كتاب الموقعنوافذ

في جنيف… ممنوع الضرب !

في جنيف… ممنوع الضرب

“الضلال الحقيقي ألا يكون أمامك سوى العودة من الطريق الذي أتيت منه”.

لسان حال كثيرين هنا، في داخل سورية، يقولون :

” حين تنتهي المعركة يخلد الشهداء إلى النوم، ويخرج الجبناء من الأزقة ليحدّثونا عن بطولاتهم”.
ثمة إشارات، دعك من المعلومات، في القضايا الكبرى، تدل على خرائطها الملتبسة.
فعندما يقول المجلس الوطني السوري ” لا جنيف بحد السيف” ثم يعود ليقول نعم. فهذا يعني أن ” وراء الصوت… سوط” ! وعندما يشترط الائتلاف رحيل الأسد للذهاب إلى جنيف، ثم يصمت فيما يهدر الأسد … !
عندما مندوب الجيش الحر يتلقى الصفعة من رئيس الائتلاف. هذا يعني أقصى أعالي درجات سلم الاختلاف. ومن الطريف أن يصفع المدني… العسكري .
وعندما يكون على الأرض السورية ألف مجموعة مسلحة، ليس بينها من هو مدعو إلى جنيف،أو يلبي، أو تعنيه الدعوه إلى جنيف ، ما عدا الجيش الحر، فهذا معناه أن لا معنى لتوقيع الموقعين، لأنهم لا يستطيعون إيقاف النار ولا إجراء الماء… في أي جحيم سوري  محتاج الى جنتهم .
وعندما تكون الأموال والأسلحة الموجودة على الأرض تكفي لسنة قتال أخرى باستراتيجية ” لعل وعسى”… التدخل الخارجي. انهيار النظام. نزول لواء ملائكة إلى مسرح العمليات. انضمام فرقة مشاة بريطانية إلى داعش… فإن الأطراف الفاعلة هي من يضع توقيعه على جنيف !
لا مصلحة للمسلحين بجنيف. حتى لو وضعتهم جميعاً في فنادق فخمة … مصلحتهم في استمرار الحرب، لا إسقاط النظام، وإنماالعيش بلا نظام. حتى ينتهي آخر رغيف خبز في سورية.
وأيضاً لا مصلحة للائتلاف بجنيف، لأنه فضيحتهم ، إذا لم يستطيعوا تنفيذ أي اتفاق. لأن المستثمرين السياسيين في الأزمة السورية لا يكملون طريق الاستثمار إذا اكتشفوا ، فجأة ، انهيار المشروع بتصاميمه الأولى. ومن الواضح أنهم لا يستطيعون.
من الجهة الأخرى…
النظام لا يريد جنيف ، كما تحلم المعارضة: مرحلة انتقالية لإسقاط النظام (وليس لتحويله إلى نظام ديمقراطي).
جنيف بالنسبة للنظام هو مجرد ممر اجباري لتحسين شروط الوظيفة الوطنية للدولة القائمة. ومحاصصة يؤخذ فيها بعين الاعتبار الأطياف والأطراف الذين انتجتهم الحالة الحربية والتوازنات الدولية.
النظام يعرف كيف ينصب الفخاخ لمعارضة غير مدربة، وشروط عملها بعيدة عن الساحة الوطنية الواقعية، وتمثيلها ضعيف. فيما النظام ربح الرهان على التدخل الخارجي ( الوسيلة الوحيدة المؤدية لإسقاطه) وهو الآن، على الأرض يتقدم باتجاه التشدد، مستنداً إلى إنجازه العسكري المتزايد.
النظام سيضع المعارضة في سلسلة من الإحراجات، بدلاً من أن تضعه هذه المعارضة في ارتباك التنازلات. وسيتضح أخيراً أن إرادة التفاوض الناجح ستفضي إلى توجيه اللوم للمعارضة.
مثلاً…
لنفترض الاتفاق على وقف إطلاق النار في حلب أو أي موقع، داعش ستقول لهم : لا . وجبهة النصرة، ولواء الإسلام، والتوحيد وعدد من “طنبرجية الضواحي” (التسمية من المعارضة وليست لي).
في حين يستطيع وزير الدفاع السوري إيقاف اطلاق النار في جميع أنحاء سورية بدقيقة واحدة (إذا أراد النظام طبعاً).
الائتلاف والمجلس الوطني ، (وهم القسم المعترف به عربياً ودولياً) لا يستطيعون إصدار أمر واحد لأي مجموعة عسكريه في داخل سورية .
جنيف مؤتمر دولي… سببه سورية ، وصولاً إلى سورية جديدة ، ولكن من رحم القديمة.
مؤتمراستثمار دولي في تهجين الأقاليم ، ذات الدرع الجغرافي الاستراتيجي .
إعادة انتاج نظام الأسد ، ليس بقطع النسل، بل بإخصاء سياسي عبر مراحل متدرجة . وصولاً إلى ذلك اليوم الذي يجتمع فيه الجميع ، ممانعين وموافقين ، على مائدة إسرائيلية ، بعد سلسلة من تغيير “كيمياء العداوات” في المنطقة كلها… من وهران الى طهران !
……………………………..
بالحس الفجائعي الدامع والدامي… نلاحظ كم أن الشعب السوري صارت وظيفته الوحيدة التهجير والموت والفقر والمرض والبرد والانتهاك والتشرد وفقدان المعونة والأمل أيضاً… حتى غدا لا مصلحة له في أحد من كلا الطرفين. لقد جرب النظام من الأدنى إلى الأفدح.
وها هو يجرب المعارضة من الأمل إلى اليأس .
وأخيراً…
سنعرف هل ستكون جنيف وطناً للاتفاق، رغماً عن السوريينً ، نظاماً ومعارضة ، وذلك بـ :
قطع السلاح ومعابره. وقطع الأرتزاق… ومصادره
تيئيس النظام من الاستفراد بحكم سورية المدمرة/المعمره وحده لاشريك له ، وبنفس الادوات والمستحاثات … أي نظام الفساد والاستبداد !
وثمة إشارة أخرى:
ألا يضرب أحدٌ احداً…
حتى … بورده !

12.11.2013
بوابة الشرق الاوسط الجديدة 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى