الاحداث اللبنانية: امتداد للازمة السورية ام نتيجة صراع اقليمي اكبر؟ (أنطوان الحايك)

 

أنطوان الحايك

حطّ الأمن المتنقل بين البقاع والشمال والجنوب رحاله في مدينة صيدا حاصدا المزيد من الشهداء العسكريين في مشهد مأساوي بامتياز طرح أكثر من علامة استفهام حول ما إذا كانت العاصفة الامنية التي تجتاح البلاد هي نتيجة لتداعيات الحرب السورية على الساحة المحلية أم أنها نتيجة الصراع السعودي القطري أو بأضعف الايمان حصيلة محاولات محاصرة إيران من خلال شل ذراعها اللبنانية أي "حزب الله".
كان يمكن الاعتماد على الاحتمال الثالث لولا أنّ "حزب الله" غير موجود عمليا لا في الشمال ولا في طرابلس وإن وجد فسياسيا لا أكثر ولا أقل وبالتالي فإنّ العودة الى الاحتمالين الاولين تبقى حتمية مع ترجيح الاحتمال الثاني باعتبار أنّ تداعيات الازمة السورية على لبنان لا يمكن أن تنحصر في مناطق محددة يغلب عليها طابع طائفي محدد منقسم الولاء بين التيارين الوهابي الممول من المملكة العربية السعودية والسلفي المدعوم عسكريا وسياسيا وماليا من دولة قطر المندفعة الى ما لا نهاية في حربها ضد النظام السوري وكل من يقف الى جانبه، ليس فقط في لبنان انما في العالمين العربي والاسلامي ومن دون تحفظ او استثناءات.
ويبقى السؤال الاكبر لماذا الجيش والمؤسسة العسكرية؟ ولماذا الآن بالذات بعد أن تم افراغ البلاد من مضمونها السياسي عبر التشكيك بمجلس نيابي مدد لنفسه، ومن خلال حكومة مستقيلة ليس لها باليد حيلة فضلا عن حملات منظمة على رئاسة الجمهورية وقيادة الجيش لا تهدف سوى لافراغهما من المبادرة والقرار وان كان بحدهما الادنى، بل دفعهما الى التخبط في متاهات الشارع وزواريبه في ظل تجييش طائفي ومذهبي لا يمكن التكهن بنتائجه ومدى سلبياتها على النظام اللبناني وكيانه السياسي.
ويأتي الجواب على لسان سياسي مخضرم جازما بالقول: "فتش عن الصراع العربي – العربي من جهة والعربي الايراني من جهة ثانية"، ملاحظا أنّ المصالح السعودية القطرية تتقاطع سلبا، ففي حين تمكنت الاولى من تحقيق بعض من اهدافها الاستراتيجية من خلال صفقة قديمة جديدة مع جارتها اللدودة ايران انتهت الى تبريد حدود المملكة الجنوبية واطفاء نار الفتنة المقبلة عبر اليمن من جهة وضمانات محددة بشأن عبور النفط السعودي بسلام، تجد الثانية نفسها في بداية عزلة سياسية بدأت ملامحها مع التسريبات المتلاحقة والمنظمة المؤكدة على انقلاب ابيض في الدولة الاصغر بين جاراتها لمصلحة ولي العهد، بما يدفعها الى لعب اوراقها دفعة واحدة على قاعدة خسارة كاملة او ربح نهائي وهذا ما يفسر حقيقة راسخة وهي ان الجهات او بالاحرى الادوات الممولة من قطر هي من يبادر الى اشعال النيران المتنقلة في العالم العربي عموما ولبنان وسوريا على الاخص، وكل ذلك في ظل نتائج سلبية عادة ما تخرج منها اجتماعات الدوحة وكان آخرها ذلك الذي انتهى الى معادلة هجينة وغير مفهومة وهي ان كل دولة تساعد بما يمكنها ووفق هواها وهذا لا يؤسس الا الى حقيقة وهي ان الامور لا تسير في اتجاهاتها الصحيحة.
في هذا السياق يعرب السياسي عينه عن خشية زائدة من اتساع رقعة التوتر في صيدا لتصل الى حدود المعارك الضارية على تخوم عين الحلوة وذلك بعد ان اصبح المخيم يعج بانصار الثورة السورية والتنظيمات السلفية الممولة من قطر والمستقدمة حديثا من سوريا، وهي تنظيمات خبيرة بقتال الشوارع وما يتفرع عنها من ارهاب مبرمج بدأ يطاول الجيش اللبناني في اكثر من مكان وزمان وكل ذلك في ظل صمت سياسي لا يبشر الا بمزيد من الازمات والكوارث. 
 


موقع الالكترونية اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى