن يسافر إلى القاهرة.
فجمع كبار ضباط الجيش، وجعلهم يقسمون على القرآن متعهدين بعدم القيام بانقلاب، في غيابه، ولكنهم اجتمعوا، بعد إقلاع طائرته، وقرروا الانقلاب. فوقف أكبر الضباط، ورفض لأنه لا يستطع بسبب القسم.
ولم يكن تنفيذ الانقلاب ممكناً بدونه، لأنه رئيس الأركان العامة للجيش.
فوجدوا الحل بأن يأتي مفتي الجمهورية ويحلله من قسمه، وهكذا تم الانقلاب، وأصبح هذا الجنرال رئيساً للجمهورية .
الطريف … كان انزعاج النميري من قلة إيمان أركان دولته، وقد أسلمها وقرر الشريعة لها دستوراً … أكبر من انزعاجه من المنفى الجديد!
3
كل ثقافة القرن العشرين، وتقدمه العلمي، ووفرة انتاجه، وغزارة معارفه … لم تنقذه من ثقافة ” ثقافة الثكنة ” وحلولها العبقرية!
وهكذا في النصف الثاني – فقط – من القران العشرين، وفي ثلاث قارات (آسيا، افريقيا، أمريكا اللاتينية) حدث مائة وثمانون انقلاباً عسكرياً.
وحتى أوروبا لم تسلم من ثقافة وحلول الثكنة لمشكلات الاستعصاء السياسي، فحدث في عدة دول، عشرون انقلاباً فقط !
وحتى يومنا هذا لا تزال مثل هذه الثقافة سائدة، ولكن في صور أخرى … الحروب. وهي طبعاً الإنجاز الأفدح لثقافة الثكنة مدعومة بأزمات المجتمع ” اللامدني ” وهموم العذاب البشري !
4
(( تعلُّم الكتابة، يشبهُ رسمَ قبضةٍ للفأس بواسطة فأس )) !
لم يكن مادحوا الكتابة، بوصفها منجَز إبداعي جمالي ممتع للكاتب سوى خلاصة هذا القول لأحد الكتاب:
(( الكتابة … أشقّ أنواع المهن، باستثناء مصارعة التماسيح ))
والمصيبة العربية الاشتراكية العظمى، هي هذه المفارقة: كلّما كتب الكتّاب، وازداد عدد الكتب، وتنوّع شكل القراءة … كلّما ازداد، في الوطن العربي، الجهل والأمية وسيادة الغباء، وانهيار الحياة المتمدّنة، ونكوص القضايا كلها إلى مرحلة الاستعصاء الأول ! ))
لقد كان كل شيء سيئاً، وما زال كل شيء سيئاً.
المتنبي يقول عن رجل سبق أن هجاه:
وليس جميلاً عرضه فأصونه وليس جميلاً أن يكون جميلا
ويكذب وما أذللته بهجائــــه لقد كان من قبل الهجاء ذليلا