الشعب ( مش كافر)، و الفساد أخطر من إسرائيل!!

 

أكمل على عناصر مواطنيته الثبوتية، قبل أن يمارس المتاح له للعيش في وطنه ( الإنتحار). تلفع بالعلم و إلى جانبه وثيقة القيد المدني و لا حكم عليه مع عبارة تأكيد على العلم ( أنا مش كافر…. بس الجوع كافر) مع صرخة مدوية ( لبنان حر و مستقل)، وأطلق النار على نفسه في شارع الحمراء، ليكون أحد عناوين تاريخ المنطقة ( ليس لكم إلا الإنتحار)!!

قبل حادث ( أنا مش كافر) كان السياسي اللبناني، ونائب رئيس المجلس النيابي، إيلي فرزلي يعلق في برنامج تلفزيوني شهير أن تدمير الإقتصاد اللبناني، عبر تدمير المصارف اللبنانية، قد أنجز ليفتح الباب أمام ( البنك الإسرائيلي) الذي سيقش كل الحركة المصرفية في المنطقة، دون وجود أي ند يقف في وجهه، وذلك إستكمالاً للتطبيع مع إسرائيل الذي ينجز في الخليج ويستكمل في الأردن ومصر و السودان و و و ألخ.

هكذا فإن السلطات التي أفقرت الشعب اللبناني، وسرقت ودائعه، ودفعت المصارف للإنهيار والإفلاس، كانت تنفذ مخططاً إسرائيلياً، سواء عرفت أم لم تعرف. أي أن لدينا في كثير من الدول العربية من ينفذ مخططات إسرائيلية في مواقع القيادة والقرار. وهل يبقى لأحد كرامة، عندما يعلن مواطن في بيروت و في شارع الحداثة ( الحمرا)، يعلن عن إيمانه بوطنه مع أوراق ثبوتية، و طلقة إنتحار كتوقيع على هذه الحياة الوطنية..

ألم يقل رئيس مجلس النواب، نبيه بري، قبل أيام من تصريح فرزلي، أنه يرصد ( إستحضار إسرائيليات) في لبنان. فهل قصد أن ما جرى ويجري للمصارف والليرة، هي عمل إسرائيلي، أم أن المظاهرات و الإحتجاجات أخترقت بمصالح إسرائيلية. أم أن تجويع لبنان وشعبه العنيد هو الهدف الإسرائيلي؟

بناء على كل ذلك، هناك من يسأل إذا كان صحيحاً أن الأمر إسرائيلي، فما دور المقاومة، خاصة وأن وظيفتها الأساسية و أساس وجودها مواجهة إسرائيل وحروبها كافة ؟؟ ماذا فعلت المقاومة الإقتصاد لغيرها منذ التسعينيات؟؟ و كم كان في هذا الأمر من الصواب؟؟ والآن ، لدينا حسب فرزلي، من يسقط الإقتصاد تنفيذاً لمخطط إسرائيلي، وفتحاً لأبواب التطبيع… فماذا هي فاعلة المقاومة؟؟ خاصة و أن الفرزلي محسوب على جبهة المقاومة…

ثم أين الرأسمالية اللبنانية؟؟ أين اليمين الليبرالي؟؟ كيف يسمح هذا اليمين الرأسمالي بسقوط أهم رمز من رموز النظام الرأسمالي الحر( المصارف)؟؟ و هل يعقل لليمين الرأسمالي اللبناني أن يضحي بمصالحه و أن يخسر وجوده خدمة لإسرائيل؟؟  مستحيل !

في مواجهة هذا المستحيل يبرز دور الفساد الذي خلق طبقة سلطوية ناهبة استخدمت نتائج الحرب الأهلية و تسلحت بأمراء الحرب الناهبين، بعدما أرتدوا الكرافات، و فرضت على الشعب كله آليات فسادها المحتلة للمؤسسات، فأفسدت حياة الفقراء ونهبت موارد الدولة، و عفنت اليمين وأصابته بالذهان الإقتصادي ليدخل معها في لعبة المصارف والعمولات والمشاريع الوهمية وشراء الذمم وأصوات الإنتخابات، وإعتماد الفاشلين والتافهين، حتى وصلنا إلى قعر الكارثة…

إن كان هناك بالفعل ( إستحضار لإسرائيليات) كما قال بري، وإذا كان ما قاله فرزلي حقيقياً من أن هناك تدميراً للحركة المصرفية تمهيداً لسيطرة ( البنك الإسرائيلي)، فما جنسية الفساد الذي شكل الروح الشيطانية المحركة لكل هذه الإسرائيليات؟؟ إنه فساد الحكام، وفساد أمراء حرب بدلوا أسلحتهم النارية بأسلحة سلطوية تسرق وتخرب وتدمر… إنه الفساد، الأكثر خطراً وعدوانية من إسرائيل، و هومن يفتح الطريق لكل عدو خطير، وأولهم إسرائيل..

لبنان والعرب معه ( مش كفار). الكافر هو الفساد الذي يحكمهم و يسلمهم لإسرائيل، بشكل من الأشكال، و إن لم يكن بالتركيع ، فبلتجويع… ألم نقل أنه لم يبق أمام الشعب  من سبيل للعيش إلا ( الإنتحار)..

باب الشرق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى