التحرر أم .. الحرية ؟؟
التحرر أم .. الحرية ضمن دوامة الفلتان الأمني والعنف ، والتي تدفع بالكثير من العائلات السورية للجوء الى دول الجوار هرباً من القتل والقمع والفوضى التي تعم المجتمع السوري حالياً، يتفنن البعض من رجال الدين في الأردن والسعودية ودول الخليج، بإطلاق فتاوى ونداءات، تقضي بتحليل الزواج من اللاجئات السوريات، أو اللواتي تعرضن للاغتصاب نتيجة هذه الأحداث، فشيخ أحد المساجد في الأردن دعا من منبره إلى الزواج من سوريات لاجئات بالأردن لقاء10 دنانير فقط ليستر عليهن، وهو ما أفتاه تحت عنوان (زواج السترة ) والمساعدة. كما أطلقت بعض المواقع الألكترونية طلبات للزواج من فتيات سوريات لاجئات أو مغتصبات من منطلق عمل الخير والسترة لكأن الفتيات اللاجئات أو اللواتي تعرضن للاعتقال والاضطهاد هم سبايا ومن واجب الرجل السترة عليهن. إن مثل هذا الدعوات تثير أسئلة خطيرة حول نظرة المجتمع العربي للمرأة بشكل عام وللمرأة المضطهدة بشكل خاص، ولها مدلولات تشير وبشكل فاضح الى مستوى التخلف الذي مازالت ترزح تحته مجتمعاتنا العربية.
إن هذه ظاهرة تدفعنا لإعادة تقييم القيم والمفاهيم التي تقوم عليها ثورات ربيعنا العربي لنطرح السؤال الأكبر وهو: كيف يمكن لمجتمع لا يحترم أكثر من نصف مكونه أن يكون حرا وعن أي حرية يتكلم ؟؟؟
من وجهة نظري هناك مفهومان يتصارع حولهما الفكر العربي الذي يسعى لتغيير واقعه الحالي الى واقع أفضل. إن ما تسعى اليه المجتمعات العربية هوالتحرر من أنظمة ديكتاتورية استبدادية، لتتمكن من الانتقال الى بيئة مناسبة وحاضنة اجتماعية مريحة، تتمكن خلالها من بناء أسس الحرية والديمقراطية الصحيحة المغيبة لعقود خلت، تبدأ من خلال تطبيق العدل والمساواة بين الجنسين إلى إطلاق حريات الرأي والتعبير. عندما نصل إلى هذا الجو الصحي الخالي من التسلط والاستبداد، يمكننا حينها أن نسعى للحرية الحقيقة القائمة على تغيير هذه المفاهيم البالية والنظرة الدونية للمرأة لأن مجتمعاً متطوراً وحضارياً وحراً سيرفض تسلط الرجل اللامنطقي وينبذه، هذا التسلط الذي يتبدى من خلال بعض فتاوى لامسؤولة وتصريحات مسيئة ومهينة لأي فرد كان، سواء أكان رجلاً أم امرأة.
إننا نحتاج إلى ثورة تحرر فكرية ونسائية حقيقية لينتقل مجتمعنا بوعي وسياسة ممنهجة الى احترام حرية الآخر مهما يكن وحقه في حياة حرة كريمة. فعندما نصل الى مرحلة نخرج فيها من سلطة الاستبداد الى سلطة الفكر والعقل واحترام الانسان عندها فقط نقول أننا مجتمع حر.