أمس / اليوم

لا أحد يستطيع إرغامنا على الركوع، فنحن بالأساس…راقدون.
__________________________________________

ذات يوم من عام 2001 قال شارون رئيس وزراء إسرائيل الأسبق في حفل عشاء لليهود في لندن: “ستكون مرتفعات الجولان أهم وأجمل منجزات الصهيونية. إن الجولان سيكون اسكندرون أخرى…إسرائيلية” في إشارة إلى محافظة اسكندرون السورية التي استولت عليها تركيا عام 1939. ثم يستطرد: في حال التوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين فلن يكون هناك أي داع لإعادة الجولان للسوريين. وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق لا داعي (أكثر) لإعادة الجولان.

هذه الأيام…يعلن رئيس وزراء إسرائيل (نفس الزمرة الدموية) نتنياهو ومن موسكو عاصمة الدعم الأول لسورية أن الجولان أرض إسرائيلية إلى الأبد. ويقيم أول اجتماع لمجلس الوزراء في إحدى مستوطنات الجولان.

سوف استأذن بنشر مقاطع سيناريو حول الجولان، وتنبؤاتي بمشابهتها بالاسكندرون في روايتي “إلى الأبد ويوم”.

“جولاندرون” إسرائيلي تركي ـ جريدة الحياة 1999

يقول التركي للإسرائيلي:حسناً فعلتم بإعادة التصويت على موضوع الجولان. حين ثبتم قرار الضم القديم. هذا يعطيكم فرصة عشر سنوات من المماطلة.

فيرد الإسرائيلي الضيف: المشكلة أن السوريين يعتبرون الجولان من محتويات الكرامة الشخصية. ليس الوطنية وحسب، وليس لأنه مهم كأرض وحدود وسكان.

ويقول التركي: لا تقلقوا من هذه الناحية. نحن نعرف العرب أكثر منكم. فقد حكمناهم أربعمئة سنة بالزعبرة أكثر منها بالقوة. وحين غادرناهم كان هناك من يطالبنا بالبقاء صوناً لوحدة إسلام الشرق أمام صليبية الغرب.

ويسأل الإسرائيلي: كيف استطعتم أن تجعلوا السوريين ينسسون محافظة اسكندرون؟

فيجيب التركي: “ببساطة، طبقنا مبادئكم، أليس بن غوريون من قال: “الفلسطينيون ثلاثة: واحد يتقدم في السن ويموت، وثانٍ نهجّره أو نقتله، أما الثالث…فهو الذي ينسى”.

“زكي الأرسوزي وجماعته من جيله ماتوا. غطفان وعدنان وسليمان من الجيل الجديد أصبحوا أتراكاً بالمصلحة وبالقوة، والبقية غادروا إلى اللاذقية وحلب ودمشق…وفي التظاهرات قطفنا عدة رؤوس حامية “.

ويستوضح الإسرائيلي: أنا أسألك عن السوريين، فيقول التركي: “بمرور الوقت، تصبح القصة أكثر تعقيداً ونصبح أكثر قوة، وهذا ما حصل، لقد أخذتم عنا عبئاً بحروبكم معهم. امانحن فنسبب لجيراننا السوريين قلقاً: مرة من أجل نهر الفرات، ومرة بسبب الأكراد وأحياناً الأرمن ونرعبهم بالتحالفات (معكم اليوم). تمتلىء أجندة السوريين بالمشاكل فيملّون من المطالبة بشيء أصبح ـ واقعياً ـ قابلاً للنسيان.

فرنسا أعطتنا رشوة صغيرة من مناطق انتدابها، بحجم محافظة على حدودنا، لكي نبقى بعيدين عن احتمال التحالف مع ألمانيا النازية، ألم يحدث لكم ذلك أنتم اليهود؟ كل الفرق بيننا هو توقيت الحصول على الغنيمة، نحن قبل الحرب العالمية الثانية، وأنتم بعدها بقليل!”.

ويحاور الإسرائيلي: أخشى أن موضوع الجولان مختلف قليلاً والظروف مختلفة، ربما كان الجولان الرشوة التي نقدمها للسوريين لكي يقيموا سلاماً معنا، ويرد التركي على الفور: “لا تخطىء…السلام ممكن من دون الجولان، فليس فيه زحمة سكان يضربونكم بالحجارة كما في الخليل ونابلس والقدس، وليس فيه ثروات ومعادن كما أنكم أمضيتم فيه حتى الآن ثلاثين سنة هادئة تخللتها حرب واحدة كسبتم نصف نصرها. وفي حال العرب اليوم لا يمكن تكرارها. ستقول أنها قضية وطنية ومبدئية وقضية كرامة بالنسبة للسوريين، وأقول لك: بالنسبة إليهم ليست قضية حياة أو موت. كم سورياً قتل نفسه حزناً على بانياس ومسعدة وعين فيق والخشينة والحمة ومنصورة؟ عصرنا عصر مصالح.

سكت التركي معجباً بنفسه: وفجأة يرن الهاتف ويفتح عينيه دهشة وتبرقان بسرور: “هذا خبر الأخبار”. يلتفت إلى محدثه الإسرائيلي” “قبضنا على أوجلان” وهو في طريقه إلينا.

هل أقدم لك نصيحة أخوية؟ قل لرئيس وزرائكم الوسيم والصلب إذا نجح في الانتخابات، قل له أن يتقدم إلى الكنيست بأول مشروع قرار يتضمن تغيير اسم الجولان نهائياً ليصبح اسمه الحقيقي…جولاندرون”.*

_________________________________________

* كلمة منحوتة من اسكندرون والجولان .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى