تحليلات سياسيةسلايد

أنباء سارّة لأردوغان.. “الجيّد” ثاني أكبر أحزاب “التحالف السّداسي” يرفض أن يكون “كاتب العدل”

ثمّة من يتحمّس في أوساط الحزب الحاكم وأنصاره في تركيا، إلى عدم قُدرة طاولة الأحزاب الستّة المُعارضة في تركيا، على الاتّفاق على مُرشّحها التوافقي للمُنافسة في انتخابات الرئاسة، حيث يبدو أن التحالف السّداسي المُعارض، يذهب بشقّ الأنفس للتّغاضي عن الخلافات إلى جهة التوافق، والحسم لاختيار المُرشّح، ألا وهو زعيم حزب الشعب الجُمهوري المُعارض كمال كليتشدار أوغلو، في حين أرجأت المُعارضة التركيّة إعلان اسم مُرشّحها رسميّاً إلى الاثنين المُقبل 6 آذار/ مارس، وبعد اجتماع استغرق 5 ساعات ونصف الساعة الخميس، وهو اجتماع عرّضها لانتقادات شعبيّة لاذعة بخُصوص عدم التوافق على المُنافس للرئيس أردوغان.

لم يتبقّ الكثير على موعد توجّه الناخبين الأتراك إلى صناديق الاقتراع، لاختيار رئيسهم الجديد، فالمُتبقّي أكثر من شهرين قليلاً، ومن هُنا يبدو أن المُعارضة التركيّة كشفت “خُماسيّاً” على الأقل عن ورقة مُرشّحها الأبرز دون التأكيد النهائي، مع توجّه الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان إلى تنظيم الانتخابات الباكرة في 14/ مايو، وهو توقيت يُريد فيه أردوغان استباق موعد العطلة الصيفيّة، وسفر الحُجّاج الأتراك لأداء فريضة الحج، وهؤلاء يُمثّلون أعدادًا كبيرًا يُريد الحزب الحاكم كسب أصواتهم لصالحه.

بعض المُوافقات النهائيّة لا تزال لم تصدر عن بعض قادة الأحزاب لطاولة المُعارضة الستّة، ويُنتظر أن يجري إعلان البيان النهائي يوم الاثنين المُقبل للجمهور التركي، ثمّة تقارير جرى تناقلها بدايةً تحدّثث عن مُعارضة حزب “الجيّد” بزعامة ميرال أكشينار ترشيح كمال كليتشدار أوغلو، ليجري تأكيدها من قبل زعيمة الحزب أكشينار، حيث أوحت بأن حزبها سينسحب من طاولة الأحزاب الستّة، ولن يكون فيها ليُمارس دور كاتب العدل، وأضافت أكشنار، إنها أعلنت منذ اليوم الأول أن المنافسيْن لأردوغان هما رئيس بلدية إسطنبول إمام أوغلو، ورئيس بلدية أنقرة منصور ياواش، لكن مع الأسف لم يُؤخذ بهذا الرأي في اجتماع الطاولة السداسية، لافتة إلى أن مصلحة الوطن مقدمة على مصلحة الأفراد والأحزاب، و”هذا نهجنا منذ البداية”.

وفي حال استمرار الرفض من قبل حزب “الجيّد” الذي يميل لترشيح رئيس بلديّة إسطنبول أو أنقرة، قد يُشكّل ذلك ضربة قويّة لتحالف المُعارضة، حيث تأثير حزب “الجيّد” وإعلان انسحابه كبير، فهو ثاني أكبر حزب في التحالف المُعارض، ومع هذا يتأمّل المُناصرون لتحالف المُعارضة التركيّة ببعض التصريحات الصّادرة عن مسؤولي حزب “الجيّد” حين علّقوا بعبارات على شاكلة “تركيا ستكون بخير”، و”كل شيء سيكون جيّد”، وهو ما اعتبر إشارة إلى أن الطاولة السّداسيّة لا تزال بخير، مع تصدّر الخلافات بين حزبهم “الجيّد” ثاني أكبر حزب، وحزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المُعارضة الواجهة الإعلاميّة، إضافةً إلى تصريح إيجابي من كمال كليتشدار أوغلو الذي بات اسمه هو المُعطّل لاستمرار طاولة تحالف المُعارضة، وبعد تصريحات أكشينار الصادمة حول انسحاب حزبها من التحالف السّداسي: “لا تقلقوا، ستكون الأمور على ما يُرام”.

لا تُريد المُعارضة التركيّة، ومع هذا فتح ثغرة كبيرة في التحالف السّداسي، وعليه قد يجري لملمة الخلافات حتى يوم الاثنين، وإعلان المرشّح النهائي للجمهور، وإلا سيكون أردوغان أمام مكسب كبير، في حال تعدّد المُرشّحين المُنافسين أمامه، وإحداث شرخ بين أكبر أحزاب المُعارضة “الجيّد”، و” الشعب الجمهوري”، وهذا آخر ما تريده أحزاب المُعارضة، إلا إذا كانت الخلافات أكبر وأوسع، ويُمكن أن تجعل التحالف “خُماسيّاً” نهاية الأمر، وحتى الخُروج ببيانٍ رسميّ الاثنين من قبل 5 أحزاب، وبدون حزب “الجيّد”، ولكن تأثير الأخير على المشهد الانتخابي لا يُمكن إغفاله.

الاقتصاد (التضخّم 60 بالمئة)، كان هو العنوان الأبرز والتحدّي الأكبر بالنسبة للرئيس أردوغان، وهو الذي حاول تقديم حلول من خلال رفع الحد الأدنى للأجور، وتقديم مُساعدات للمُواطنين بدل ارتفاع الأسعار، ولكن التحدّي الأبرز ومدى تأثيره، ولعلّه بات العنوان التنافسي الانتخابي، هو الزلزال المُدمّر الذي ضرب كهرمان مرعش، وعشر ولايات تركيّة، ومدى استجابة الحكومة التركيّة “العدالة والتنمية” لعمليّات الإنقاذ.

المُعارضة التركيّة تُدرك جيّدًا أن كارثة الزلزال كبيرة، وأكبر من إمكانيّات أي دولة، ولكن الاستثمار السياسي الانتخابي في الكارثة وما قبل موعد الانتخابات بقليل، ذهب إلى أبعد ما يُمكن، فالمُساعدات الغذائيّة والخيام كما قالت المُعارضة مثلاً جرى بيعها لا توزيعها، كما أن استجابة حُكومة أردوغان للتعامل مع كارثة الزلزال عرّضتها للانتقادات، بل إن الرئيس أردوغان اضطرّ لتقديم الاعتذار أمام سُكّان ولاية أدي يمان إحدى أكثر المناطق تضرّرًا من زلزال 6 فبراير، وأقر الرئيس التركي “بوجود أوجه قُصور” في طريقة تعامل الحكومة مع الكارثة.

ومن غير المعلوم كيف سيكون تعامل المُعارضة التركيّة مع أزمة المنكوبين جرّاء الزلزال، حال وصولها للسّلطة وهي تُعوّل على استطلاعات تراجع شعبيّة الرئيس أردوغان، وإمكانيّة تأثّر ناخبيه في الانتخابات الرئاسيّة، على خلفيّة “أوجه القُصور” التي أقرّ بها الرئيس أردوغان نفسه، والأخير يعد الأتراك بأنه سيقوم بإعادة إعمار مُدنهم المنكوبة من الزلزال خلال عام، وقد بدأ بتعمير منازل مُؤقّتة لهم.

ومناطق الزلزال بحدّ ذاتها، وقد تحوّلت لمناطق أشباح، وبنايات مُهدّمة (160 ألف مبنى مُتضرّر)، مع مقتل أكثر من 50 ألف شخص، تُثير علامات استفهام حول قُدرة “ناخبيها المنكوبين” بالزلازل، المُشاركة والتوجّه نحو صناديق الاقتراع، فالفاجعة قد تكون أكبر من الرغبة في اختيار الرئيس القادم للبلاد، وهو ما قد يترك أثره على نتائج الانتخابات، وسيزور وفد من المجلس الأعلى للانتخابات في تركيا، منطقة الزلازل الاثنين، لجمع المعلومات اللازمة لإعداد التقرير حول “جدوى إجراء الانتخابات في المنطقة”.

وصحيح أن الإجماع الخُماسي للمُعارضة على اسم كمال كليتشدار أوغلو هو المُتوقّع الاثنين، ولكن رئيس بلديّة إسطنبول أكرم إمام أوغلو، ورئيس بلديّة أنقرة منصور ياواش، لا يزالان ضمن الأسماء المطروحة للتنافس من قبل حزب “الجيّد” ويُصر عليهما، ولافت أن الثلاثة المُرشحين المطروحين للتنافس يتبعون لحزب الشعب الجمهوري المُعارض، ما يطرح تساؤل من نوع هل يتخلّى زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو عن طُموحاته السياسيّة لصالح أي من رئيس بلديّة إسطنبول أو أنقرة، لصالح بقاء تحالف المُعارضة “السّداسي”، وعدم انسحاب حزب الجيّد، تقديماً لهدف خسارة أردوغان، والعودة للحُكم.

وتتوجّه الأنظار نحو رئيس بلديّة أنقرة تحديدًا، والذي ذاع صيته بعد كارثة الزلزال، وأظهرت استطلاعات الرأي تقدّمه بنسبة كبيرة، وحتى إمكانيّة فوزه بالرئاسة، وبالخُصوص قال منصور ياواش: “قادة طاولة الستّة هُم من سيتّخذون القرار المناسب، وإذا قرّروا ترشيحي فسوف يكون هذا واجبي وعليّ الالتزام به”، ووفقاً للقناعة التي تدور في رأس المسؤولين في حزب “الجيّد” بأن على المُعارضة اختيار اسم مُرشّح آخر، فالمُرشّح كمال كليتشدار أوغلو لم ينجح في الفوز على أردوغان والحزب الحاكم مُنذ العام 2010، وهذا يُفسّر سبب رغبة أردوغان استبعاد رئيس بلديّة إسطنبول من المُنافسة بقرار قضائي.

ويُشار إلى أن “الطاولة السداسيّة” المُنافسة لأردوغان، تضم 6 أحزاب، هي: الشعب الجمهوري، والجيد، والسعادة، والديمقراطي، والمستقبل، والديمقراطية والتقدم، وبينما يعتبر أول حزبين هما الأكبر ويحجزان مقاعد داخل البرلمان، فإن الأربعة المتبقية لا تزال صغيرة وخارج البرلمان.

هل تنجح المُعارضة التركيّة إذًا في تجاوز خلافاتها، وتقديم اسم مُرشّحها النهائي الاثنين، أم يكسب أردوغان المُنافسة الانتخابيّة، حتى قبل وصوله لصناديق الاقتراع في الموعد المُقرّر للانتخابات، وتسقط المُعارضة في فخ أسماء المُرشّحين الكُثر اللاتوافقيين، ويشعر الناخب التركي بتفرّقها وضعفها، ويختار رئيسه الحالي مُجدّدًا، وفي ظل أزمات اقتصاديّة، وأخرى طبيعيّة كالزلزال؟

 

 

صحيفة رأي اليوم الالكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى