كتاب الموقعنوافذ

علم الأرداف !

ـ الجهر بالحقيقة… مهنة المفكر ـ

علم الأرداف

ثمة “علم جمال” عربي في النصوص التراثية. وهو ليس تنظيراً لما جاء في الشعر والموسيقى والغناء، وإنما تصنيفات أغلبها يتعلق بالباطن منه والظاهر. بالصورة وعمقها. بالذات والموضوع !
لافت للنظر هذه الجملة (عند المتصوفة):
“مدركو الجمال ينتقلون من الصورة إلى… التصور”.
كنت أقرأ في هذا الموضوع، وأريد معرفته في بعض الكتب. وأريد معرفة كيف نظر العرب إلى الجمال فوجدت الكثير مما يثير الفضول:
الجمال، مقيد ومطلق . المقيد قسمان: كلي وجزئي. الكلي فائض من القدسي يدرك بنور العقل. والجزئي هو الجمال الخاص بكل الموجودات. وينقسم الجمال إلى الظاهر (محسوس ـ كالوجه الحسن، والصوت الحسن. والعذوبة في الكلام.) والباطن (جمال العقل المجرد، معناه الروحي) الجمال الكلي هو روح الجمال الجزئي وسره”
“السهروردي”… يتحدث عن الإشراق. عن نور الأنوار. وثمة إشراق العلوي على السفلي. العقلي على الحسي. الروحي على الجسماني. اللطيف على الكثيف. النوراني على الظلماني.
في الشكل ثمة الكمال والتناسب.
الكمال: اجتماع الصفات المحمودة للشيء وحضور هذه الصفات بطريقة لائقة. وعند الشعراء: “لا يحسن شيء بما يحسن به آخر” أي لكل خصائص، فلم يكن مايكل جاكسون أكثر جمالاً باستبدال سواده ببياض. وفنطيسة الأنف بالنعومة… فاختنق بمزعوم جماله.
الجمال الكامل المتناسب الذي ينبغي أن يشّع نوراً…هو الإشراق يصل إلى متلق جاهز لاستقبال الجمال الصادر من/ وعن الشخص الجميل. من الإشراق المشع يتولد النزوع إلى الاشتياق والتكرار، في نوع من الشغف بالجميل. ولا نزوع إلى الحب الكبير بغير إشراق الجمال.
لكن هذه الدروس التي في مبحث الجمال تذهب إلى العكس في أيامنا، حيث الجمال صناعة وتصنيع، لأغراض التحويل الفذ في النوع الصالح التسليع. ففجأة أتفرج، بعد إغلاق الكتب التي أقرأها، على عدد من الممثلات، فلا أعرفهن، وأسأل من هذه؟ واكتشف أنها أصبحت سواها بعمليات إلغاء النسبة في الكمال. وتبديل الممكن بالمحال. وهكذا وجدت نفسي جاحظياً وجاحظاً. ومعظم هؤلاء النسوة أعرفهن سابقاً.
هذه كانت ابتسامتها جملة جذابة على شفتين إنسانيتين، صارتا تكشيره.
وهذه كانت عيناها تشعان، فصارتا تنظران كذئبة على أهبة الصيد. وتلك كان خداها… من لحم ودم فصارا طابتي بيسبول مضروبتين. إلى آخره…
حين اكنمل ضجري مني ومنهن، من الكتاب، والتلفزيون. من البيت والحديقة… هبطت إلى البلد:
كانت اللاذقية فيما مضى مدينة جميلة تشع بإشراق بساطتها على البحر. بلونها الفقير العفيف النظيف المتناسب مع الشاطىء الصخري والرملي. الآن هذا الشارع لا أعرفه. كله دكاكين وحسب.
في أول “فيترين” للأزياء كانت العبارة التالية، بخط منوّر وعريض،
مكتوبة على قطعة مخيفة من الثياب:
“لدينا كيلوتات بأرداف” !!

17.05.2014

بوابة الشرق الاوسط_الجديدة 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى