الأمل في مستقبل أفضل

ماهر المملوك –

لطالما رغبت في الكتابة و لكنني نأيت عنها لتجنب الدخول في متاهات الأحداث الجارية في منطقتنا الشرق أوسطية، ولكنني أدرك في الوقت ذاته أن هذا البعد لن يوقف استمرار  هذه الأحداث و الأزمات و التطورات السلبية  التي لا يمكن لأي إنسان عاقل أو منجم أن يبصر الخير فيها.

لا أريد إلا أن أكون إنساناً طبيعياً في هذا العالم، إنسان يتفوه بلسان الإنسانية  فنحن بشر نريد أن نكون أحراراً، لا نقبل أن نهان أو نقهر من أيٍ كان. لكم تمنيت لشعوبنا العربية أن تعرف معنى السعادة الإنسانية و تبتعد عن البؤس و عن احتقار بعضها بعضاً. نحن نعيش على أرضٍ طيبة غنية و كريمة فيها المتسع للجميع، مهما كان عرقهم مذهبهم أو منشؤهم ،و هي قادرة على  توفير الحياة الكريمة و السعيدة لكل أبنائها.

إن عبادة الفرد و تأليه أصحاب الشأن و إنتشار الفساد و الطمع و الإستئثار بكل ثروات و موارد شعوبنا في المنطقة سمم نفوس مجتمعاتنا مما أوصلها إلى مرحلة متقدمة من الحقد و الكراهية بين كل فئاتها.

أصبحنا في مرحلة نتعبد فيها و نركز على الطقوس من دون أن نفكر بأن العبادة هي البعد عن الأذية و الدموية و استباحة الآخر. أصبحنا نطلق على  أفعالنا مسميات و شعارات دينية لا وجود لها في أصل المعتقدات و الديانات. أصبحنا أسرى لهذه الأفكار و المعتقدات المغلوطة و خلعنا ثوب الإنسانية و لم نعد نشعر بالآخرين. ابتعدت عنا صفات الإنسانية من المحبة و اللطافة و الوداعة لتنمو بداخلنا الأنانية و النرجسية و الكراهية و الدموية.

لهؤلاء الذين يمكن أن يستمعوا لي و لصوت العقل أقول؛ لابد أن يرحل الطغاة و من هم على شاكلتهم من أحزاب ترتدي عباءة الدين لتجيش أبناء الوطن الواحد ضد بعضهم البعض تحت مظلة الطائفية و المذهبية.  إن ما يمر علينا ما هو إلا فترة غلبت عليها سيطرة اللاوعي و اللامنطق بدلاً من سيطرة العقل و الإيمان الحقيقي.الايمان بأن عودة الوعي ستنتشل شعوبنا من هذا التصارع.

دعونا نكافح من أجل تحرير هذه المنطقة من كل الحواجز و الطغيان و الجشع. دعونا نعمل بجد وإخلاص لتوظيف جهودنا من أجل أن نخرج شعوبنا من بوتقة التعصبات و الأحقاد و رفض الآخر. علينا أن ندرك أن الآخر الذي يختلف عنا يكملنا و ليس عدونا. علينا أن نوصل شعوبنا إلى مرحلة الإيمان بأن عالم العقل هو العالم الذي يؤمن بالتنوع و يؤمن بدورالعلم و التقدم و التطور في المجتمعات الحضرية. هذا العالم هو الذي سيضمن لنا اللحاق بركب الحضارة   لبناء غدٍ أفضل و مستقبل أكثر إشراقاً لأجيالنا القادمة.

من وهب لنا الحياة أرادنا أن نبينها و نكون سعداء بها و بخيراتها لا أن نكون دعاة خراب و قتل و استباحة.

ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى