افتتاحية الموقع

إسرائيل بحرب خبيثة وشاملة تحاول تكسير المنطقة. ولا تستطيع المقاومة والعرب إلا الرد ومنعها

‏د. فؤاد شربجي

قبل حوالي شهرين. وعندما بدا أن إسرائيل متوجهة لاجتياح رفح. استدعت واشنطن وزير خارجية العدو غالانت ونصحته بعدم ارتكاب الاجتياح. لأنه سيتسبب بمجزرة بين المدنيين المزدحمين في رفح. ‏وأعلن البنتاجون أن هناك (خطة بديله) للاجتياح. تستطيع إسرائيل عبرها تحقيق أهدافها بشكل أكبر. ودون سقوط مدنيين يحركون الرأي العام العالمي ضد تل أبيب وواشنطن معا. لكن نتنياهو لم يستمع إلى نصائح بايدن. ‏وقام بالأسلحة والقنابل الأمريكية بارتكاب الاجتياح. وباستمرار ‏المجازر ضد المدنيين ليس في رفح وحدها بل في كامل قطاع غزة والضفة. واليوم يقوم نتنياهو باعتماد الخطة البديلة أو الحرب البديلة إلى جانب استمراره في الاجتياح والغزو والتدمير والتهجير والتجويع والقاتل.

‏الحرب البديلة التي طرحتها واشنطن على إسرائيل تتمثل في اغتيالات تطال ‏مراكز عصبية في قيادات المقاومة تحقق لتل أبيب كسر ظهر المقاومة وتأمين ذاتها. وتعهدت واشنطن بتقديم كل المساعدات الاستخبارية واللوجستية اللازمة لتنفيذ وإنجاز هذه الحرب الخبيثة. وكما بات العالم كله يعرف. فإن إسرائيل نفذت في الأسبوع الماضي موجة من هذه الحرب الخبيثة البديلة. تمثلت ‏باغتيالات طالت رئيس أركان حزب الله ‏فؤاد شكر، ورئيس منظمة حماس اسماعيل هنية, وأكدت مقتل قائد طوفان الأقصى محمد الضيف, وقائد لواء خانيونس رافع سلامة, وقصف مراكز مليشيات إيرانية في بابل العراق. وقصفت مراكز للمقاومة في جنوب سوريا. طبعا نفذت إسرائيل هذه الموجة من الحرب الخبيثة ‏بعد زيارة نتنياهو إلى واشنطن. وكما يبدو فقد حصل خلالها من الادارة الأمريكية على (المباركة الأمريكية) للقيام بهذه الحرب الخبيثة ضد الفلسطينيين ومقاومتهم ومن يدعمهم. مباركة أمريكية استخباراتية ولوجستية وتكنولوجية وفرت لإسرائيل تنفيذ ما نفذته من اغتيالات مدانة. من جهتها توعدت طهران بالثأر لكرامتها برد قاس ومذهل. وتعهد حزب الله بالانتقام لقائده العسكري فؤاد شكر برد حقيقي و عميق و شامل. وبات محور المقاومة برمته على طريق الرد لمعاقبة إسرائيل على موجة الحرب الخبيثة التي ارتكبتها بلإغتيالات.

‏بعد هذه الموجة الخبيثة. دخلت المنطقة في مرحلة جديدة من الحرب تمزج إسرائيل فيها النوعين من الحرب. حرب شاملة في قطاع غزة حيث تقتل وتدمر وتهجير. مع حرب خبيثة على امتداد المنطقة حيث تغتال المراكز العصبية لقيادات المقاومة وتدمير المواقع المعتمدة لها. وهذا المزج بين الحربين الخبيثة وشاملة هو وسيلة إسرائيل. ‏ومن ورائها أمريكا لتحقيق (الاغتصاب الثاني) لفلسطين. كما أنها الطريق الساعي إلى إنجاز (الهزيمة الثانية) للعرب بعد هزيمة 1967. وكلاهما الاغتصاب الثاني والهزيمة الثانية. كما تظن الدوائر الصهيونية. إذا تحقق سيجعلان المنطقة متفككة مهزومة مضطربة ومضبوطة في حالة الضعف و تكسر. ولكن شعوب المنطقة وليس المقاومة ‏فقط لن تستطيع أن تسمح لأحلام الشيطان هذه أن تتحقق. ومنطق التاريخ. تاريخ المنطقة وشعوبها تحديدا. يؤكد أن أي قوة معتدية استعمارية مهما بلغت من الخبث والشيطانية والاجرام. لم تستطيع أن تنجح بإدامة عدوانها أو إخضاعها للمنطقة. ومهما طال الزمن وتوالت الجولات. فإن شعوب المنطقة ‏لا تستطيع ولا يمكن لها الاستمرار إن لم تستعيد حقوقها وتهزم أوهام الشياطين الصهيونية.

‏إسرائيل وبكل وقاحة كسرت وتكسر كلمة أمريكا وتجتاح رفح بعدما حذرها بايدن. كما أنها وباستكبار تستمر بارتكاب الإبادة الجماعية في حربها الشاملة على غزة. دون الالتفات إلى استنكار العالم. والتحفظ العلني من الادارة الأمريكية. وإسرائيل تعلن نفسها ‏دولة عنصرية فاشية في قانون أصدره الكنيست باسم (قانون القومية اليهودية). الذي يرفض وجود الآخرين كل الآخرين. وتل أبيب وبكل صلافة تعلن أنها ضد السلام عندما أصدر الكنيست مؤخرا قانونا يرفض قيام أي دولة فلسطينية. نحن أمام دولة عنصرية فاشية. وضد السلام. وترتكب الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين. ‏وتريد ضمان امنها ‏بإنتاج (مناطق ميتة) تحيط بها على حساب دول الجوار. (مناطق ميتة) غير صالحة لا للزراعة ولا للحياة بسبب قصفها بالفوسفور المشع. واليوم تمزج إسرائيل الحرب الشاملة بالحرب الخبيثة. لتنجز ما تتوهمه من إمكانية تكسير المنطقة. وتحطيم ركب شعوبها ‏لجعلها عاجزه عن مجرد الوقوف فكيف بالسير والتقدم إلى الأمام… هدف إسرائيل تكسير المنطقة وكرسحت شعوبها.

‏إسرائيل اليوم باتت قضية أمن قومي عربي ملتهبة. هي كانت كذلك منذ1948. لكنها الآن باتت ملتهبة في قلب الأمة العربية. وصارت بؤرة ملتهبة بحدة خطيرة. وتفاقمت لتصبح مسرطنة. وتهدد المنطقة كلها بسرطانها. وتشكل خطرا على الشعوب العربية برمتها. ولابد من موقف عربي ناضج. ولابد ‏للدول العربية من الانخراط في المواجهة المناسبة والمتناسقة مع ما يجري من العدوان على المنطقة. كيلا يصل التكسير الصهيوني المتمادي والمجرم والمعادي للجميع.. حانت لحظة تجاوز الحساسيات. وأزفت ساعة التوافق اليقظ والحكيم. والمترفع عن الخلافات. للتوافق على موقف ‏يجمعهم للتقدم كدول لمواجهة ومنع استكمال العدوان الإسرائيلي. وكسر محاولات تكسير المنطقة وشعوبها ومستقبل أهلها…

 

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

 

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على الفيسبوك

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على التويتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى