كتاب الموقعنوافذ

عفواً…أين “مؤتمر جنيف” 10؟

* ليس كل هندي غاندي *

سأستبق النتائج الطالعة من “مؤتمر جنيف” ، وأقول أن بوسع هذا المؤتمر فقط تحديد جبهة الخاسرين وهي: السوريون بشراً وحجراً…فقط لا غير!
سينعقد مؤتمر سوري بسوريين ممنوع يحكوا مع بعض.( الجربا ـ والمعلم.)
من ينقل رسائل بينهما هو الأخضر الإبراهيمي .
الجرباآت من منطقة العشيرة، والمعلم ابن مؤسسة غير رديئة تماماً.
سيحضر كل من هب ودب من دول وأفراد مهتمين  بالمشهد السوري، في أوقات الفراغ.
فيما يغيب الفاعلون، مثل إيران. ويحضر فاعلون من طرف المعارضة، بل وممولون ، مثل السعودية وتركيا .
أما الفاعلون على الأرض، فهم مسلحون، وفصائل إسلامية ، وجيش حر. ومستحيل تمثيل الجميع. وحتى يأتي موعد جنيف تكون البدلات العسكرية،  للجميع، بحاجة إلى تنظيف من الدم والغبار، و.. الإدعاء بالنصر!
يحضر “الإئتلاف” بأعلى درجة من “الاختلاف”. استقالة 40 عضواً هذا اسمه “انسحاب جماعي” ، وليس استقالة، الأمر الذي يضيف إلى صورة الإئتلاف ظهور التمزق البنيوي المخفي، منذ ولادته في الدوحة.
الأهم…
يحضر المؤتمر أصحاب القبضات الكبار، فإن اتفقوا ، فرضوا الاتفاق على جميع من حضر. وهذا يعني قصرت الأزمة بضعة أشهر. كالدواء ريثما يفعل الاتفاق فعله. وإن لم يتفقوا دلّ ذلك على أن المؤتمر كله من أجل الإخفاق وليس الاتفاق. وفي السياسة ثمة مبدأ “الإنضاج” لأية أزمة، مثل الطبخة في شروحات “فتافيت”، محطة الطعام الشهيرة !
يحضر المؤتمر سوريون من الخارج لم يتحدوا على مفهوم الداخل، وكان تعثرهم، طوال الوقت، يدل على غربتهم عن الواقع ، وعلى ارتهان إجباري لداعم وممول ومشارك خارجي، وصولاً إلى دعم الضربة الجوية الصاروخية الأمريكية.
سوريون معظمهم يعيشون “شرف الانتماء” إلى ماضيهم السياسي، النضالي أو السياحي، والآن “ترف الانتشاء” والالتحاق باللحظة الراهنة !

“مؤتمر جنيف”

يحضر مؤتمر جنيف أشخاص، بصفتهم الشخصيه، بفرديتهم، ووهم تفردهم، جاؤوا إلى الائتلاف تسوية لميزان القوى، وتعبيراً عن النفوذ الإقليمي عليهم، وليس تمثيلاً لنفوذهم المعنوي على أنصارهم غير الموجودين في صمت الشارع السوري أو… صخبه !
أما من يغيب عن مؤتمر جنيف  فهو أكثر من ألفي مجموعة مسلحة ، فيما يسمى” ميليشيا الزواريب ” والذين سماهم  عضو الائتلاف ميشيل كيلو طنبرجيه وكومجيه، وخمسة جيوش ذات أهداف متعارضة تخوض، الآن، أكبر عملية طحن عسكري متدحرج، بغرض التصفيات النهائية لموسم سياسي…الصغار لا يعرفونه ، والكبار لايريدونه.
الداخلون إلى المؤتمر بخريطة الديمقراطية وحقوق الإنسان… يعرفون كم صارت بعيدة هذه الأحلام، وفي الحقيقه، بمقدار ماكانوا هم بعيدين عنها:
” من إسقاط النظام إلى بناء
دولة الإنسان، إلى خراب البلد والانسان ”

رافضو “مؤتمر جنيف”

وأما الرا فضون من خارج المؤتمر، فهم الذين يحملون تلك الراية السوداء، بناة الدولة الإسلامية بحد السيف… دولة الخلافة كما قبل ألف وأربعمائة سنة. والمؤسف أن ثقافة هذه الدولة، طوال قرون وقرون، لم تكن ثقافة التسامح أبداً ، إلا من قبيل “التبرعات” و”الوهبيات” و”العطاءات”.
أما الذاهبون الأساسيون إلى المؤتمر، في حقيقة الأمر، دون أن يغش أحد نفسه ، فهم المؤسسة السورية الحاكمة، بصفة وليد المعلم وزير الخارجية، وخلفه، في الظل أو غرفة العمليات ، وزيرالدفاع ، الذي حتى الآن ، لم تنته مهمته، لا قبل ولا أثناء انعقاد المؤتمر.
…..
هؤلاء الأطراف، تحت الإشراف.
هؤلاء الأطراف، يبدو عليهم الإصرار، كلٌ على بلوغ أهدافه…
فحسب التصريحات: كلٌ يقول للآخر لا مكان لك عندي.
وحسب المخفيات: أقصى حد ممكن بلوغه ، حتى إشعار آخر، هو  تنازلات قد تنتج شراكة ، أو مصالحة ، او تقاسم وظيفي ، أو ورشة إصلاح عظمى للاثنين : لهذا النظام وتلك المعارضة .
هكذا تبدو لي ” جنيف” …
محطة لقاء الغرباء. نتعرف فيها على خريطة سفر الاتجاهات وحسب … فيما يستمر القتال، وتدمير الحجر والبشر حتى يغلب أحد أحداً. وقد لا يغلب أحد أحداً خلال سنوات…
وهنا تبدأ بالانكشاف العبثي ،  فضيحة شبيهه بفضيحة الرفض والقبول الفلسطيني :
أقبل الآن ما رفضته قبل سنوات!
من 51%عام 1948الى 22%  الآن !
هل هناك على وجه الأرض ما يدعو إلى دفع هذا الثمن…؟
ومن أجل العودة بالبلاد خمسين سنة إلى الوراء مع كل الضحايا وكل الخراب؟
المشكلة الأكبر…
عدم وجود كلمة : أنا هُزمت . سأنسحب !
والمشكلة الأكبر…
أن الثورة اعتبرت النظام نظام الغابة… فرضيت أن تكون وحشاً !
المشكلة الأكبر…
أن اللاعبين المحليين يعتقدون أنهم لاعبون دوليون!
السوريون عالقون في نوع من الورطة التي لم يمر بها شعب أو بلد !
وسوريا (ارجعوا للتاريخ) مشكلتها دائما مع …برابره !

11.01.2014

بوابة الشرق الاوسط الجديدة 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى