الاقتصاد المصري ما زال يعاني على رغم إجراءات الحكومة

شهد الاقتصاد المصري تراجعاً في القطاعات كافة منذ ثورة 25 كانون الثاني (يناير) 2011 التي أسقطت نظام الرئيس محمد حسني مبارك، ما أدى إلى انخفاض احتياط النقد الأجنبي في البلاد بشكل كبير. وتوقفت عجلة الإنتاج بسبب إغلاق مصانع عدة وتراجع تدفق الاستثمارات الأجنبية وتوقف حركة السياحة، ما دفع الحكومة المصرية إلى اتخاد عدد من الإجراءات تتضمن استحداث رسوم وضرائب جديدة وإطلاق مشاريع استثمارية حديثة لوقف هذا النزيف المستمر.

وفي آب (أغسطس) 2014، أعلنت الحكومة مشروع «قناة السويس الجديدة»، والذي يقوم على حفر قناة موازية للمجرى المائي الحالي بطول 72 كيلومتراً، بكلفة ثمانية بلايين دولار، وذلك لزيادة عدد السفن العابرة للقناة من 49 سفينة يومياً إلى 98 سفينة بحلول عام 2023، متوقعة زيادة في أرباحها بنحو 13 بليون دولار. وافتُتح المشروع في السادس من آب (أغسطس) 2015، لكن تقارير دولية عدة شككت في قيمة العائد من القناة الجديدة، نظراً إلى ارتباطها بحركة التجارة العالمية.

وفي الإطار ذاته، أعلنت الحكومة المصرية البدء في استصلاح مليون ونصف مليون فدان لزيادة الرقعة الزراعية في البلاد بنسبة 20 في المئة، لتصل إلى 9.5 مليون فدان، وذلك بهدف تضييق الفجوة الغذائية التي تعاني منها مصر. لكن يبدو ان المشاريع الجديدة لم تكن كافية لتحسين الوضع الاقتصادي في البلاد، لذلك لجأت الحكومة الى فرض سلسلة من الضرائب والرسوم المستجدة، مثل زيادة قيمة الضريبة المفروضة على تذاكر السفر الجوي من مصر وزيادة الرسوم على إصدار شهادات الوفاة والميلاد والزواج والطلاق، ما استقبله المصريون باستياء شديد في ظل تدني مستوى الأجور والارتفاع الكبير في أسعار السلع والخدمات.

وفي تموز(يوليو) 2014، فرضت الحكومة ضريبة تقدر بـ 10 في المئة على الأرباح الرأسمالية في البورصة المحلية وعلى التوزيعات النقدية، بالإضافة إلى الأرباح الناتجة من الاستثمار في الأوراق المالية. وأصدرت الحكومة المصرية أخيراً، قراراً بفرض رسوم إضافية على تذاكر دخول دور السينما والملاهي واستخدام السكك الحديد في الدرجتين الأولى والثانية، وذلك لمدة شهر اعتباراً من مطلع كانون الأول (ديسمبر) الجاري بهدف تمويل الأعمال الخيرية في البلاد.

كما صدر قرار يُلزم الأجنبي طالب الزواج من مصرية بتقديم شهادة استثمار بقيمة 50 ألف جنيه بإسم طالبة الزواج المصرية، في حال جاوز فارق السن بين الزوجين 25 عاماً، ما أثار جدلاً واسعاً في الشارع المصري، فبينما رأى فيه كثيرون تقديراً للمرأة المصرية وتحصيناً لها ولمستقبلها وحفاظاً عليها من الاستغلال من دون مخالفة الشريعة الإسلامية، رآه آخرون استغلالاً للفتيات الفقيرات وهدراً لكرامتهم، معتبرين أنه رخّص بيع المصريات للأجانب، لأن فارق العمر كبير ومبلغ الخمسين ألفاً ضئيل جداً، معتبرين أنه نوع من «الإتجار بالبشر».

بالإضافة إلى ذلك، شهدت السياحة تراجعاً كبيراً نتيجة العمليات الإرهابية التي شهدتها مصر واعتداءات تنظيم «الدولة الإٍسلامية» (داعش) في سيناء ضد قوى الأمن. وجاء إسقاط الطائرة الروسية ليشكل ضربة موجعة للسياحة في منتجع شرم الشيخ، إذ قُدرت خسائر مصر السياحية بنحو 2.2 بليون جنيه. ويرى خبراء أنه على رغم كل الإجراءات التي اتُّخذت لمواجهة الأزمة الاقتصادية في مصر، فإن الاقتصاد ما زال يعاني من حالة ركود، خصوصاً بعد ارتفاع معدلات البطالة بشكل ملحوظ، إذ تقدّرها تقارير محلية بـ 12.8 في المئة من إجمالي قوة العمل، بينما يقدّرها “البنك الدولي” بأكثر من 25 في المئة.

صحيفة الحياة اللندنية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى