إيران تنتظر صراعاً بين خامنئي ونجاد في الانتخابات الرئاسية المقبلة (نغمة سهرابي)

نغمة سهرابي

الانتخابات البرلمانية في إيران العام 2012 – الأولى منذ الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها العام 2009 – تخللها بعض اللغط. فمن بعض جوانبها أن الصحافة الغربية تناولتها مسبقا: الانتخابات ستكون ساحة للصراع على السلطة بين المرشد الأعلى على خامنئي والرئيس محمود أحمدي نجاد, والمواطنون قد يبقون في منازلهم احتجاجا, والإصلاحيون سوف يتم استبعادهم من المشاركة, والنظام ذاهب إلى تلاعب في الانتخابات مرة أخرى.
في غضون بضعة أيام بعد الجولة الأولى من الانتخابات, في 2 مارس, وقبل الجولة الثانية التي بدأت يوم 6 مايو, تحدثت العناوين الرئيسية في الصحف الناطقة باللغة الإنكليزية عن استمرار توطيد سلطة خامنئي على أحمدي نجاد, نظرا لانتصار الحلفاء القدامى على المحدثين. وكما هو متوقع, كانت نسبة المشاركة- 64 في المئة كما أعلنتها وزارة الداخلية – مرتفعة جداً, مقارنة بالانتخابات السابقة, والحق أن الأخبار "غير المتوقعة" يبدو أنها كانت رؤية الرئيس السابق محمد خاتمي وهو يصوت, مؤكدا وضعه في عيون البعض كخائن لقضية المعارضة.
تركز هذه الدراسة الموجزة على السياسة الداخلية الإيرانية في سياق الانتخابات البرلمانية العام 2012, وعلى النظر في اتجاهات الانتخابات الرئاسية الحادية عشرة في يونيو العام 2013. وعلى وجه التحديد, تركز على تطورات ثلاثة سوف تأتي في العام الأخير من رئاسة أحمدي نجاد, والتي يرجح أن تؤثر في الانتخابات المقبلة: استمرار الصراع على السلطة في إيران على حدود الصلاحيات التنفيذية, ظهور جبهة بايداري التي يدعمها أحمدي نجاد, والدور الذي قد يلعبه الإصلاحيون في انتخابات الرئاسة العام 2013. وتخلص الدراسة الى تقييم الأثر المشترك المحتمل لهذه التطورات المتعلقة بانتخابات العام 2013 والى تناول مسألة ما إذا كان المرشد الأعلى يلعب دورا قويا في السياسة الإيرانية, وأي من هذه التطورات الثلاثة هي المهمة حقاً – وإذا كان الأمر كذلك, فكيف.
الانتخابات الرئاسية في إيران العام 2009 كانت نقطة تحول في تاريخ جمهورية إيران الإسلامية بطريقتين على الأقل. الأولى, التصور العام بحدوث تزوير في الانتخابات أدى إلى قيام أكبر تظاهرات ضد النظام في تاريخ الجمهورية وأكثرها استمرارا, ولاحقا اعتقال ومحاكمة الكثير من الإصلاحيين والصحافيين. ثم أصبحت الأزمة التي تلت ذلك مناسبة لتهميش شخصيات سياسية بارزة, مثل الرئيسان السابقان علي أكبر هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي, إلى جانب مرشحي الرئاسة مير حسين موسوي ومهدي كروبي, من قبل مكتب المرشد الأعلى, والسلطة القضائية ووسائل الإعلام ومؤسسات الدولة الأخرى, وفي أعقاب ذلك ولدت ما أطلق عليها "الحركة الخضراء" التي يعمل معظمها خارج إيران الآن.
الثانية, التخطي العلني للتقاليد الانتخابية في الجمهورية الإسلامية في الفحص الصارم للمرشحين, والتقليل من تزوير الأصوات الفعلية التي تقف علنا مع مرشح واحد في هذا النزاع الخلافي – أحمدي نجاد – فبدلاً من قيام المرشد الأعلى خامنئي بدور الحكم, هز جوهر النظام من أساسه, وتسبب في حدوث هزات ارتدادية ما زال الناس يشعرون بها حتى اليوم.
في أعقاب أزمة 2009, يبدو أن خامنئي وجد في أحمدي نجاد أخيرا, رئيسا لا تختلف أجندته إلى حد كبير عن أجندته (خامنئي). إن فكرة إقامة تحالف بين الرئيس والمرشد الأعلى كانت قوية بما فيه الكفاية لتجاوز الإشارات التي يبدو أنها كانت تشير إلى خلاف ذلك: تأخر أحمدي نجاد لسبعة أيام, في صيف العام 2009, الاستقالة القسرية لنائب الرئيس المعين حديثا, رحيم مشائي, والتحدي المباشر لأوامر خامنئي – ثم الالتفاف وتعيينه رئيسا للأركان, دعمه لوجهات نظر مشائي المبتدعة والقومية فيما يتعلق بالإسلام الإيراني المتفوق في مواجهة معارضة ضارية من قبل رجال الدين في قم, والاشتباكات مع البرلمان وتصريحاته المباشرة وغير المباشرة, معلنا أن الرئاسة هي المكتب الثاني الأكثر نفوذا في النظام الإيراني, بمعنى أن الفرعين الآخرين – السلطة القضائية والسلطة التشريعية – لا يحق لهما وضع قيود على السلطة التنفيذية. كل هذه الصراعات عكست خلافا أساسيا على توزيع السلطة بين جزء من السلطة التنفيذية بقيادة الرئيس, وجزء آخر بنفس القوة إن لم يكن أكثر قوة, أي مراكز صنع القرار في النظام الإيراني, مثل البرلمان ومكتب المرشد الأعلى.
الصراع بين خامنئي وأحمدي نجاد لفت الانتباه الدولي أولاً في مايو العام 2011 عندما وقع خلاف علني بين الرجلين حول حيدر موصلحي, وزير الاستخبارات الإيراني. وقد رفض خامنئي استقالة موصلحي رغم قبول أحمدي نجاد لهذه الاستقالة, ونتيجة لذلك, غاب الرئيس عن مكتبه في الحكومة وعن جلسات مجلس الوزراء لأكثر من أسبوع. الطابع العام لهذه المعركة جعل من المستحيل الاستمرار في اعتبار السياسة الإيرانية معركة بين الإصلاحيين والحركة الخضراء ضد المرشد الروحي والنظام السياسي برمته. وهكذا ولدت رواية جديدة: وهي أن المرشد الأعلى والرئيس مشتبكان في صراع على السلطة. وفي هذا الإطار, كانت الانتخابات البرلمانية العام 2012 هي الساحة الأخيرة في هذه المعركة الملحمية التي كسبها خامنئي وفصائله أخيرا وهزم فيها أحمدي نجاد وحلفاؤه.
على السطح, هذه القراءة للانتخابات البرلمانية كانت صحيحة: حتى قبل بدء الحملة الانتخابية, استبعد "مجلس صيانة الدستور" تقريبا ثلث المرشحين.
والكثير منهم كان يعتقد أنهم من أنصار أحمدي نجاد. وفي العد النهائي لكل جولات الانتخابات, فازت "الجبهة المتحدة" (ينظر لها المحللون كفصيل تابع لخامنئي). بأكبر عدد من المقاعد, وفي معركة البرلمان الذي أعقبت الانتخابات مباشرة, هزم علي لاريجاني, رئيس البرلمان السابق (الذي يناصب احمدي نجاد العداء منذ العام 2007, عندما استقال من منصبه ككبير المفاوضين النووين في إيران) هزم غلام علي حداد عادل, المرشح الذي دعمه أنصار أحمدي نجاد. وهكذا, فان أولئك الذين يبحثون عن أدلة لهزيمة أحمدي نجاد في أروقة السلطة الحقيقية, يبدو أن الكثير منها في متناول اليد. وبعد, فان هذا الإطار المقبول على نطاق واسع ينطوي على افتراضين غير صحيحين. أولاً, الصراع على السلطة لم يكن فقط بين خامنئي واحمدي نجاد. ثانيا, في لعبة السياسة الإيرانية الطويلة, الانتخابات البرلمانية العام 2012 ليست بالضرورة مؤشرا على هزيمة فريق أحمدي نجاد. وبعبارة أخرى, فإنه لم ينته بعد.
أحمدي نجاد, أكثر من أي رئيس آخر منذ العام 1989, لم يتحد خامنئي فحسب, بل النظام السياسي الإيراني بأكمله, رغم أن هذا لم يكن واضحا حتى في فترة ولايته الأولى. ورغم أن رفسنجاني (الرئيس من 1989 إلى 1997) وخاتمي (الرئيس من 1997 إلى 2005) قد واجها معارضة شرسة في بعض الأحيان لاصلاحاتهما الاقتصادية والسياسية والثقافية, على التوالي, فقد كانا يعملان منذ فترة طويلة بخلفية دينية وثورية في آن معا من داخل النظام السياسي نفسه. أما أحمدي نجاد, فقد اتخذ مساراً أقل تقليدية في مقر السلطة وسط طهران: وبصفته ليس رجل-دين, لم يكن جزءا من شبكات رجال الدين ولا من علاقات الزواج التي تربط رجال الدين في إيران بعضهم ببعض. علاوة على ذلك, من خلال خبرته وتنشئته لم يكن يقاتل الشاه (كما حدث بالنسبة للسياسيين الأقدم منه بجيل كامل) بل هو من جيل تلك الحرب الإيرانية-العراقية بين 1980-88 التي أعقبهتا عملية إعادة إعمار تولاها رفسنجاني بطريقة سلبية. بالنسبة لشخص مثل أحمدي نجاد, فان النظام السياسي ما بعد الخميني بكامله باستثناء المرشد الأعلى – في بعض الأحيان كان خطابياً – مرفوض. على هذا النحو, فان أحمدي نجاد يشكل خطرا على النظام السياسي نفسه: في هجومه على البرلمان والسخرية منه, في تهديداته غير المخفية بفضح الفساد "الحقيقي" في إيران, وفي محاولاته الجريئة لتوسيع صلاحيات السلطة التنفيذية إلى أبعد من المستوى المقبول.
إن الهزيمة المفترضة لفريق أحمدي نجاد في الانتخابات البرلمانية لم تؤد الى خفض التوتر بين السلطة التنفيذية وغيرها من المؤسسات السياسية في إيران.
في أوائل العام 2012, شكل أحمدي نجاد "لجنة الإشراف على تنفيذ الدستور" بمرسوم تنفيذي, وعين لها أحد عشر عضوا. وقد تم تصميم هذه اللجنة كوسيلة لاحمدي نجاد وحلفائه في الحكومة لتجاوز القوانين التي أقرها البرلمان والتي رأوا أنها تحد من سلطة رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء. هذا التحرك كان استناداً إلى المادة 113 من الدستور الإيراني, والتي تولي الرئاسة "مسؤولية تنفيذ الدستور". الخلاف الذي نشأ, والذي استمر بعد الانتخابات, يتصل بحقيقة أن هذا المرسوم بمثابة تحد للبرلمان وتجاوز لصلاحيات "مجلس صيانة الدستور". وقد انعكس رد "مجلس صيانة الدستور" عندما أعلن أن المادة 113 لا تنطبق على أي مؤسسة عرفت مسؤولياتها بالفعل بموجب الدستور: بما في ذلك, مجلس صيانة الدستور ومجلس الخبراء, والبرلمان والسلطة القضائية. وقالوا, بناء على ذلك, إن الرئاسة لا يمكنها تشكيل هذه اللجنة الإشرافية. وكان رد الحكومة الاشارة إلى أن الدستور يذكر سلطة الرئيس ومسؤولياته أربعين مرة ومسؤوليات مجلس الوزراء ثلاثة وعشرين مرة, ويمنحهما صلاحيات واسعة.
الصراع على السلطة في إيران اليوم ليس بين شخصين. بل يمتد إلى "الحرس الجديد" من الأطراف السياسية الفاعلة ممن يعتقدون أنهم يطالبون الجمهورية الإسلامية بما كانت قد وعدتهم ولم تنفذ بسبب أجندة خاتمي ورفسنجاني الإصلاحية في السياسات الاقتصادية بعد الحرب. وجاء هذا "الحرس الجديد" في أكثر الأحيان أساسا من النظام السياسي مع نجاح أحمدي نجاد في الانتخابات الرئاسية في العام 2005 (أو ربما في وقت أسبق قليلاً, بمناسبة انتخابه رئيسا لبلدية طهران في العام 2003). القاسم المشترك بين الكثير من هؤلاء السياسيين, مثل أحمدي نجاد نفسه, ورحيم ماشي ومجتبى سماري الهاشمي وسعيد جليلي هو غيابهم في التسعينات عن السياسة الانتخابية أو عن المؤسسات السياسية في طهران. البعض, مثل محمد رضا رحيمي واحمدي نجاد, عينهم آنذاك الرئيس رفسنجاني كحكام مقاطعات, ولم يفقدوا مناصبهم إلا في العام 1997 مع انتخاب خاتمي.
على النقيض من ذلك, فقد تولى أعضاء "الحرس القديم", مثل أحمد توكلي, والرئيسان السابقان رفسنجاني وخاتمي, وعلي لاريجاني, وحتى كروبي وموسوي, مناصب مقرها في طهران, بالقرب من مركز السلطة, منذ قيام الجمهورية الإسلامية في العام 1979. بينما "الحرس الجديد" في بعض الأحيان تقاطعت مصالحه مع مصالح أولئك المحافظين من الحرس القديم (لا سيما فيما يتعلق بتحييد الإصلاحيين) ومن الواضح أنهم لم يستثمروا في الحفاظ على شكل النظام السياسي كما فعل شخص مثل خامنئي (الذي تولى الرئاسة نفسه من 1981 إلى 1989), ناهيك عن رفسنجاني وخاتمي, اللذين بدأت حياتهما السياسية حقاً في العام 2005.
تجلى هذا "الحرس الجديد" قبل الانتخابات البرلمانية في العام 2012 وخلالها وبعدها من خلال إنشاء جبهة بايداري أو جبهة المقاومة (ثمة من يترجمها أيضا الجبهة الدائمة أو الجبهة الثابتة, أو جبهة بايداري). تم تشكيل هذا التحالف أو الفصيل السياسي بقيادة آية الله مصباح يزدي, أحد تلامذة آية الله الخميني, وأقرب حليف عقائدي لأحمدي نجاد في قم. وقد ترافق ولوج يزدي إلى جوهر هيكل السلطة في إيران مع تولي أحمدي نجاد للرئاسة.
تطالب جبهة بايداري بدعم رئاسة أحمدي نجاد بكل احترام وبدعم ثابت لرئيس لرئيس الأركان (صهره), رحيم ماشي. لكن, أحداث العام 2009 وصفت بأنها "تحريض على الحقد الديني" كانت بالنسبة ليزدي وجبهة بايداري بمثابة نقطة التقاء رئيسية. وهكذا, في بيان على الإنترنت, عرف فصيل بايداري عن نفسه بمعارضته القوية لكل من الإصلاحيين و "التحريضيين " العام 2009: "أعضاء هذه الجبهة هم جميع أولئك الذين أظهروا ولاءهم الكامل لمدرسة الامام الراحل"آية الله الخميني", ومن خلال عدم التأييد أو الصمت في مواجهة الفتنة العام 2009, فقد واجهوا التحريضيين من خلال اتخاذهم مواقف شفافة. لم يؤيدوا أو يوافقوا حركة الانحراف, ولم يتبعوا أي من الأطراف الكاذبة, مثل حركة "كارجوزاران الغربي" "المرتبطة بالرئيس السابق أكبر هاشمي-رفسنجاني" ولا الإصلاحيين المناهضين للدين "المرتبطة بالرئيس السابق خاتمي".
عداء بايداري امتد إلى المحافظين الاصلاحيين مثل علي لاريجاني الذي اتهم حتى قبل الانتخابات البرلمانية بأنه من "الساكتين" ازاء "فتنة العام 2009". لكن لاريجاني رد في 9 مايو 2012 بالقول: "بدلاً من التصدي لمشكلات الناس, مثل التضخم والبطالة, فهم يثيرون باستمرار قضايا أخرى, مثل "العصيان" أو "الانحراف". ويتابع ساخرا متسائلا: من أي كوكب تأتي هذه "النظريات"?
الفرق بين جبهة بايداري وبقية النخبة السياسية في السلطة فرق حقيقي. ويبدو ذلك أكثر وضوحاً في رفض بايداري المطلق للانضمام إلى بقية الاصلاحيين قبل وبعد الانتخابات البرلمانية في العام 2012, وتبدو واضحة الآن رغبة بايداري المعلنة في تقديم مرشح لها في الانتخابات الرئاسية المقبلة العام 2013. في الفترة التي سبقت الانتخابات البرلمانية العام 2012, عاندت بايداري ورفضت العرض المقدم من أكبر مجموعة اصلاحية "الجبهة المتحدة" للانضمام إليها في قائمة موحدة بطهران ويحجز مقعدان لبايداري. هذا الرفض انتهى بثمانية من برلمانيي طهران خارجا من أصل ثلاثين. عند ظهور النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية العام 2012, أصبح من الواضح أنه كان هناك تحول كبير جداً: مئة وثمانية وستون من أصل 268 من أعضاء البرلمان يدخلون البرلمان للمرة الأولى, وكان ثلثهم من المستقلين. بالإضافة إلى ذلك, فان 100 من أعضاء البرلمان كانت تدعمهم جبهة بايداري. وكان التوافق بين عدد كبير من مجهولين وبين جبهة بايداري جعل انتخاب رئيس البرلمان موضع منافسة لم يسبق لها مثيل. رغم نداءات مجموعات رئيسية من الاصلاحيين إلى بايداري لتنحية خلافاتهم جانبا وتشكيل جبهة موحدة, فقد دعمت جبهة بايداري غلام علي حداد عادل, رئيس البرلمان السابع من 2004 إلى 2008, ضد رئيس البرلمان الثامن, علي لاريجاني – المعروف بعدائه الكبير لأحمدي نجاد وحزبه. لاريجاني فاز بفارق كبير قي الأصوات, وشغل حلفاؤه جميع المناصب المهمة في البرلمان التاسع ورؤساء اللجان. ومع ذلك, شكلت بايداري فصيلا خاصا بها داخل البرلمان, ووضعت اللمسات الأخيرة للقطيعة مع الاصلاحيين الآخرين.
من ناحية, في فترة وجودها القصيرة, هزمت جبهة بايداري في كل منعطف: إنها جبهة أقلية, ومرشحوها أبعدوا عن جميع المناصب المهمة في البرلمان التاسع. ولكن إذا كانت الانتخابات في إيران – كما يوحي المحلل الإيراني عباس عبدي هي الوسائل التي من خلالها تقدم مختلف المجموعات والأطراف نفسها في الواجهة السياسية للمجتمع, فان انتصار بايداري يكمن في صورتها القوية في تلك الواجهة التي هي البرلمان.
وجود جبهة بايداري في البرلمان, حتى بفصيل أقلية, يمكنها من تطوير نفسها لتصبح العاملاً عاملاً في السياسة الداخلية الإيرانية, ولا سيما في الانتخابات الرئاسية المقبلة حيث تنشط الجبهة, يشهد على ذلك صيانة موقع ويب حي ونشط تستخدمه للدفاع عن نفسها من اتهامات بالهرطقة (أو الانحراف, كما يسمى في إيران) وتقف ضد بعض أقرب حلفاء أحمدي نجاد, للتأكيد على دعمها للمرشد الأعلى, ولشرح وجهات نظرها حول انتشار بايداري, بالاضافة لإعادة طبع الكثير من خطب آية الله مصباح يزدي. من ناحية أخرى, المجموعة الاصلاحية الأكبر(الجبهة المتحدة) توقف نشاطها على الإنترنت بعد وقت قصير من نجاحها الانتخابي في مايو 2012. الفرق بين النشاط على الإنترنت (أو عدمه) بين فريق برلماني منتصر وفريق بايداري يشير بقوة إلى أن لهذا الأخير نوايا طويلة الأجل في أن يكون طرفا فاعلا في اللعبة السياسية الإيرانية.
أي دور, إن وجد, سيلعبه الإصلاحيون في الانتخابات الرئاسية العام 2013?
على بعد ما يقرب من العام قبل الانتخابات, هناك حاليا ثلاثة خيارات يتداولها الإصلاحيون: هل يقاطعون الانتخابات الرئاسية? أو يتقدمون بمرشح, أو يوجدوا تحالفا مع من يسميهم بعض الإصلاحيين "الاصلاحيون المعتدلون"?.
إن خيار مقاطعة الانتخابات خيار صعب بصفة خاصة على شخصيات إصلاحية ثابتة, لأنهم يتصورون أن حركة الإصلاح تحددها السياسة الانتخابية: الاعتقاد بأن الانتخابات أداة للتغيير التدريجي في إيران. بدأت الانتخابات الرئاسية العام 1997 ( تم تصورها خلال الانتخابات البرلمانية التي جرت العام 1996, إن لم يكن في وقت سابق), وقد شاركت حركة الإصلاح في الانتخابات وكان شعارها الاساسي "حكم الشعب". اشتهر خاتمي كرئيس إيران الوحيد الذي أوجد انتخابات مجلس المدينة (تسمح بها المادة 6 من الدستور ولكن حتى الآن لم تنفذ على الإطلاق) وأضافها إلى قائمة الجمهورية الإسلامية للانتخابات عند وصوله إلى السلطة في العام 1997.
ثم إن السؤال الموجه للإصلاحيين, ما إذا كانوا سيقاطعون الانتخابات, هل هم يتراجعون عن مشروعهم الإصلاحي الكامل كما يفهمونه? وكان هذا احد الأسباب الرئيسية التي دعت خاتمي (رفسنجاني أقل بشكل غير متوقع) للمشاركة في الانتخابات البرلمانية العام 2012. (قيل إن خاتمي, بعد أن قرر التصويت, كتب "الجمهورية الإسلامية" على صوته بدلاً من اسم أي مرشح).
على مستوى عملي أكبر, وبالعودة إلى مفهوم عباس عبدي عن الانتخابات كواجهة سياسية, فان عدم المشاركة في الانتخابات بمثابة اختيار للخفاء. ولكن إذا رفض هذا الخيار, يبقى السؤال للإصلاحيين عما إذا كان ينبغي أن يشاركوا على شكل مرشح إصلاحي مستقل أو كجزء من تحالف مع مجموعات سياسية أخرى. ويبدو من المستبعد جداً أن يسمح "مجلس صيانة الدستور" لأي شخصية إصلاحية معروفة بالدخول في انتخابات العام 2013 كما أنه من غير المحتمل أن تحصل هذه الشخصية الأقل شهرة على ما يكفي من الأصوات للفوز حتى لو لم يكن هناك تزوير.
الخيار الباقي هو إقامة تحالف بين الإصلاحيين والاصلاحيين المعتدلين. مفهوم "الاصلاح المعتدل" مفهوم جديد اكتسب بعض الشهرة في العام الماضي.
"الاعتدال" يستخدم هنا بمعنى محدود نوعا ما كنقيض ل "الراديكالية", وينسب في السياق السياسي, إلى الاصلاحيين الذين لهم – على حد تعبير رئيس بلدية طهران, محمد باقر كاليباف – "خطاب عقلاني في منتصف الطريق ". وفيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية المقبلة, يستخدم بشكل فضفاض عند الاشارة الى اولئك المحافظين مثل محسن رضائي ممن أشاروا إلى أنهم منفتحون على إقامة تحالف مع "كل المجموعات السياسية المعتدلة, من اصلاحيين وسواهم" خلافا لجبهة بايداري, التي ناقشنا سابقا موقفها الرافض للإصلاحيين.
من المفارقات أن الصراع على السلطة الذي ناقشناه في القسمين الأول والثاني من هذه الدراسة الموجزة أدى إلى خفض حدة التوتر بين الإصلاحيين وبعض المجموعات المحافظة ممن يشكلون الآن بوضوح تهديدا حقيقيا للنظام الراديكالي سواء الحرس الجديد أو فصيل مصباح يزدي, أحمدي نجاد. بيد أن تحالفا سيتطلب تنازلات من كلا الجانبين. على الجانب الاصلاحي, يتطلب الأمر تخفيفا في الخطاب المناهض للاصلاحيين, ويعني أيضا التوقف عن استخدام كلمة "الفتنة" فيما يتعلق بالأزمة التي أعقبت انتخابات 2009, وعلى الجانب الآخر, أن يكون مستعدا لأن "يغفر" الأحداث التي وقعت في العام 2009, ما يعني عدم الإشارة إليها على أنها الانتخابات المسروقة.
الدليل على وضع ميثاق بين هذين الفصيلين يمكن تبينه من خلال الشائعات بأن مهدي كروبي – الذي هو قيد الإقامة الجبرية منذ فبراير 2011 – سيتم الافراج عنه قريبا. المهم هنا أن تلك الشائعات تضمنت أخبارا (نفاها معسكر كروبي) مفادها أن محمد خاتمي التقى زوجة كروبي وشدد على أهمية الانتخابات الرئاسية العام 2013, معربا عن أمله بألا تؤدي مواقف كروبي إلى انقسامات بين الإصلاحيين بعد الإفراج عنه". في سياق النقاش الالعام الأوسع بين الإصلاحيين (والذي يتضمن مناقشات بشأن العلاقة بين الحركة الخضراء والإصلاحيين ) واعتقاد خاتمي بأن الإصلاح يتحقق فقط بالعمل داخل هذا النظام, يمكن للمرء أن يتكهن بأن خاتمي وربما غيره من الإصلاحيين المعروفين قد وافقوا على المشاركة في النظام السياسي مقابل عدم تشويه سمعة حركتهم, ودورها في أزمة العام 2009 .
ثمة مسألتان مهمتان. الأولى, ماذا يرجح أن يكون الأثر العام لتلك القضايا التي نوقشت أعلاه على الانتخابات الرئاسية العام 2013? والثانية , ما اهمية تلك القضايا بالنظر الى سلطة المرشد الأعلى في النظام السياسي الإيراني?
فيما يتعلق بتأثير المسائل التي أثرناها في هذه الدراسة الموجزة على الانتخابات الرئاسية العام 2013, يتعين على المرء أن ينظر في نوع هذا الأثر الذي نتحدث عنه. إذا تحدثنا عن احتمال إجراء انتخابات ديمقراطية في العام 2013, فإن الجواب هو ليس كثيرا. ولكن في سياق البيئة السياسية الحالية في إيران, وربما حتى في اطار تغير تدريجي طويل الأجل, فالمسألة تحتاج إلى معالجة على ثلاثة مستويات متداخلة: المرشحون للرئاسة, جمهور الناخبين والانتخابات.
مرشحو الرئاسة: إن صعود جبهة بايداري, لا سيما إذا ترجم إلى تقديم مرشح مستقل للرئاسة, قد يكون بمثابة دفعة إضافية لإقامة تحالف بين الاصلاحيين والاصلاحيين المعتدلين في الحملة الانتخابية العام 2013. وفي حال رغبة الاصلاحيين غير الراديكاليين ( كل من المحافظين والمعتدلين) في دحر جبهة بايداري الشعبوية الراديكالية (أو أي جهة أخرى منحازة لأحمدي نجاد) فالمرشح لابد ان يتجاوز الخلافات الحقيقية طويلة الأمد مع الإصلاحيين, والتحالف يمكن أن يؤدي إلى تقديم مرشح الوسط. هذا المرشح يحتمل ألا يلتزم بخطط الإصلاحيين في الإصلاح السياسي ولا يعارضها بشدة. في حين أن الأسماء المطروحة في هذه المرحلة المبكرة من الدورة الانتخابية ليس بالضرورة الإعلان عنها قبل تسعة أشهر, والحقيقة أن أسماء مثل محسن رضائي وعلي لاريجاني ومحمد باقر كاليباف – جميعهم محافظون معروفون, وسياسيون عمليون – يتم تداولها كأسماء مرشحة, ما يمكن أن يعكس المزاج العام الحالي من النخبة السياسية في إيران.
جمهور الناخبين: للتصويت معنى مختلف لدى شرائح مختلفة من المجتمع, وبعض هذه المعاني لا تعبر بالضرورة عن تطلعات ديمقراطية. على مدى ثلاثة وثلاثين العاماً في إيران, ما بين 50 و 60 في المئة من الجمهور دائماً يشاركون في الانتخابات, ما يقرب من 20 في المئة لا يشاركون بغض النظر عن المرشحين, والباقي تقريبا 20 إلى 30 في المئة يشاركون عندما يشعروا أن هناك منافسة حقيقية على أصواتهم. وهذه الفئة الأخيرة يمكن أن تقتنع بالدخول في المعمعة السياسية في ظروف مناسبة, ما قد يسبب في اتجاه الانتخابات تاريخيا لصالح المرشحين الإصلاحيين.
الانتخابات: استمرار الصراع بين السلطة التنفيذية وبقية النظام السياسي سيكون له بلا شك تأثير على العملية الانتخابية نفسها. كما أظهرت بوضوح انتخابات العام 2009, في نظام كنظام ما بعد الثورة في إيران, فان مسار الانتخابات لا يتحدد تماما عبر مؤسسات مثل مجلس صيانة الدستور فحسب, بل أيضا عبر موقع وزير الداخلية, المسؤول عن تنفيذ عملية التصويت ذاتها والإشراف عليها. وبعبارة أخرى, لم يكن ممكناً حدوث تزوير على نطاق في انتخابات 2009 من دون تعاون وزارة الداخلية مع أحمدي نجاد. ونظرا لأن وزارة الداخلية مسؤولة عن إجراء الانتخابات في إيران, فهي تلعب دوراً حاسما في عملية انتقال السلطة من رئيس إلى آخر. وهذا يعطي الرئيس المنتهية ولايته إدارة السلطة, إن لم يكن في رسم الانتخابات تماما, فبالتأثير بها بطرق فاعلة على الأقل. ولكن كما ورد في هذه الدراسة, ما تغير في السنوات الثلاث الماضية هي مختلف المجموعات التي كان يجمعها يوما الرغبة في منع تولي إصلاحي آخر الرئاسة أصبحت اليوم منقسمة أساسا بين خطين موالي للحكومة ومناهض لها. والعداء بين حلفاء الامس هؤلاء يكشف عن مسألة المدى الذي يسمح به أحمدي نجاد, من خلال الصلاحيات الدستورية الممنوحة لحكومته, في انتقال سلس للسلطة العام 2013.
ومع ذلك, السؤال المهم الثاني, هل ثمة أهمية لتلك القضايا حقاً بالنظر الى سلطة المرشد الأعلى في النظام السياسي الإيراني? بالنسبة للكثيرين, سواء من داخل إيران أو من خارجها, الإجابة بسيطة وقوية: لا, ولسبب وجيه جداً. خامنئي كان وراء أزمة 2009 التي استخدمها بكل وضوح لتوطيد قبضته الكاملة, وقبضة الحرس الثوري في النظام السياسي في إيران. وقد ذهب كثيرون إلى أن العام 2009 كان نقطة تحول في الجمهورية الإسلامية التي تحولت من حكم ثيوقراطي (حكم ديني) جمهوري الشكل إلى حكم دكتاتوري عسكري ثيوقراطي الشكل. وفي هذا الإطار ليس هناك خيار حقيقي, وبما أن جميع الساسة يأتمرون بأوامر خامنئي وحلفائه فان المناقشات والمنازعات داخل النظام هي في أحسن الأحوال واجهة تعمل على إخفاء طبيعة النظام السلطوي. على هذا النحو, ووفقا لهذا الفهم للسياسة الإيرانية, فان جدية التطورات الواردة في هذه الدراسة تبقى من السذاجة بمكان, طالما أن خامنئي والحرس الثوري سيحددان نتائج هذه الانتخابات, كما فعلا في انتخابات الرئاسة العام 2009, وفي الانتخابات البرلمانية العام 2012 وبعض – أو كل – الانتخابات قبل ذلك. وتنطبق هذه الحجة, حتى على السياسة الخارجية الإيرانية – النقطة الرئيسية لقلق المراقبين الغربيين – لا نتائج الانتخابات, ناهيك عن تفاصيل المشاحنات الداخلية – بل المسألة النووية – خامنئي هو الذي يقرر في نهاية المطاف, بغض النظر عن الذي يحتل المركز الثاني الأقوى في إيران.
ولكن نظرة متفحصة للممارسة السياسة في إيران تنم عن هفوات عدة في هذا السرد. أولاً, بينما لخامنئي القول الفصل في السياسة الإيرانية, فالسلطة الكاملة ليست بيده. هناك عدد كبير جداً من مراكز القوى في النظام ستقاوم هذا النوع من الحكم الشمولي كأولئك الذين يحتجون بأن الانتخابات في إيران لا أهمية لها. فعلى سبيل المثال, "حراس الثورة" ورجال الدين في قم, شبكتان من شبكات هامة وقوية في إيران, تتماشى تماما مع أي فصيل سياسي. ولكل منها مصادر المال وشبكات شعبية واسعة ومصالح خاصة. والتقاء مصالحها حتى الآن مع خامنئي (ولا سيما بالنسبة للحرس الثوري), أو التزامها الصمت حول قضايا خلافية ينبغي إلا يؤخذ كدليل على السلطة الكاملة للمرشد الأعلى. حتى في المجال النووي, كما لاحظ الباحث السياسي صادق زيباكلام عند استقالة علي لاريجاني كبير المفاوضين النوويين في إيران: "إنه لا يزال القائد الأعلى الذي له الكلمة الأخيرة في القضية النووية. لكن من الواضح أن الزعيم لا يتخذ قرارات من فراغ".
ثانيا, أثبتت أحداث السنوات الثلاث الماضية في إيران بكل وضوح أنه يمكن التلاعب بالسياسة في إيران, لكن لا يمكن التحكم بها بشكل كامل.إذا أراد المرء أن يقول إن كل ما حدث في إيران على مدى تلك الفترة الزمنية كان عن عمد – كالاقتتال السياسي الداخلي الواسع, حتى في بعض الأحيان بين مؤيدي خامنئي الأكثر ولاء, وأزمة الشرعية التي نشأت في العام 2009, ولا سيما بعد ادعاءات بحدوث حالات اغتصاب في سجن كهريزاك, والحاجة دائما إلى خامنئي للتدخل في المعارك القائمة بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والتضخم الكبير, والشعور بالضيق العام الذي استنزف شريحة واسعة من المواطنين – ثم يتعين على المرء أن ينطر ويقول هل خدمت هذه الأحداث المرشد الأعلى ودائرته. في الحقيقة, هناك حديث عن صراع على السلطة في إيران بين أحمدي نجاد وخامنئي, بغض النظر عما إذا كان خامنئي قد خرج منتصرا فيه أم لا, وهذا يقوض مفهوم النظام السياسي الحتمي او الشامل.
أخيرا, أي تفسير للسياسة الإيرانية يجب أن يفند لماذا خرج – إذا كانت الانتخابات غير مهمة – ثلاثة ملايين مواطن إلى الشوارع في يونيو 2009 لكي يصوتوا? الفروق بين مختلف المرشحين بغض النظر عما إذا كانت تبدو من الخارج في حدها الأدنى, وبين مكتب الرئيس تبدو قليلة, فيما يتعلق بالمسائل التي تهم المجتمع الدولي, فمن الواضح أن الانتخابات تعني شيئا ما لعدد كبير من المواطنين في إيران. الاختلافات بين الرؤساء الإيرانيين الثلاثة ما بعد الخميني قد تبدو ضئيلة من بعيد, ولكن من وجهة نظر الجماهير, هناك اختلافات حقيقية بينهما. بالنسبة لأولئك الذين توجه اليهم احمدي نجاد في جولات على أقاليم عدة, على سبيل المثال, ثمة مؤشر ما في تفاعلهم مع رئيسهم لأول مرة, و تقديمهم لمظالمهم, وفي بعض الحالات تمت معالجة تلك المظالم. بالنسبة لآخرين, مع ذلك, فان الإجابة على السؤال "هل أنت أفضل حالاً الآن? هي نفي مدو, لأن حياتهم المعيشية اليومية تراجعت من خلال ارتفاع أسعار المواد الغذائية, وانعدام الأمن الاجتماعي (الناجم, على سبيل المثال, عن تفتيش قوات الباسيج للمساكن الخاصة بحثا عن أطباق الأقمار الصناعية غير القانونية ولكن المنتشرة في كل مكان بإيران) – ناهيك بارتفاع أعداد السجناء السياسيين, وخنق جماعات المجتمع المدني, وارتفاع المستوى العام للقمع السياسي. وفي هذا السياق,من الأمور المجهولة فيما يتعلق بحلول العام 2013 ما إذا ستتمكن هذه الشريحة من الناخبين من الكف عن نكران مواجهة ذكرى 2009 وتهديد انتخابات أخرى غير شرعية, بحيث يأتون مرة أخرى إلى صناديق الاقتراع.

دراسة وضعها الكاتب لجامعة برانديز- كراون سنتر لدراسات الشرق الأوسط
نشرتها صحيفة السياسة الكويتية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى