أعذروا حالي …

لم أكن أريد أن أقول لها نعم لولا أنني أردت أن أكون صادقة مع نفسي ومع انسانة عزيزة جمعتني بها وحدة الحال ... وغربة مفروضة .. ووجع شوق لبيت وحارة ومدينة ورفقة وأصدقاء… وكمٌّ كبير جداً من الذكريات .

اجتمعنا في مدينة محايدة .. أنا من الجنوب وهي من الشمال … جئنا إليها هرباً من قذائف موت باتت أقرب من حبيب، ومن صواريخ وبراميل حقد تلاحقنا حتى في أحلامنا … ساعدتنا الظروف أن نلتجىء الى مكان أكثر أمناً إلى حد ما ..!! فرضتها علينا حرب لم نختر منها شيئاً ولم نوافق فيها على شيء سوى خوفنا على بلد … وجرحنا على ابن البلد … ورغبتنا في أن نعيش معا حياة أفضل .

قالت لي والدمع يمتزج بكلماتها:

” خسرت الكثير الكثير ممن أحب وأعرف بسبب قذيفة هاون ..وبرميل لئيم .. وصاروخ حاقد .. خسرت الكثير من أهلي وأصدقائي الذين تركوا بيوتهم وحاراتهم وحياتهم كلها وهربوا طلباً للأمن والحياة .. خسرت بيتي وعمل زوجي .. ولم يبق لي الا دمعي الذي يباغتني في نوبات الحنين والشوق إلى ماض سعيد كان مليئا بالحياة والفرح والطموح … !! أشتاق إلى ماض لا يمكنه العودة، وأندب حاضراً لا أملك منه شيئاً .. وأبكي مستقبلاً مجهولاً أراه أسودَ. هل يكون في الرحيل شفاء … في جنسية أجنبية تغسل عار الحاضر وتفتح الآفاق لأولادنا نحو مستقبل لا يخجلون فيه من هويتهم ؟؟ تعيد لهم كرامة مهدورة على أبواب السفارات وحدود البلدان، وتجعلهم يشعرون بأنهم بشر لهم حقوق وواجبات وعليهم دور لبناء المستقبل وزرع الأمل في هذه الحياة .. بدل أن يختبئوا خوفاً من الموت والتخوين وخجلاً من وصمة التخلف والارهاب والعنف والهمجية .

هل مسموح لنا أن نبحث عن بلد آخر نعيش فيه بكرامة .. أم سيصفوننا بالغدر والخيانة ؟؟؟؟ هل مسموح لنا أن نرفض الحرب ونختار الحياة أم سيقولون عنا أننا بعنا الوطن واشترينا الجنسيات ..؟؟؟

هل مسموح لنا أن نحلم بمستقبل أجمل لأولادنا بعيداً عن جرات الموت وبراميل الأحقاد وقذائف الطائفية .. أم سينعتوننا بالطبقة المنافقة الانتهازية ؟؟؟ متعبة أنا يا صديقتي بسوريتي .. رغم عشقي لها …متعبة حتى الممات … ؟؟ أرفض كل ما يجري حولنا … وأبحث عن طوق للنجاة .. أرفض تدمير البلد وقتل أجمل حضارة وتاريخ … وخنق الحريات …!!

أرفض تخاذل العالم وقذارة الحكومات .. تؤلمني لامبالاة الشعوب، وهمجية التطرف، ولغة التخوين، وتجار الانسانية ومافيات السلاح، أرفض القتل والموت والدمار وأريد الحياة .. فهل أرحل ؟؟؟؟ !!

عجزت … وحالي من حالها ..

فكان صمتي ودمعي … هو الجواب ….!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى