الإطاحة بمشار من زعامة حزبه يهدد سلام جنوب السودان الهش
يهدد عزل نائب رئيس دولة جنوب السودان ريك مشار من منصب رئاسة حزبه. عملية السلام الهشة التي أنهت عام 2018 أعنف حرب أهلية خلفت حوالي 400 ألف قتيل، وقد يعيد ذلك البلد إلى الاقتتال في زل انعدام القانون ووجود جماعات مسلحة غير خاضعة للسلطة.
وفي هذا السياق اتهم مشار، القادة العسكريين المنافسين الذين أعلنوا إبعاده من زعامة الحزب والقوات المسلحة بمحاولة عرقلة عملية السلام في البلاد.
كان الجناح العسكري للحركة الشعبية لتحرير جنوب السودان في المعارضة المعارضة قد قال الأربعاء إنه أبعد مشار، الذي ساعد في دفع شريكه الرئيس سلفا كير إلى التوصل لاتفاق سلام في 2018 ثم في تشكيل حكومة وحدة وطنية، بسبب تقويض الإصلاحات.
لكن مشار قال في تعقيب، صدر في وقت متأخر أمس أيضا، إن الذين أصدروا البيان لم يعودوا أعضاء في مجلس القيادة العسكرية للحركة.
وأضاف في بيان صدر عقب اجتماع للمكتب السياسي لحزبه “مخربو السلام هم من خططوا وسهلوا صدور الإعلان”.
وتابع أن الهدف الرئيسي لهذا التحرك هو منع دمج القوات في القيادة الوطنية، وهو أحد الأهداف الرئيسية البارزة لاتفاق السلام.
وأعلنت الحركة الشعبية الأربعاء في بيان عزلها نائب مشار من رئاستها ومن ذراعها العسكرية، مؤكدة أنه لم يعد يمثّل مصالحها.
وجاء في البيان المؤرخ الثلاثاء، أن مشار “فشل تماماً” في إظهار صورة القيادي وأضعف إلى حد كبير ثقل الحركة داخل الحكومة الائتلافية التي تشكّلت في فبراير/شباط 2020 ويعدّ جزءاً منها. وقال إنّه اتبع طيلة سنوات سياسة “فرّق تسد” وفضّل المحسوبية على حساب الوحدة والتقدم.لافتاً الى أن قرار عزله اتخذ بعدما وجد المجتمعون أنه “من ما من خيار آخر”.
لكن يبدو أن الطمع في السلطة والصراع من أدلها قد يعيد البلد الذي يعاني فقرا مدقعا واضطرابات أمنية إلى حرب عنيفة.
وندّد المتحدث الإعلامي باسم مشار بول غابريال بمضمون البيان. قائلا لوكالة فرانس برس “نؤكد مجدداً دعمنا الكامل وولاءنا للرئيس الأعلى والقائد العام” للحركة الشعبية لتحرير السودان في المعارضة وذراعها العسكرية.
من المبكر بعد تحديد عواقب الانقلاب الداخلي على مشار الذي يُعدّ شخصية محورية في السياسة عاصر سنوات من الحرب الأهلية وتعرّض لمحاولات اغتيال ولفترات نفي.
أعادت التحولات التي طرأت على تحالفات مشار صياغة التاريخ الدموي للبلاد التي احتفلت للتو بمرور عشر سنوات على استقلالها.
ويشغل مشار منصب نائب الرئيس، بينما يتولى غريمه سيلفا كير الرئاسة. ويدير الطرفان البلاد حالياً في تعايش صعب بعدما تواجها خلال الحرب الأهلية.
واستقلت دولة جنوب السودان عن جمهورية السودان في 2011 لكنها انزلقت إلى اقتتال داخلي بعد عامين عندما تقاتلت قوات موالية لكير مع قوات مشار في العاصمة.
وتسبب ذلك في مذبحة راح ضحيتها مئات المدنيين في جوبا من قبيلة النوير التي ينتمي إليها مشار. مع تصاعد العنف العرقي الوحشي وأعمال القتل الانتقامية.
وتصاعد الاقتتال إلى حرب أهلية قُتل فيها زهاء 400 ألف وتسببت في أكبر أزمة لجوء في أفريقيا منذ الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994.
وقال محللون سياسيون إنه مع استمرار انقسام الجيش ورفض بعض الجماعات المسلحة توقيع اتفاق السلام، فإن أحدث انقسام في حركة مشار قد يقوض الاستقرار.
وفي إعلان إبعاد مشار، قال معارضوه إن رئيس هيئة الأركان العامة للحزب الجنرال سايمون قاتويج دوال جرى ترشيحه زعيما مؤقتا للحزب.
يكافح جنوب السودان في ظل انعدام القانون والعنف العرقي منذ الحرب الأهلية التي اندلعت في البلاد منذ العام 2013 وخلّفت قرابة 400 ألف قتيل.
وأعلن وقف لإطلاق النار عام 2018، لكن السلام ما زال هشاً. إذ أن أجزاء كثيرة من البلاد الشاسعة التي يبلغ عدد سكانها 12 مليون نسمة. غير خاضعة للسلطة وتشهد أعمال عنف وأعاد مشار بموجب الاتفاق تشكيل حكومة وحدة وطنية في شباط/فبراير 2020، أضعفتها على وجه الخصوص صعوبة تطبيق العديد من بنود الاتفاق.
ويواجه مشار في هذا الصدد معارضة متنامية في صفوف حزبه، مع وجود فصائل متعارضة وتذمر مسؤولين من خسارتهم في الاتفاق مع الحزب الحاكم.
ويأتي التوتر فيما تواجه البلاد حالياً عدم استقرار مزمن وأزمة جوع كبيرة.