كتاب الموقعنوافذ

زينة 1985

ـ الزينة 1985… حنين يصيب عتاة القراصنة  ـ

                       ـ 1 ـ

هذه البنت الصغيرة…صغيرة ، صغيرة جداً، عندما وُلِدت .
ولكن…
كان في يديها باقة كبيرة من البكاء !

                       ـ2 ـ

هذه البنت الصغيرة… كلُّ ما حولها أبيض :
الأغطية ، والسرير ، والسقف ، والطبيب،
والأزهار…
ولكن…
بعينيها الرماديتين، رأت عالماً أسود !

                  ـ 3 ـ

هذه البنت الصغيرة… فتحت فمها كدوريّ
صغير، لتأكل أو لتصرخ ، أو لكي تكتشف نوع
الهواء الجديد…
ولكن…
لم تجد ثدياً غير تفاحة،
عليها آثار الأسنان المنخورة، للعاشق القديم !

                     ـ 4 ـ

هذه البنت الصغيرة… المصنوعة من عسل
(على عجل)الموضوعة في سرير قصير، التي وصفها الطبيب:
“إنها الفتاة الأولى يوم العطلة ، والمولودة بعناء شديد…”
هذه البنت الصغيرة…
ترددت في المجيء !

                   ـ 5 ـ

هذه البنت الصغيرة…المهاجرة ، زارها المهاجرون من كل الأصناف.
تفحصت عرى قمصانهم ، إن كان فيها شيء من
زيزفون الممرات البعيده!
والجميع….

( ودائماً يحدث هرج مماثل في مثل هذه المفاجآت العادية )، قالوا لنا أشياء ذات معنى ، وأشياء لا معنى لها .
ولكن…
ـ معاً أنا وأمها ـ فرحنا بذلك !

                         ـ 6 ـ

هذه البنت الصغيرة… لم تهبط درج المستشفى
مع الزغاريد . لم يلوّح  لها سوى الممرضة . دخلت
السيارة بهدوء.وبهدوء آخر عبرت الممر إلى بيت مستعار.
لم تختر حتى الآن غرفتها المفضلة ، ولا الأسلوب الذي يتدلى فيه العنكبوت من سقفها…
ولكن…
دفعة واحدة ، اختارت نوع حليبها…
وتلك الأحضان اليابسة من خشب الأيام !

                          ـ 7 ـ

هذه البنت الصغيرة… فعلت بنا ما أجَّله الإهمال :
أهي الوردة التي لم نكترث لها ونحن في الطريق إلى المدرسة ،
أم روحنا التي ذهبت ، كيفما اتفق ، في كل مكان، ثم عادت عارية،
صغيرة ، وفمها يزقو ؟
أم الحب ، الذي فتشنا عنه جيوب المحطات والقطارات
والزوايا الخالدة للغشّ الحميم ؟
أم الرغبة في تجديد ترقوة الحياة ؟

                    ـ 8 ـ

هذه البنت الصغيرة…تنمو في ضاحية جرح كبير، إلى جوار قلب ،
كان صاحبه يظنّه حلواً ” لأن كل من يمر إلى جواره يمد لسانه” .
لكن…
من يمر الآن، كوكبة منكسة من سيوف !

                    ـ 9 ـ

هذه البنت الصغيرة…بنت 15 سنة عندما يأتي القرن الواحد والعشرون .
تبحث عن هذا الأسود الذي جعل أيام اهلها …ظلاماً .
تنبش أوراق أبيها…لتراه.
تلمس نايه المعلق على الحائط…لتسمعه .
وتزيح ، عن حليب الأم ، الغبار لتعرف أسراراً.
………………..
…………………..
ثمة ما تفعله ، أخيراً، بالتبغ المتبقي في الغلايين.
ثمة أسطر لإكمال ما أهمله الموت على الدفاتر.
ثمة زيت كافٍ ، لبندقية أبيها الصدئة !!

 

قبرص 1985

بوابة الشرق الاوسط الجديدة 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى