كتاب الموقعنوافذ

ملوك وعبيد !

ملوك وعبيد

( المطلوب انتصار المطالب , وليس انتصار الغالب )

نصر حامد أبو زيد، أحد شهداء التفكير بالتكفير الذي يكاد يصبح سمة عصر عربي _ إسلامي …. قال هذه الجملة عن الدكتور صادق جلال العظم : (( ما أسهل الكلام من خارج دائرة الإيمان )) . وهذه الجملة ليست، بالنسبة لي الآن، مفتاحاً لنقاش الفكرة، بل ذكرتني بـ ” ما أسهل القتال خارج ميدان القتال، وأنت تشرب البيرة ( كعلماني ) وتدخن الشيشة (كإسلامي)  القتال بالحضّ على القتال. إصدار تعليمات القتال من فندق، لمقاتلين من تلبيسة، أو حمص. أو حلب ( مثلاً) .
قال لي أحدهم من الميدان … معظم المقاتلين الشبان لا يعرفون لماذا يقاتلون ؟
لا يعرفون بمعنى التعريف الواضح المعرفي لصفة العدو، وبمعنى التعريف الواضح المعرفي لصفة المستقبل. وإذا كانت الجمل، والشعارات، ومقولات التحريض، بل وحتى الأغاني … هي ملخص ثقافة معركة بهذا الحجم، فإن المتوقَّع ميدانياً، ألا يطول زمن الصمود. فالحقائق العسكرية، على الأرض، تعلم المقاتل طرح الأسئلة لاحقاً، في حين كانت لديه ملخصات أجوبة، سابقاً .

ملوك وعبيد!!

لم يكن تصريح رئيس الائتلاف الوطني السوري السيد جربا، مفاجئاً، وإن كنت أتوقَّع له أن يكون صموداً، فأمس الأول كانت كل صيغ وأنواع الرفض لمؤتمر جنيف تطلق من أعالي الخيول، ومن غبار المعارك، ومن أعلى مستويات التلفزيونات .. وكانت أهم تلك الصيغ : لا حوار إلا من أجل رحيل الأسد … والحوار الوحيد هو كيف نتسلم السلطة، ويسهّل الوفد الرسمي السوري سلاسة استلامها ؟
أما اليوم …
فبدون شروط، مع التوضيح الواضح أن الحوار هو مع ممثلي الأسد، في نوع من التأكيد بأنه الشريك الذي لا غنى عنه !
لن أستسهل التحليل، فأقول انتصارات وانكسارات . فالمسألة أعمق من ذلك بكثير. وأهم شيء هو الذي كان سائداً كمسلَّمات: التدخل الدولي، التسليح الدولي، وكان ذلك مسلمات بوصفة إجراءً بسيطاً تتوجَّه الوعود الفرنسيَّة، البريطانية، والأمريكية. وهي وعود قلنا عنها دائماً أنها كاذبة . فلدى الجميع الحذر الشديد، بعد انكشاف هذا العدد الهائل من متطرفي القاعدة، ينتشرون في كل مكان، لدرجة أن الجيش الحر وافق على تشكيل كتائبهم وألويتهم تحت مسمياته، دون شروط الخضوع لقيادته، أو حتى التنسيق!
الائتلاف أخطأ في تقدير الوضع الدولي، والإقليمي والعربي، والداخلي وعلى الأرض. وكل هذه الأخطاء أدت إلى كوارث عسكرية وسياسته : الإئتلاف ينقصه التآلف. المعسكرات ينقصها الوحدات. التنسيقيات صارت ذكريات. الشيء الوحيد المتروك للطحن في معركة الأخطاء هو الشعب السوري، والمدن السورية . ولقمة الخبز السورية !
مرةً رياض الأسعد قال سنحرر سورية قريباً. وكان يتحدث من ” أنطاكية ” المدينة السورية المحتلة تركياً … وبعد قليل وجدنا رياض الأسعد مبتور القدم على يد أخوة السلاح الذين يحررون سورية !
ومرةً قال السيد زهير سالم ( ناطق باسم الإخوان المسلمين ) عن تصريحات زعيم الإخوان رياض الشقفه، بأن تركيا ستتدخل ونحن نرحب … قال:
هذا رأي شخصي ! إعلان الحرب نيابة عن دولة من قبل حزب … رأي شخصي !
ثم أصيبت تركيا فجأة، بداء الحذر الشديد من المغامرات .
وأمس واليوم وغداً … تصبح صناعة الأخطاء …. جرائم. فالذين يقتلون يومياً في الميدان … أصبحوا يصرخون في وجوه الجميع قبل الموت: لما متى وفي سبيل أي جهة وحزب وشخص ودولة وقضية وإقليم، ومجاعات وهجرات . أنتم تقولون : قاتلوا. قاتلنا! أنتم تقولون لا تقاتلوا … نحن ذاهبون إلى جنيف إلى وفد الأسد تحديداً نحن لن نذهب !

هكذا تدخل سورية المرحلة الجديدة : خلاف المختلفين .
في غابة سلاح، على مشارف هاوية مجهولة، وتقديرات طوال الوقت … خطأ .
يقولون : هناك أمراض الجثة تظهر على … الأحياء أيضاً .
ومرةً قال تشرشل لسيدة أرستوقراطية وقحة في سهرة :
أنت قبيحة !
فردَّت عليه: وأنت سكران .
قال: غداً أصحو !

 

بوابة الشرق الاوسط الجديدة 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى