إذاعة دمشق : (1) الخوف من الصراحة !!

 

لا أعرف إذا كان أمير البزق محمد عبد الكريم يجعل أحداً من الجيل الجديد يشعر بالفخر لأن هذا الأمير من بلده، فأمير البزق مبدع عالمي يجعلك تصغي بانتباه إلى أصابع سحرية خلقها الله لتعزف .

أو ربما لا أعرف إذا كان الأمير يحيى الشهابي يعني الكثير لأبنائنا، والأمير الشهابي إذاعي كبير ينحني له كل الإذاعيين العرب بلا استثناء، وكذلك لا أعرف إذا كان اسم المذيع توفيق حسن يثير في ذاكرة ثقافتهم الوطنية شيئا ما، وتوفيق حسن صورة اللحظة التاريخية عندما تعبر عنها جملة واحدة بحجم الشعب السوري كله.

كذلك يكبر السؤال، ويصبح بحجم الإعلام السوري نفسه: فهل إذاعة دمشق الآن بحجم شهرتها العربية والعالمية، وهل حافظنا على هذه الشهرة، وإذاعة دمشق واحدة من أهم إذاعتين في تاريخ العرب الإعلامي .

أخاف أن أكون صريحا، ف(طق الحنك) في إذاعات (الإف أم) الرائجة الآن من حولنا، طغى على كل شيء، لكن أخاف أن يتمكن هذا الإعلام من شطب الذاكرة الكبيرة والأصيلة، فالإعلام بطريقة(البوب كورن) أضحى في عرف الناس أهم من هذه الشهرة بالنسبة لكثيرين ممن يتعاطون مع وسائل الإعلام السمعية؟!

فيِ ۱۳ شُباط الماضي، أي في (اليوم العالمي للإذاعة)، وهو عيد سنوي اختير تزامناً مع إطلاق إِذاعة الأُممِ المُتّحِدة عام ۱۹٤٦، في هذا اليوم نشرت المذيعة السورية إيمان الرحبي صورة من صور ذاكرتها المهنية، ويمكن إضافة هذه الصورة إلى وثائق الإذاعة السورية، لأنها تنشر لأول مرة، ولأنها أثارت في نفسي مجموعة هواجس تتعلق بالإعلام السوري .

وقبل أن أحكي عن الصورة، أحب التذكير بأن إذاعة دمشق احتفلت قبل نحو أسبوعين بعيدها الثاني والسبعين، ولأن واجبي أن أكون وفيا لمكان عملت فيه نحو أربعين عاما، رتبت برنامجا تلفزيونيا عن الفن الإذاعي الدرامي، والغريب أنني طلبت من الكادر التلفزيوني، الذي يعمل معي، تسجيلاً معروفاً لأمير البزق محمد عبد الكريم يتعلق بافتتاح الإذاعة ، فعجزوا عن جلبه وحتى معرفته إلا بعد أن تدخلت مُلحاً على طلبي، فتم إحضاره قبل دقائق من بث البرنامج على الهواء!!

صدقوني هناك ملايين من السوريين لا يعرفون أمير البزق الذي انحنى له الرئيس الفرنسي الراحل شارل ديغول احتراما لفنه على أحد مسارح باريس، وقيل لي إن الصورة موجودة وأنا أبحث عنها لنشرها، فكيف تغيب صورة أمير البزق عن حضارة السوريين المتجددة.

أخاف أن يكون الجيل الجديد بلا ذاكرة، أخاف أن لايعرف الصحفي عندنا بعد عدة سنوات محمد حسنين هيكل ونجيب الريس وعباس الحامض وغسان الرفاعي ووليد معماري .. أخاف ، وأخاف أن أكون صريحا، فأتهم الجهات المعنية بأنها باردة بليدة تجاه هذه المسألة ..

أعود إلى الصورة التي نشرتها المذيعة إيمان الرحبي، ففيها أسماء مهمة دفعتني لأكتب عنها بطريقتي، ففي الصورة الأمير يحيى الشهابي وهو أمير آخر من أمراء الإذاعة بعد أمير البزق، وكذلك في الصورة المذيع الوحدوي توفيق حسن والمذيعة وفاء حاج ياسين والمذيع منقذ العلي وغيرهم .

ولأن هؤلاء انتقلوا إلى رحمة الله سأكتب عن بعضهم بطريقتي، ليس من باب التعريف بهم، وإنما من باب الذاكرة التي نعتز بها، فهل أبدأ بالأمير يحيى الشهابي أستاذنا الكبير الذي كان أول من قال : هنا دمشق عبر أثير الإذاعة السورية؟

يبدو ذلك مهما .. فماذا سأحكي لكم عنه ؟!

إلى الحلقة القادمة ..

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى