الجلاء الحي : إسقاط تقسيم سورية من الإنتداب إلى الإرهاب

 

خاص باب الشرق  :

يستمر معنى الجلاء في سورية حياً خاصة وأنه روح وطاقة الشعب  في الحفاظ على وحدة سورية أرضاً و شعباً، وشحنها بقوة الإستمرار الأبدي كوطن حضاري دائم الإرتقاء داخلياً، ومتابع التفاعل خارجياً. من هنا، و في ذكرى الجلاء، نلفت إلى ضرورة إحترام روح الجلاء الحي والمستمر والفعال في الحياة السورية.

بمجرد دخول قوات الإنتداب الفرنسي، قام الجنرال غورو بتقسيم سورية إلى دويلات في محاولة لبث الفرقة الطائفية والإثنية بين مكونات الشعب الواحد، وبين جهات الأرض الممتدة والمتواصلة كجسم واحد. و كما أتضح أن إستراتيجية التقسيم كانت السلاح الإستعماري الأساسي للتمكن من السيطرة على سورية وشعبها، والهيمنة على قرارها وفعاليتها في المنطقة والعالم.

و كما بدأ غورو منذ دخوله تطبيق إستراتيجية التقسيم، رد الشعب العربي السوري، ومنذ اللحظة الأولى، على محاولات التقسيم، ومثلت الثورة السورية القوة الوطنية في مواجهة هذه الإستراتيجية، كما مثلت هذه الثورة معنى الوحدة الوطنية. وبنظرة فاحصة لقادة هذه الثورة سنجد أنهم ينتمون إلى جميع الجهات السورية، كما ينتسبون إلى جميع الطوائف السورية كلها، كما كانوا ممثلين لأقواميات منضوية ومنتسبة إلى الروح السورية الجامعة. وهكذا كان الصراع الأساسي بين الشعب السوري بجميع أطيافه ومكوناته وبين الإنتداب الفرنسي، وحمل وحدة سورية العضوية كأساس لتحقيق التحرر، وكحاضنة للروح الباعثة للحياة في جسم هذا الشعب وأرضه، حاضره ومستقبله.

السوريون بكل أطيافهم وشرائحهم أسقطوا مشروع غورو منذ إنطلاقته. وظلت سورية واحدة، وكان الجلاء لحظة إعلان لأبدية سورية كوطن واحد لشعب واحد وأرض واحدة. وهذا الفعل التاريخي أستمر ويستمر حياً ومتقداً في حفظ هذه الوحدة لأنها أساس بقاء سورية حية، ولأن سورية، كما وصفتها شخصية في عمل روائي تلفزيوني، بأنها قلب العروبة. ولأنها القلب لا يمكن تقسيمها، وأي محاولة لتقسيم القلب سيؤدي لموت الجسم كله. وهذا سر بقاء الجلاء كتعبير عن حقيقة سورية الواحدة الموحدة، و كمعنى للوحدة الوطنية، حياً و مفعماً في بث طاقة التوحيد. لذلك فإن ما واجهته سورية في السنوات الماضية، من محاولات الغرب الإستعماري المعاصر في إستثمار المظالم والإحتجاجت بالبداية، ثم الإرهاب والتكفير لاحقاً لتحقيق التقسيم، تقسيم الأرض والشعب إلى طوائف وإثنيات. وكما أستطاع الشعب السوري الحفاظ على وحدته في وجه الإنتداب، انتصر مرة جديدة في الحفاظ واستمرار السعي الحي في إبقاء وحدة سورية حية نابضة وفاعلة.

الجلاء حي ومستمرلأن قوى إستهداف وحدة الشعب والأرض مستمرة في عدوانها وعدوانيتها، و لا بد لهذه الروح الحية أن تستعيد فعاليتها الحضارية لإطلاق فيزيولوجيتها في تحقيق الإرتقاء الحضاري الضامن لحيوية ومناعة روحها الإنسانية المبدعة للعدالة والحرية والمحققة للسعادة والحياة الأفضل التي كانت بالأصل إكتشافا” سورياً وإبداعاً للإنسان السوري.

كل عام و كل  يوم والجلاء حي فينا وبأرضنا و وطننا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى