تحليلات سياسيةسلايد

اتفاق بين بوركينا فاسو وروسيا يبعد فرنسا أكثر عن أفريقيا

أعلنت حكومة بوركينا فاسو أنها وقعت اتفاقاً مع روسيا لبناء محطة نووية “تغطي احتياجات السكان من الطاقة”، في بلد لا تصل الكهرباء فيه سوى إلى ربع السكان، ليكون الاتفاق بمثابة ترسيخ للنفوذ الروسي في إحدى الدول الأفريقية التي لم تعد تقبل بالوجود الفرنسي على أراضيها.

وتسعى بوركينا فاسو التي يحكمها نظام عسكري منذ العام الماضي إلى تنويع شركائها، وتقربت بشكل ملحوظ من روسيا التي تحاول التمدد في أفريقيا عبر التعاون الاقتصادي، بعد توتر علاقات فرنسا مع هذه الدول وتنامي غضب الشعوب من المستعمر القديم. فيما تراقب أوروبا بقلق كبير التطورات الراهنة.

وقالت حكومة بوركينا فاسو في بيان إن “حكومة بوركينا فاسو وقعت مذكرة تفاهم لبناء محطة نووية”. وأضافت أن “بناء هذه المحطة النووية في بوركينا فاسو يهدف إلى تغطية احتياجات السكان من الطاقة”.

ووُقع هذا الاتفاق بمناسبة أسبوع الطاقة الروسي الذي أقيم في موسكو وشارك فيه وزير الطاقة البوركيني سيمون بيير بوسيم.

وأكدت حكومة بوركينا فاسو في البيان أنّ الوثيقة “تجسّد رغبة الرئيس … إبراهيم تراوري التي أعرب عنها في تموز/يوليو الماضي في القمة الروسية الإفريقية، خلال حديث مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين”.

وفي نهاية عام 2020، كان 22.5 بالمئة فقط من سكان بوركينا فاسو (67.4 بالمئة في المناطق الحضرية، و5.3 بالمئة في المناطق الريفية) يحصلون على الكهرباء، وفقًا لأرقام بنك التنمية الإفريقي.

ويحكم إبراهيم تراوري بوركينا فاسو بعدما وصل إلى السلطة من خلال انقلاب في أيلول/سبتمبر 2022 كان الثاني خلال ثمانية أشهر.

ومنذ وصوله إلى السلطة، ابتعدت بوركينا فاسو عن فرنسا الشريك التاريخي والقوة الاستعمارية السابقة. وسحبت فرنسا قواتها المنتشرة في البلاد لمكافحة المتمردين الإسلاميين بطلب من القيادة الجديدة. وتقربت واغادوغو بشكل ملحوظ من موسكو.

واليوم باتت أفريقيا ساحة صراع بين القوى العظمى التي تبحث عن امتدادات جيو استراتيجية واقتصادية في القارة السمراء، وبينما ينحسر النفوذ الأوروبي والفرنسي تحديداً في هذه المنطقة. تعمل روسيا على تقديم مساعدات عسكرية تشمل عتاداً وعناصر أمنية ميدانية تابعة لمجموعة “فاغنر” لدول أفريقية عدة تعاني تنامي المجموعات المسلحة، كما تسعى إلى ضمان شراكة اقتصادية قوية من خلال صفقات بيع الحبوب وتعزيز التعاون في مجال الطاقة.

وتعني إفريقيا بالنسبة إلى روسيا مصدرا للثروات المهمة من الموارد الطبيعية كالنفط والغاز والمعادن والأخشاب والثروة الحيوانية.

ويصف محللون صراع القوى الكبرى، بالحرب الباردة  التي تدور رحاها بين روسيا والغرب وساحاتها أفريقيا، إذ تدرك موسكو أن الغرب يعمل على محاصرتها، لذلك تبحث عن تحالفات جديدة مع عدد من دول القارة السمراء، وغيرها على غرار مجموعة “بريكس”، وأيضاً من خلال الشركات الأمنية التي تمكنها من تنفيذ مهام عسكرية خارج الحدود الروسية، ولا يمكن أن يقوم بها الجيش النظامي.

وتفاخر روسيا بأنها لا تملك ماضياً استعمارياً في أفريقيا، وهي نقطة جاذبة لشعوب القارة الباحثة عن حليف جديد، قد تجني منه بعض المكاسب، عكس ما عاشته من استنزاف فرنسي لثرواتها الطبيعية، لذلك رفع العلم الروسي في واغادوغو في بوركينافاسو من قبل الغاضبين من الحكومة والداعمين للجيش في انقلابه، كما رفرف مجدداً في النيجر من قبل المرحبين بانقلاب الجيش على الرئيس محمد بازوم.

في المقابل تخسر فرنسا العديد من المواقع في أفريقيا، بفعل التمدد الروسي وتنامي رفض الشعوب الأفريقية الوجود الفرنسي في دولهم، التي تعاني عدم استقرار سياسي وتزايد خطر الحركات الانفصالية المسلحة، بينما تقدم شركة “فاغنر” الأمنية الروسية نفسها كحليف في مكافحة الإرهاب في عدد من الدول الأفريقية.

ويعد التعاون العسكري بين روسيا والدول الإفريقية أساس الشراكة، وهناك العديد من الدول الإفريقية تربطها علاقات عسكرية متينة بروسيا من خلال عقود توريد الأسلحة والمعدات العسكرية وكذلك من خلال التدريب والاستشارات واتفاقيات التعاون الأمني والاستخباري. وتعتبر إفريقيا ثاني أكبر مستورد للأسلحة الروسية بعد قارة آسيا.

 

ميدل إيست أون لاين

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى