الإسلام بعيون غربية (جوناثان ليونز)

 

جوناثان ليونز


عدد الصفحات: 272 صفحة
تأليف: جوناثان ليونز
عرض ومناقشة: محمد الخولي
الناشر: مطبعة جامعة كولومبيا، نيويورك،

يأتي هذا الكتاب بمثابة حلقة جديدة تضاف إلى سلسلة الأعمال الفكرية، الأكاديمية التي تتسم بقدر لا يخفي من الإنصاف والحيدة والموضوعية العلمية في تناولها لقضية العلاقة بين الغرب، الأوروبي والأميركي وبين عقيدة الإسلام وجماعة المسلمين، وهي علاقة شابتها منذ بواكير القرن الحادي والعشرين سلبيات وتعقيدات نجمت بالذات بعد حادثة تفجير المركز التجاري في نيويورك في 11 سبتمبر من عام 2001، وهو ما أفضى إلى تبلور وذيوع مصطلح «إسلاموفوبيا» الذي يجمع في دلالته بين معنى رهاب الإسلام ومعنى كراهية الإسلام، والمسلمين بطبيعة الحال.
ورغم أن هذه الظاهرة السلبية في علاقات المسلمين بالغرب، مازالت متفشية وتعبر عن نفسها في صور شتي، فالكتاب لا يذهب إلى أنها ظاهرة محدثة نشأت مثلاً مع مقولة صمويل هنتنغتون الشهيرة في التسعينات بشأن تصادم الحضارات، ولكنه يذهب إلى أن ظاهرة التربص إلى حد العداء والتصادم بين الغرب والإسلام نشأت مع الحروب الصليبية، وهي الظاهرة التي جمعت بين موجات الاستعمار الأوروبي وبين شحنات التحريض التي سبق إليها البابا الكاثوليكي أوروبا تحريضاً على شن الحروب الصليبية على بلاد الشرق ضد الإسلام والمسلمين.
وعلى مدار الألف سنة الماضية ظلت هذه الشحنات تظهر أحياناً وتختفي أحياناً أخرى، ولكنها لم تصل إلى حد الزوال، وهناك من وسائل الإعلام الحديث من لايزال يعرض لها ويستخدمها بكل ما تفضي إليه من سلبيات سوء الفهم ومشاعر التربص والعداء على نحو ما تفعل أحياناً قناة مثل «فوكس نيوز» أو قناة «سي.إن.إن» في الوقت الراهن.
موضوع الإسلام والغرب، وهو أيضاً موضوع المسلمون وسائر سكان العالم وخاصة أهل أوروبا وأميركا، لايزال يشغل الاهتمام على صعد شتى، يستوي في ذلك الأكاديميون والساسة والنُخب المثقفة بقدر ما تستوي أيضاً قواعد الجماهير الغفيرة في تلك الأصقاع.
والقضية تستند بداهة إلى خلفية تاريخية تجمع موضوعياً بين المد والجزر، بين التواؤم والتضاد، فهذه الظاهرة ذاتها تصدق مثلاً على علاقات التقدير المتبادل التي شهدها الزمان القديم بين الخليفة العباسي هارون الرشيد (786، 809 ميلادية) وبين الإمبراطور الأوروبي شارلمان (742، 814).
ولكنها تصدق أيضاً، ولكن عند الطرف المقابل من معادلة العلاقات بين الإسلام والغرب، على علاقات التنازع والصراع – الدموي في بعض الأحيان بين أوروبا وبين السلطنة العثمانية التركية – وقد بلغت بدورها ذروة تاريخية بحق وتجسدت في لحظات وصول قوات السلطان التركي سليمان القانون إلى أبواب فيينا، حاضرة النمسا وعاصمة امبراطورية آل هابسبورغ الذين كانوا يبسطون سلطانهم على ربوع النمسا والمجر، وكان ذلك في عام 1548 للميلاد.
كتابات كثيرة تم نشرها خلال القرن العشرين حول علاقة المسلمين والعرب بشكل عام بأوروبا والغرب بشكل عام أيضاً، ومنها ما كان يصدر عن روح من التحامل أو البغض أو الاستعلاء، ومنها ما كان ينطلق عن موقف الدرس المتعمق والتحليل الموضوعي المستند نسبياً إلى روح الإنصاف وإلى حقائق التاريخ.
ومن هذا الفصيل الأخير يرد على الخاطر دوماً كتاب المستشرقة الألمانية زيجريد هونكه التي اختارت له عنواناً له دلالته باللغة الألمانية وهو: «شمس الله تشرق على الغرب». ثم اختار له مترجمه إلى العربية وهو الأكاديمي المصري الدكتور فؤاد حسنين علي عنواناً يفيد مباشرة بالتالي: «فضل العرب على أوروبا».
وهو فضل منسوب بداهة إلى الإسلام، نوراً وهداية وروحاً إنسانية ومنجزات حضارية بالدرجة الأولي.

عن الإسلاموفوبيا

مثل هذه الحالة المستندة إلى النظرة الموضوعية وموضوعية التحليل طرأت عليها مع مطلع هذا القرن الواحد والعشرين أفدح السلبيات التي انطوت عليها مثلاً حادثة تفجير المركز التجاري في نيويورك يوم الحادي عشر من سبتمبر من عام 2001.
بعدها تفجرت سيول المشاعر السلبية من جانب الغرب بالذات نحو الإسلام والمسلمين. وتبلور هذا كله في المصطلح الذي أصبح شائعاً على ألسنة المتكلمين وعلى رؤوس الأقلام: «إسلاموفوبيــا»
هذا المصطلح يشكل المنطلق الأساسي الذي تصدر عنه مقولات الكتاب الذي نستعرض طروحاته في سطورنا الراهنة. وقد اختار له مؤلفه، جوناثان ليونز الأستاذ في جامعة كولومبيا العنوان التالي: «الإسلام بعيون غربية».
ثم أورد العنوان الفرعي موضحاً في ذلك الإطار الزمني الذي اختار المؤلف أن يستعرض من خلال مقولات الكتاب: من الحروب الصليبية إلى الحرب ضد الإرهاب.
وكان المؤلف يبدأ بشخصية ريتشارد قلب الأسد ملك إنجلترا في العصور الوسطى، ولا يكاد ينتهي عند شخصية جورج دبليو بوش، الابن وهو الرئيس رقم (43) في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية.
والحق أن هذه القضية سبق أن تناولتها كتابات وتحليلات أكاديمي ضليع هو البروفيسور الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد، الذي نشر كتابه المحوري بعنوان الاستشراق في عام 1978 ثم عمد إلى التركيز على قضية الإسلام والغرب نفسها في كتابه الصادر في عام 1997 تحت العنوان التالي: تغطية الإسلام. (يقصد التغطية في وسائل الإعلام).
ويصف النقاد المهتمون بهذه النوعية من القضايا جهود إدوارد سعيد بأنها كانت دراسة متعمقة للدور الفعال الذي تلعبه المفاهيم المغلوطة بشأن المسلمين في رسم وتسيير السياسة الخارجية الأميركية على وجه الخصوص.
ولأن مؤلف كتابنا آثر أن يتعمق في دراسة هذا الموضوع فهو يذهب منذ الفصول الاستهلالية من هذا الكتاب إلى أن النظرة السلبية والخاطئة إزاء الإسلام والمسلمين (في عيون الغرب) ليست وليدة اليوم، ولكن جذورها ترجع في سجل الزمان إلى القرن الثاني عشر للميلاد، وهي الفترة التي شهدت شن حملات الغزو الاستعماري الأوروبي التي اختار زعماؤها رفع شعار الصليب، وكان طبيعياً وقتها أن تصاغ في تلك الفترة معالم ومعاجم ومفردات من لغة العداء من جانب أوروبا تجاه الإسلام، عقيدة وكياناً وبشراً.

الجوهر لايزال قائماً

صحيح، يضيف المؤلف، أن هذه اللغة الضد – إسلامية، كما يمكن وصفها، طرأت عليها تحولات وتحويرات، وربما خضعت إلى حالات من التركيز أحياناً ومن التخفيف أو التلطيف في حالات، إلا أن جوهر هذا التربّص إلى حد العداء ظل في رأي مؤلفنا كامناً على مدار الألف سنة الأخيرة.
ويعزو المؤلف هذه المفاهيم المعادية للإسلام في ذهن الغزاة القادمين من أوروبا رافعين شعار الصليب، إلى أن ستة قرون كانت قد انقضت أيامها على مولد العقيدة الإسلامية في جزيرة العرب، فيما ظلت معظم أقطار أوروبا بعيدة، أو جاهلة بتطورات هذه العقيدة وبإنجازاتها وتجلياتها، وباستثناء نماذج كانت محدودة بقدر ما كانت مقصورة على بقاع بعينها: ما بين بغداد العباسية، كما ألمحنا، إلى الأندلس الإسلامية التي كانت نموذجاً للإعجاب بالمسلمين بقدر ما كانت محوراً للحسد والحقد على ما أنجزوه ونعموا به خلال حضارتهم الزاهرة في تلك البقاع من شبه جزيرة أيبيريا في أقصى الغرب الأوروبي، فقد ظل الحقد ماثلاً وأذكت نيرانه السلطة البابوية في روما وسائر أتباعها من أبناء المذهب الكاثوليكي وهو ما تبلور في خطاب البابا أوروبا الثاني الذي ألقاه في عام 1095 للميلاد.
وبدلاً من أن يتبع فيه، كما يوضح كتابنا، لغة التصالح أو التواؤم في الحديث عن المسلمين بوصفهم قوماً يعبدون رب السموات والأرض، إذا به يصفهم (ص 61 من الكتاب) بأنهم وثنيون يعبدون الأصنام(!) ومتوحشون لا يتورعون عن تعذيب المؤمنين بحق، فضلاً عن كونهم، كما أضاف أوروبا إياه، مغتصبين للأرض من أيدي أصحابها الشرعيين وهم المسيحيون اللاتينيون.. الخ.
يمضي الكتاب ليوضح أن مثل هذه المقولات العنصرية والمكذوبة والمرفوضة ما لبثت أن توارت عن مقدمة المسرح العالمي كما قد نقول، ومع ذلك فقد ظلت أسسها قائمة، وإن كانت مستنيرة، لدرجة أن عاودت دورها السلبي على نحو ما تبدّت به بالأمس القريب في سياق خطابات جورج بوش في أميركا وأيضاً في خطابات البابا (السابق) بنيديكت السادس عشر في الفتيكان الذي يعزو مؤلفنا إليه بالذات ما يصفه المؤلف بأنه سقم المنطق الذي اختار أن يربط بين سلوكيات العنف وبين جوهر العقيدة الإسلامية، وهو ما تشارك فيه، كما يضيف كتابنا أيضاً، شخصيات أخرى مثل الواعظ الأميركي المتعصب جيري فالويل، فضلاً عن الأكاديمي الأكثر تعصباً، والأخطر أثراً وهو برنارد لويس.

فوكس نيوز وغيرها

ويصف المؤلف المنطلق الذي تصدر عنه مثل هذه العقليات والشخصيات بأنه فكر لم تضلله الحقائق المغلوطة ولا التفسيرات الخاطئة، ولكنه كان يتبع خطاباً معادياً للإسلام (والمسلمين) بما لا يتيح التوصل سوى إلى نتائج وطروحات لا همّ لها سوى القول إن المسلمين مجبولون ومفطورون على العنف بحكم العقيدة التي يعتنقون.
وهنا يبادر المؤلف، بحكم التخصص، إلى دحض وتفنيد ما تكيله مثل هذه العقليات من تُهم ضد الإسلام، حيث يؤكد بالأمثلة الساطعة أن الإسلام لا يعادي العالم، أو يظلم المرأة، أو يكّرس العنف بغير مبرر، مقترحاً في هذا الصدد أن يطل مفكرو الغرب على موقف الإسلام من هذه القضايا بعيداً عن المنظور الموروث عبر الألف سنة الأخيرة، وهو منظور يقوم للأسف على منطق سوء الفهم والتحامل، وبدلاً من ذلك يؤكد مؤلفنا على مقدار ما شارك به مفكرو الإسلام وعلماؤه وساسته المعاصرون في مضمار التحديث، وخاصة منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر.
وهو يدعو الغرب في هذا الخصوص إلى التخلّي عن روح التعصب الاستعلائي أو روح العداء الموروث منذ تجارب العصور الوسطي، وخاصة تَرِكة الصراع والتباغض التي شهدتها حقبة الحروب الصليبية، وتلك مواريث مفعمة بمشاعر الحقد التاريخي التي كان مفروضاً لها أن تضع أوزارها وتصل إلى خواتيمها في زماننا الراهن، لولا أنها، كما يعترف مؤلف هذا الكتاب، وجدت من يُبقي عليها وربما ينفخ في نيرانها، وخاصة في زوايا صالات الأخبار في الوسائل المعاصرة ما بين القناة رقم خمسة (فوكس نيوز) في أميركا إلى قناة الأخبار الشهيرة (سي إن إن) على وجه الخصوص،
على أن المشكلة لا تقتصر فقط على تصوير الحالة الإسلامية من خلال هذه السبل الإعلامية والتواصلية في إطار بالغ السلبية، أو فلنقل إنها لا تقتصر على مجرد اتباع أسلوب انتقائي لا يختار سوى الجانب الأسود وهو موجود في كل الظواهر والاجتهادات والأنساق البشرية دون أي نظر أو اهتمام بالنسبة إلى الجانب الأبيض، أو حتى الرمادي في حياة المسلمين.
المشكلة كما يؤكدها ويحللها مؤلف هذا الكتاب تجسدت حتى منذ عصر النهضة الأوروبية في تلك النظرة الغريبة التي اطلّ بها علماء أوروبا منذ القرن الخامس عشر والسادس عشر، وبمعني إرهاصات العصر الحديث، على معالم التراث الحضاري والفكري والابداعي لعالم الإسلام والمسلمين، وكانت نظرة تنضح بالتعصب والحقد بقدر ما جانبت كل ما يتسلح به الفكر العالمي من موضوعية وحيادية وإنصاف.

أخطاء الهيومانست

لقد كانوا يطلقون على مبشِّري عصر النهضة وصفاً قريباً من الوجدان والأفهام وهو: الإنسانيون (هيومانست) لكن شاءت إنسانيتهم، كما يوضح مؤلف هذا الكتاب، أن يصرفوا النظر عن اجتهادات المفكرين والمعلقين والمترجمين والشارحين العرب المسلمين للتراث الكلاسيكي المتنوع العميق الذي تناهى إلى الإنسانية من إبداعات واجتهادات اليونان والرومان.
ورغم أن هناك من توقّف ملياً عند ترجمات وشروحات وتعليقات الفيلسوف الأندلسي المسلم ابن رشد على فلسفة أرسطو، لدرجة أن أطلقوا على ابن رشد لقب المعلم الثاني بعد المعلم الإغريقي المذكور، إلا أن ثمة إجماعاً ساد بين دعاة الإنسانيات النهضويين في أوروبا، كما يضيف مؤلفنا، دفعهم للأسف إلى تجاهل جهود أغلب المسلمين، العرب، في مجالات العلم والترجمة والبحث والإبداع والاجتهاد الفكري، ولدرجة أن ذاعت دعوة البعد عن الترجمات العربية ولصالح العودة، كما قالوا أيامها، إلى الأصول الصافية لأعمال الإغريق واللاتين وهو ما أدى، كما يضيف المؤلف أيضاً، إلى تجاهل مدمر للمساهمات الهائلة التي قدمها المسلمون في ميادين العلم والكشف والبحث الأكاديمي على اختلاف الفروع والتخصصات.
عند هذا المنعطف من البحث يورد المؤلف مثالاً طريفاً على الثمن المدفوع لقاء تجاهل جهود وإسهامات العرب والمسلمين.
والمثل يرتبط بمنطقة بحر قزوين الواصلة، جغرافيا، بين حدود آسيا الغربية إلى مشارف آسيا الصغرى (التركية) ومن ثم إلى البحر المتوسط وقارة أوروبا: كان الجغرافيون المسلمون رواداً حين تدارسوا منطقة قزوين ورسموا خرائطها بدقة علمية مشهودة.
وعندما حل القرن الرابع عشر احتذى رسامو الخرائط الأوروبيون آثار الجغرافيين المسلمين الرواد فرسموا خارطة بحر قزوين على أن مياهه تجري من الشمال إلى الجنوب. ولكن جاءت موجات التعصب الأوروبي ضد الإسلام والعرب بعد نحو من 200 سنة ومعها كانت الدعوة إلى الرجوع، لا إلى خرائط المسلمين ودراساتهم، ولكن إلى جغرافيا بطليموس الذي عاش خلال القرن الأول الميلاد.
وهكذا، يقول مؤلف الكتاب، أشاح الأوروبيون النظر عن ثمار البحوث العربية ونكصوا على أعقابهم إلى أفكار بطليموس فكان أن رسموا بحر قزوين وكأن مياهه تجري من الشرق إلى الغرب. وكان ذلك خطأ فادحاً وخيبة مشهودة بطبيعة الحال.
وكان ينبغي أن يمضي قرنان آخران من عمر الزمان، لكي يكتشف الأوروبيون خطأهم ويعودوا إلى الوضع الصحيح لبحر قزوين الذي كان المسلمون قد أجادوا دراسته وتوصيفه ورسم خريطته بدقة منذ 800 سنة خلت.
والحق أن المؤلف في مثل هذه السياقات لا يقصر جهوده أو أهدافه على مجرد تصحيح الحقائق أو الملابسات التاريخية، ولا حتى على إنصاف الحقيقة العلمية أو الواقعة التاريخية.
إنه يطرح مقولات الكتاب بعد أن شهد وعايش مشكلة أهل الغرب التي تتمثل في عدم استعدادهم ثقافياً وسياسياً في الاستجابة، كما يقول، إزاء التحديات التي باتت ماثلة مع حلول هذا القرن الحادي والعشرين، ومن هذه التحديات ما يلي حسب رؤية المؤلف: ظاهرة الصعود العالمي للقوي الإسلامية.
حالات الصدام الحاصلة بين القيم الثقافية الراسخة (أو الموروثة) وبين حقوق واتجاهات التعددية الثقافية التي تخصّ الإعداد المتزايدة من السكان المسلمين المهاجرين ومن ثم المقيمين في أرجاء أوروبا والولايات المتحدة، وأصقاع الغرب بشكل عام.
في كل حال تظل هذه النوعية من الكتب دعوة مستندة إلى نهج التقصي التاريخي والبحث الأكاديمي فضلاً عن الصراحة العلمية، حيث تدعو إلى أن يطرح الغرب، ساسته ومثقفوه بالذات، عن كواهلهم غبار فترة الألف سنة التي سادتها روح التعصب والتربّص بل والتجاهل لما أنجزه الإسلام والمسلمون من إضافات ثمينة بحق إلى صرح الحضارة الإنسانية فكراً وعلماً وفناً وإبداعاً، وهو ما يحول بداهة دون استشراء الظاهرة السلبية التي سبق إلى طرحها صمويل هنتنغتون تحت عنوان تصادم الحضارات، ومازال العالم يدفع ثمنها حتى الآن.

المؤلف في سطور

ينتمي مؤلف هذا الكتاب، البروفيسور جوناثان ليونز، إلى جامعة كولومبيا وقد اشتهرت هذه الجامعة الأميركية المرموقة باهتمامها بدراسات الشرق وبحوث العقائد والأديان، ومن هذه الدراسات نشرها سلسلة إصدارات عن أكبر الأديان في أميركا ومنها كتاب الإسلام في أميركا للدكتورة جين سميث (وقد ترجمه كاتب هذه السطور بعنوان الإسلام والمسلمون في أميركا، إصدار المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، عام 2005).
وفي جامعة كولومبيا أيضاً يذكر اسم البروفيسور الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد الذي يأتي هذا الكتاب بمثابة إضافة جديدة إلى كتابيه «الاستشراق» و«تغطية الإسلام» (في وسائل النشر والإعلام).
وكان المؤلف، جوناثان ليونز قد حصل على البكالوريوس في الدراسات الروسية ثم عمل مراسلاً صحافياً لوكالة رويترز الدولية للأنباء في موسكو ثم في تركيا وطهران وجاكارتا .
وبعد حصوله على الدكتوراه في علم الاجتماع من جامعات أستراليا، عمل بالتدريس في عدد من المراكز البحثية والجامعات الأميركية والأسترالية، وكان أحدثها مركز التفاهم المسلم المسيحي في جامعة جورج تاون الذي كان يديره البروفيسور جون أسبوسيتو، الأكاديمي الأشهر ومحرر موسوعة العالم الإسلامي الحديث.
وكأن المؤلف قد أصدر في عام 2003 كتابه عن العقيدة والحرية في إيران بالاشتراك مع الأستاذة جنييف عبدو، ثم نشر في عام 2009 كتاباً بالغ الأهمية عرض فيه لأهم تجليات الحضارة العربية الإسلامية في أزهي عصور ازدهارها وهو عصر الخليفة العباسي المأمون والكتاب بعنوان «بيت الحكمة: كيف عمل العرب على تغيير الحضارة الغربية».

صحيفة البيان الأماراتية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى