كتاب الموقعنوافذ

لا تُشِر إلى السماء لمن لا يراها

لا تُشِر إلى السماء لمن لا يراها

تستطيع إدخال الحذاء إلى الفرن،
ولكنك لا تصنع منه…. بسكويتاً !

……………………………………………………………………

أفلام الخيال العلمي تصور الآتين من الكواكب الأخرى شريرين يحاولون غزو كوكبنا. والصحون الطائرة هي مركبات استطلاع لاكتشاف غرابتنا.
معظم الأفلام أمريكية . وبسبب الغطرسة العلمية، (حتى العلمية) ، يتم تجاهل فرضية أخلاقية، مبنية على فرضية علمية هي:
العمر الافتراضي لوجودنا على هذا الكوكب 5 مليارات سنة . ولكن ثمة وجود افتراضي لكواكب أخرى سبقتنا في انفصالها عن الشمس… وعمرها مائة مليار سنة. ولا بد أن يكون لهذا الفرق نتائج على مستوى التقدم العلمي، والبنيان الأخلاقي. وبهذا نفترض أنهم أقل شراً منا نحن، الذين بنينا (حضارة) ثم بنينا أسلحة تدمر العالم والكوكب مائة مرة.
إن التبجح الدائم، نتيجة السيطرة على الطبيعة والموارد والبشر، يجعل أمريكا، بنظر نفسها ومصالحها ، مالكة حصرية للحقيقة…. السياسية على الأقل !
أحد علماء البيئة يقول: ” في عالم متغير، بهذه السرعة التي نشهدها، سيكون كارثياً الادعاء بملكية الحقيقة. فمن غير المحتمل أن تملك أمة ما أو ديانة ما، أو نظام اقتصادي، أو مركز معارف، جميع الأجوبة المتعلقة ببقائنا. ولا بد أن يكون هناك الكثير من الأنظمة الاجتماعية التي يمكن أن تعمل بشكل أفضل من أي نظام موجود حالياً… ومهمتنا حسب التقاليد العلمية، البحث عنها”.
وحسب المزامير التوراتية، بُذلت 26 محاولة لخلق العالم. وفي آخر محاولة قال الله: “لعل هذه المحاولة أن تكون موفقة”.
…………………
إن متعة تخيل الكون الأكبر، في أماكن أخرى من المجرات والكواكب، تفترض أن كوكبنا لا يساوي شيئاً أمام الملكات الأخرى المولودات من حليب الكون الغامض والأزلي  منذ مئات المليارات من السنين .
تخيّل إمرأة أجمل بمليار مرة من أجمل نسائنا. إذن لا بد من لغة أخرى، كونية وعملاقة للتعبير عن الدهشة ( هل ستكون دهشة؟) وما هو الشعر الذي سيكون لوصف هكذا جمال بهذا القدر من عدم التصديق؟ ما ذنبنا إذا اكتشفنا أن قادة عالمنا كانوا من الحمقى؟
لذلك ينبغي الرثاء لفقر الخيال، الأمريكي خاصة، والسياسي، على وجه الخصوص، حين تتبذل فكرة تبديل العالم وفرض أنظمة عليه وطريقة حياة. وتزداد الفكرة ابتذالاً حين لا ينصبون أنفسهم حماةً أو ناطقين باسم الدول… وإنما باسم الجنس البشري، وبلا تفويض من أحد. وطوال مائة عام وخلال مائة حرب وتدخل عسكري.
لقد انشئت المخابرات المركزية الأمريكية عام 1947 لمكافحة الشيوعية. وقدمت هذه المؤسسة ملايين الصفحات القسم الأعظم منها كاذب، أو مغشوش بانحراف بسيط في درجة الدقة. فخيضت بناء عليها عشرات الحروب في أمريكا اللاتينية وآسيا وأفريقيا و(أحياناً حروب على شكل انقلابات عسكرية مرتبة).

لا تُشر إلى السماء لمن لا يراها !

بيل كلينتون تعليقاً على تحضيرات الحرب على العراق، وكانت رائحة سيجار “مونيكا” ما تزال ترن في البيت الأبيض :
“على جورج بوش أن يقبض على بن لادن ـ صانع 11 أيلول ـ بدلاً من الذهاب إلى العراق !” . جورج بوش الذي قال : إن قرار الحرب على العراق مرتبط بتقارير المخابرات المركزية. وقد تبين لاحقاً أن التقارير كاذبة!
في واحدة من أخطر التصريحات، ثمة برهان على إمكانية تدمير جزء من البشرية بكذبة صغيرة، وربما بخطأ صغير: تصريح وزير دفاع أمريكا خلال حرب فيتنام ( 5 ملايين قتيل فيتنامي ـ و55 ألف قتيل أمريكي) قال بعد تقاعده: ” لم يكن هناك أية ضرورة استراتيجية، من أي نوع ، لحربنا في فيتنام !”
………………………….
اليوم تبدأ حياكة الهاوية في الشرق الأوسط، وفي الأزمة السورية. والخيط الأول…السلاح الكيماوي، المتهم النظام السوري باستخدامه.
والخيط الأول يشي بنفس الرائحة القديمة للحرب على العراق. ولن أورط نفسي بالحديث عن الموضوع سوى بهذه الحقيقة الصغيرة البسيطة :
ليس هناك سلاح كيماوي ، يستخدم في منطقة مأهولة، ولا يقتل أكثر من خمسين شخصاً ومعزاة وقط ، وبقرة!..
ما هو الخيط الثاني في حياكة الهاوية؟
سننتظر قليلاً لنرى أن بقاء الطائرات والصواريخ في الأردن ليس بلا معنى متصل بالخيط الأول. وصناعة الكوارث لا تكلف كثيراً من الجهد إذا كان لديك المسرح المهيأ لكل الاحتمالات، وكانت الطرائد بهذه الغزارة.
19 ألف يوم حرب بين الكوريتين. 4 ملايين قتيل. 18 مدينة مدمرة من أصل عشرين. والنتيجة فقط : كوريتان إحداهما تحكمها سلالة توريث من كيم إيل سونغ إلى ما لا نهاية. والثانية تحكمها سلالة الرأسمالية الأمريكية .
إن صناعة الأنياب اختصاص أمريكي ، وأعتقد أن لحم العرب وليس السوريين فقط، مكشوف لهذه الأنياب ، التي ستمزق الخرائط أيضاً !
ولكن ما الفائدة ؟
أحياناً تتعب نفسك فتخالف هذه النصيحة الخالدة :
” لا تُشر إلى السماء لمن لا يراها !

بوابة الشرق الاوسط الجديدة 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى