اسرائيل: “اللهم أحْفَظْنا من أصدقائنا ومن مزاجية ترامب” بعد رفضه تلقّي مُكالمةً هاتفيّةً من نتنياهو لمنع لقاءٍ مع روحاني وتصريحه بعد الانتخابات الأخيرة بأنّ أمريكا تتعامَل فقط مع إسرائيل

 

كشف المُحلِّل السياسيّ في القناة الـ13 بالتلفزيون العبريّ، باراك رافيد، مساء أمس الجمعة النقاب نقلاً عن مصادر رفيعة المُستوى في كلٍّ من تل أبيب وواشنطن، أنّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، وبعد أنْ نما إلى مسامعه بأنّ لقاءً قد يُعقَد بين الرئيس الإيرانيّ، حسن روحاني، ونظيره الأمريكيّ، دونالد ترامب، اتصلّ هاتفيًا بترامب وطلب التحدّث معه في مسعىً لإفشال اللقاء المُفترض، وتابع المُحلِّل، نقلاً عن المصادر عينها، إنّ ترامب رفض تلقّي مكالمة نتنياهو الهاتفيّة، الأمر الذي كان بمثابة رسالةٍ واضحةٍ بأنّ الرئيس الأمريكيّ لا يأبه بالأصدقاء، وما يُحرّكه أمريكا أولاً أوْ بالأحرى ترامب أولاً، على حدّ تعبير المُحلِّل الإسرائيليّ.

وهذه الحادثة تكشِف قليلاً عن مزاجية ترامب في تعامله حتى مع الحبيبية-الربيبة إسرائيل، وهو الأمر الذي حذّر منه العديد من الساسة في الكيان والمُحلِّلين في وسائل الإعلام العبريّة، مُذكّرين في الوقت نفسه أنّ مصادر أمريكيّة كانت قد ذكرت أنّ اعتراف ترامب بالسيادة الإسرائيليّة على هضبة الجولان، يأتي خارج أيّ سياقٍ سياسيٍّ تقليديٍّ للولايات المتحدة، ولا يستند على أيّ قاعدةٍ قانونيّةٍ يُمكِن مقارنتها بقرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكيّة إلى المدينة.

وأوضحت أنّ ترامب أقدم على هذه الخطوة لمساعدة نتنياهو سياسيًا في انتخابات أبريل (نيسان) الماضي، باعتباره حليفًا شخصيًا له، وأشارت إلى أنّ الخطوة الأمريكيّة تمثل تدخلاً فجًا ومُباشِرًا بالانتخابات الإسرائيليّة على نحوٍ لم يسبق أنْ مارسته أيّ إدارةٍ أمريكيّةٍ سابقةٍ.

ووفقًا لصحيفة (هآرتس) العبريّة، رأت مصادر دبلوماسيّة غربيّة أنّ واشنطن التي لطالما قادت إدارة الصراع في الشرق الأوسط، تتخذ خيارات أحادية منعزلة عن أيّ تشاورٍ دوليٍّ، على نحوٍ قد يُبقي تدابيرها وقراراتها بشأن إسرائيل ثنائية أوْ محدودة التداول ولا تنسحب على الدوائر الدوليّة وتُقابَل برفضٍ إقليميٍّ واضحٍ. ومن الجدير بالذكر أنّ كبار الاختصاصيين والمُحلِّلين في إسرائيل تبنّوا الموقف القائل إنّ الهدف الأول من الموقف الأمريكيّ تجّاه الجولان في هذا التوقيت هو دعم نتنياهو في الانتخابات، وهو ما ظهر بوضوحٍ خلال الزيارة التي قام بها لواشنطن.

وبناءً على ما تقدّم يُطرَح السؤال: هل هناك علاقة بقرار الجولان وما يُسمّى (صفقة القرن) أوْ الخطة الأمريكيّة لتسوية الصراع العربيّ الإسرائيليّ؟ وطبقًا للخبراء في تل أبيب فإنّ كلّ المؤشرات تؤكّد بالطبع أنّ الإجابة هي نعم، فكلّ المواقف التي تصدر عن إدارة ترامب منذ انتخابه تؤكّد سعيه لتنفيذ الخطة عقب انتهاء الانتخابات الإسرائيليّة رغم الغموض الذي يحيط بها، الأمر الذي يزيد من دقّة المشهد السياسيّ في الكيان، والدول العربيّة والأوروبيّة.

ولكن في المُقابِل يجب التذكير بأنّ إسرائيل ما زالت حتى اللحظة تُعبِّر عن الصدمة وخيبة الأمل، في أعقاب قرار ترامب سحب القوة العسكرية الأمريكيّة من الأراضي السوريّة، فالقرار الذي وُصف بـ”الصفعة” و”الهروب الأمريكيّ” و”المزاجية”، اعتُبِر في تل أبيب أيضًا إضاعة فرصة كادت أنْ تكون وحيدةً في مواجهة ما تسميه “تمركز” إيران وحلفائها في سوريّة وإضاعة الفرصة يصطفّ إلى جانب تلمُّس إسرائيل إخفاق كل الخيارات الأخرى للحؤول دون تهديد تعاظم إيران المرشَّح، بحسب التعليقات الإسرائيليّة، إلى المزيد من “التمركز” بعد الانسحاب الأمريكيّ.

يُذكر في هذا السياق أنّه في توصيف التهديدات ما بعد تنفيذ القرار الأمريكيّ وردت خشيةً إسرائيليّةً، جرى التشديد عليها في تعليقات الإعلام العبريّ، وأيضًا على لسان عدد من المسؤولين: ما تأثير الانسحاب على الحرب الدائرة بين إسرائيل من جهة وإيران وحلفائها من جهة ثانية، سواء في سوريا و/ أوْ لبنان، أوْ في الإقليم بصورةٍ عامّةٍ. الإجابات، التي طرحها الإعلام العبريّ، لم تكن متفائلةً، بل مُحذرةً ومُعبِّرة عن مستوى مرتفع جدًا من خيبة الأمل والتشاؤم من الآتي في ضوء المستجد الأمريكيّ، وبما يُفضي إلى قلب المعادلات وتبنّي أخرى غير مواتية للمصالح الإسرائيليّة، بحسب تعبير عضو لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، نحمان شاي، الذي أضاف قائلاً إنّ خروج القوات الأمريكيّة من سوريّة سيؤثِّر على المدى القصير والبعيد بمجمل الشرق الأوسط، مُشدّدًا في الوقت عينه: إسرائيل: اللهم أحفظنا من أصدقائنا، ومن مزاجية ترامب.

مُضافًا إلى كلّ ما ذُكر أعلاه، ذكّر الإعلام العبريّ بتصريح ترامب بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات التشريعيّة الأخيرة في إسرائيل الأسبوع الماضي عندما قال: أمريكا تتعامَل مع إسرائيل، في إشارةٍ واضحةٍ إلى نتنياهو أنّه ليس “المسيح المُنتظر”، بالإضافة إلى اجتماعٍ عقده المبعوث الأمريكيّ الخّاص لمنطقة الشرق الأوسط، جيسون غرينبلاط، مع رئيس حزب (أزرق أبيض)، الجنرال في الاحتياط، بيني غانتس، وهي الخطوة التي أثارت حفيظة نتنياهو وجميع المُقرّبين منه، لاعتبارهم إيّاها اعترافًا بغانتس. كما أشار مُستشارو نتنياهو إلى أنّه في الانتخابات الأخيرة كان ترامب “بخيلاً” ولم يمنح رئيس الوزراء هدايا لمُساعدته بالفوز على مُنافسيه بالانتخابات التشريعيّة.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى