كتب

التراسلية وجماليات التخييل في ‘تراب سخون’ لأميرة غنيم

التراسلية وجماليات التخييل في ‘تراب سخون’ لأميرة غنيم..الكاتبة التونسية تستعيد فترة من تاريخ تونس بعد الاستقلال في عهد متقلّب سياسيا، انطلاقا من سيرة وسيلة بورقيبة و شخصيات بعضها تاريخي والآخر تخييلي.

 تستعيد الكاتبة أميرة غنيم في روايتها ” تراب سخون ” (مسكلياني للنشر، تونس،ط1، 2024) فترة من تاريخ تونس بعد الاستقلال في عهد متقلّب سياسيا. انطلاقا من سيرة وسيلة بورقيبة و شخصيات بعضها تاريخي والآخر تخييلي. فقد كانت وسيلة بورقيبة مدّة طويلة قريبة من السلطة جاست في أروقتها الخفية وشهدت صراعاتها ومكائدها وشاركت في تحريك خيوط اللعبة فيها من وراء الكواليس.

ويمكن أن يلاحظ القارئ بيسر التعالق النصي بين رواية “تراب سخون” وكتاب آخر لجاكلين غاسبار بعنوان “وسيلة بورقيبة” . هو جماع حوارات بين الكاتبة غاسبار ووسيلة بورقيبة في السنتين 1972 و1973 (نشر ديميتير2012) . وقد أشارت إليه أميرة غنيم في روايتها.

تنفتح رواية “تراب سخون ” في فصلها الأول. على حدث اعتراض دورية أمنية سيارة لسائق أجنبي للتثبت من هويته قبل محاولة اعتقاله. حينها يصلها اتصال هاتفي يدعوها إلى إطلاق سراحه. وفي الأثناء ينزلق من جيب السائق مفتاح تخزين (فلاش ديسك) تعثر عليه امرأة تتعطل سيارتها في نفس المكان . وبعد اطلاعها على محتوى القرص واكتشافها تضمنه وثائق سرية صوتية ومصوّرة تقرر تسليمه إلى “كاتبة مغمورة” علّها تصوغ من محتوياته مشروع رواية. تلقي أميرة غنيم بالطعم إلى روائية افتراضية وتحمّلها مسؤولية التصرّف في الوثائق السرية متعمّدة التلاعب بالقارئ، فيختفي  الراوي العليم الذي حضر في الفصل الأول وتحل محله شخصيات مرجعية تتراسل وتتفاعل هي وسيلة بورقيبة وجاكلين غاسبار وأخرى تخييلية (سعاد الكامل و درّة) لتتخلق الحكاية وتنمو و تكتمل.

زيارة وسيلة بورقيبة لبورقيبة في مقرّ إقامته بعد طلاقها منه وبعد عزله عن الرئاسة “رحلة مجنونة”

تروي وسيلة بورقيبة في “تراب سخون ”  زيارتها لبورقيبة في مقرّ إقامته بعد طلاقها منه وبعد عزله عن الرئاسة سنة 1987 .. فإذا هي “رحلة مجنونة” تغامر فيها الماجدة بنفسها وتواجه الصعوبات وتذللها بكثير من الحيلة والدهاء وذلك استجابة لرسالة وصلتها من بورقيبة يدعوها فيها لزيارته ويطلب استعادة “شيء” غامض موجود عندها. تتعدّد في هذه الرحلة إلى الرئيس العوائق تتدخل فيها أطراف خفية تفتح المسالك أو تغلق الأبواب. يكتشف معها القارئ ألاعيب ودسائس تنسجها أيدي الساسة والمخابرات والشرطة في فضاء سياسي وتاريخي متقلّب وغامض..

ما الذي ينتظره القارئ من رواية “تستعيد” ظاهريا تاريخ الزوجة السابقة للرئيس بورقيبة؟ هل ينتظر من الرواية الكشف عن أسرار جديدة وحقائق لم يذكرها التاريخ؟ هل يبحث عن صورة أخرى تردّد صداها عبر الحكايات المرويّة والإشاعات والصحف؟ كيف تفاعل التخييل مع التاريخ في رواية أميرة غنيم، هل استطاعت الرواية إماطة اللثام عن خفايا الشخصية التاريخية أم أعادت تشكيلها ورسمها وفق مقتضيات السرد التخييلي ومقاصد الكتابة؟

التراسلية وجماليات التخييل – قراءة في العتبات:

لقد عمدت أميرة غنيم  في الظاهر إلى محاكاة نص سابق (كتاب جاكلين غاسبار)، لتمحوه وتعيد كتابة الطرس وقد اختارت لذلك جنس الرواية التراسلية وكأن هذا الشكل الروائي امتداد فعلي لحوارات سابقة بين شخصيتين مرجعيتين، لكن باجتراح كتابة سردية مغايرة تروي فيها مغامرة امرأة من عالم السياسة تخوض تجربتها الأخيرة مع الزعيم…

يتضمن غلاف الرواية الخارجي صورة وسيلة بورقيبة لكنها ليست صورة فوتوغرافية كما وردت في كتب سابقة، ففي غلاف “تراب سخون” حرص على محو الأصل أو الصورة المرجعية وتعويضها بلوحة متصدّعة للشخصية  حيث نرى آثار التشقق في  خلفية اللوحة ممتدة إلى وجه الماجدة، موحية بتصدّعات في المرجع والشخصية.. أما عنوان الرواية “تراب سخون ” فهو إحالة نصية على مقولة معروفة في المعتقد الشعبي التونسي و الذاكرة الثقافية، مقولة ترى في تراب تونس (الوطن) قدرة خارقة على تجاوز المحن والمآسي بفضل ما يوفّره لها “الأولياء الصالحون” من حماية وما لهم من قدرات خارقة على تغيير الواقع. إن تعالق العنوان مع العبارة الشعبية المعروفة “تونس ترابها سخون” يثير السؤال عن مدى نزوع الرواية إلى تجسيده وتمثيله في مستوى المضامين والأحداث .

العناوين الفرعية أو العتبات

وتجلو العناوين الفرعية أو العتبات التي استهلت بها تسع رسائل  تنسب إلى الماجدة  التعالق النصي. مع عناوين أغان شعبية قديمة و مشهورة لفنانين تونسيين (دار الفلك من بعد طول العشرة – ما عندي والي يا ريدي – خلي يقولوا آش يهم …). فجاءت العناوين في ظاهر الصياغة منسجمة مع محتوى القرص  المشار إليه في بداية الرواية. حيث أسهمت الأغاني في الشرائط المسجلة في عملية التضليل وإخفاء محتوى المراسلات. لكن أميرة غنيم اختارت من عناوين الأغاني ما  يتناغم مع الأحداث داخل كل فصل. وما ينسجم مع الوقائع.  فغدت بذلك  ضربا من النصّية الموازية تجلو تفاعلا خلاقا بين النص والنصوص المصاحبة له .

تبدو عناوين الفصول مثالا لهذا المسعى الجمالي. الذي يدعم مرجعية الخطاب من ناحية وانغراسه في الواقع التاريخي التونسي (الأغاني التونسية ). لكنه يشرّع أبوابا عريضة لتأويل دلالاتها وعلاقتها بمتن الحكاية و مقاصد الكتابة .. من ذلك عنوان الرسالة الأخيرة “لا نحسبك خوّان يا غاليّ”. إذ يتماهى العنوان مع حدث المكاشفة بين وسيلة بورقيبة والرئيس المعزول. إذ يعلن لها دون تخفّ حبه امرأة أخرى، و يصلها خبر طلاقها منه بالهاتف وهي مسافرة. وينطبق الأمر على جلّ عناوين الفصول المستوحاة من الأغاني المعروفة.

الرواية التراسلية وجماليات التخييل:

ولئن بدا ظاهريا أن الشكل التراسلي في “تراب سخون” مجرد امتداد لحوار سابق بين وسيلة بورقيبة وجاكلين غاسبار. فإن أميرة غنيم لم تعمد إلى محاكاة هذا الحوار بل اختارت إعادة كتابته رواية تراسلية  تخييلية. مؤكدة  حوارية الرواية (باختين) وانفتاحها على تعدد الأصوات وقدرتها على احتواء أنماط مختلفة من الوعي الإنساني والرؤى.

يتضمن كتاب جاكلين غاسبار (2012) محكيات صغرى متفرقة وأحداثا مشتتة غير مترابطة زمانا ومكانا. يصلنا عبرها صوت واحد هو صوت الساردة (وسيلة) ورؤيتها الخاصة للعالم توجهه أسئلة مدروسة. هو جماع ذكريات تتصل بفترة الطفولة والشباب ثم النضج. كما واستعراض لمواقف “الماجدة” من الأحداث التي عايشتها وآراء في السياسة و الديموقراطية والنضال والعمل النقابي .. وعرض لتطور علاقتها ببورقيبة وبعض من عرفتهم من الرؤساء والمعارضين، وغيرهم ..

غير أن رواية أميرة غنيم ستنسج انطلاقا من كل هذه المعطيات حبكة جديدة وحكاية مختلف. تتشابك فيها الأحداث وتتعقد وتتصارع الشخصيات أو تتفاعل حتى تصل نهايتها. هي حكاية زيارة الماجدة أو “الرئيسة” كما كان يسميها البعض لرئيس معزول في مقر إقامته. زيارة حرصت على أن تكون سرّية، فإذا هي مكشوفة تلاحقها أعين خفية،وقد لابستها التعقيدات والعوائق لتنتهي بخيبة كبيرة .

التراسلية وجماليات التخييل : بنية الرواية تقوم على حبكة متوالدة تتفرع فيها الحكايات

وتقوم بنية الرواية على حبكة متوالدة تتفرع فيها الحكايات عبر ضروب من الاستطرادات والانحرافات السردية. تتعمد فيها الكاتبة خلط الأوراق وتكسير خط الزمان التتابعي لتلقي بالقارئ في خضم أحداث تتعرج وتتوقف. تتجه إلى الوراء قبل العودة إلى نقطة الانطلاق .. هي انحرافات مقصودة اختارتها الكاتبة لخلق مناخ روائي قوامه التفكك والاستطراد. دون أن يفقد قدرته على التشويق و خلق الحيرة وشد المتلقي .. فإذا به يتابع المغامرة أو وقائع الرحلة ليعود إلى الماضي مع الشخصية الرئيسية وهي تستعرض خطة الزيارة. وتتذكر بعض مشاهد طفولتها في الضيعة وتروي قصة انقطاعها عن المدرسة وإصابتها بالسلّ وبعض ذكرياتها مع الرئيس. قبل أن تعود إلى وقائع السفرة  التي تخوضها سرّا للوصول متنكرة إلى مقر بورقيبة. ينفتح السرد إذن على التذكر والتأملات والوصف وضروب من الاستطراد قبل العودة إلى نقطة الانطلاق.

وبما أن خطاب الرسالة عموما فضاء للحميمي وللاعتراف والبوح ينقل فيه المرسل أكثر أحاسيسه إحراجا وحميمية ويطلق فيه العنان لتبوح الذات بما عجزت عن قوله في مقامات التواصل المعهودة، فإن رواية أميرة غنيم، وقد جعلت التراسل قوام الرواية وشكلها المميز. قد أطلقت للشخصية الرئيسية العنان لتنقل اعترافاتها وتصف حزنها وانكساراتها. كما وفيض المشاعر الخفية التي لا تسمح بعرضها الحوارات الرسمية (في كتاب غاسبار).” نعم يا جاكلين، دفع الزعيم غاليا ثمن ما سفحه من دموعي وأظنه ما زال إلى اليوم مدينا. والآن وأنا وحيدة في غرفتي المظلمة أقرّب رأسي من هذه الآلة الدائرة في حياد مرعب لأهمس إليك باعترافاتي..” (ص50)

“الرسالة” في “تراب سخون” الشكل الخطابي الأنسب للاعتراف وللبوح وإطلاق صرخات الغضب

تبدو “الرسالة” في “تراب سخون” الشكل الخطابي الأنسب للاعتراف وللبوح وإطلاق صرخات الغضب والإدانة التي تقمعها المعاملات الرسمية مع الرؤساء :”نعم يا جاكلين، الزعيم المفدّى الذي رفع المرأة التونسية إلى مقام لم تبلغه امرأة عربية قبلها صفع زوجته في نوبة غضب ومزّق خصلة من شعرها . وأرجو منك ألا تحتفظي بهذه النقطة عند تفريغ التسجيل. حفاظا على كرامتي. صحيح أني لم أكن قد صرت في ذلك الزمان زوجته، ولكن هل يصنع الأمر فارقا حقيقيا؟ “(ص148).

تنويع طرائق التبئير وتعدد الأصوات والرؤى ودعم حوارية الرواية

كما أسهم الخطاب الترسلي في تنويع طرائق التبئير وتعدد الأصوات والرؤى ودعم حوارية الرواية. فصوت سعاد الكامل في الرواية يأتي أحيانا ليمثل الصوت  المغاير أو السارد المحايد (حاشية أخيرة ص175). أو لتقديم قراءة مختلفة لبعض الأحداث. تكتب سعاد الكامل مخاطبة جاكلين غاسبار :”لفائدة أيّ جهة سياسية تقومين اليوم بالتحقيق… وما شأنك أنت بتاريخ تونس والتوانسة؟ ومن سألك يا سيدتي الدكتورة أن تعينينا على كتابة التاريخ؟” (ص52) فكانت بذلك الصوت المخالف والمشكك. لكنه لم يعطل مع ذلك عملية التواصل وتبادل الرسائل وسرد الوقائع وكشف الأسرار.

غير أن بناء الشخصية الروائية تخييلا يقتضي صياغة أكثر تنوعا في مستوى الملامح والمواقف والخطاب . فشخصية وسيلة بورقيبة في “تراب سخون” هي غير تلك التي رسمتها كتب التاريخ الرسمية و محاوراتها مع جاكلين غاسبار.. لقد أخرجتها أميرة غنيم من ردهات القصور وقاعات اللقاءات الرسمية والديبلوماسية  لتزج بها في شاحنة قديمة  في طريقها إلى زوجها السابق. و رمت بها أحيانا في حقول ضيعة تعمل على استصلاحها، وأدخلتها مركز الشرطة لتتلقى كل الإهانات الممكنة قبل أن يقدّم رئيس المركز اعتذاره لها ويطلق سراحها. وجعلتها الكاتبة في النهاية تتلقى الضربة القاصمة من رجل أحبها وأخطأ نحوها . ومع ذلك حافظت الكاتبة في رسم شخصية الماجدة على صفات مرجعية معروفة عنها منها النضال والذكاء والدهاء والوفاء للوطن وللزوج الذي أحبها .

التشابيه و جمل الدعاء ومفردات المعجم مستمدة من مقامات الخطاب اليومي لدى المرأة التونسية

لم تعد الشخصية التاريخية وقد غادرت القصور ودخلت عالم التخييل “الرئيسة” و”الماجدة” . وإنما غدت المرأة التونسية “الشعبية” تعبر بصوتها ولهجتها اليومية، وتتصرف وفق مقتضيات واقعها أيضا. وبذلك اختلفت طرائق نحت الشخصية وأشكال “التطريز” في نسج ملامحها وصياغة خطابها . فالتشابيه و جمل الدعاء ومفردات المعجم التي تأتي على لسان وسيلة بورقيبة تخييلا وفي خطابها التراسلي مستمدة من مقامات الخطاب اليومي لدى المرأة التونسية في الأوساط الشعبية.  ومن صميم حياتها اليومية : “يبقبق كقدر بالحلزون المسلوق ..تظنني عطّار حيّهم.. كخلاط كهربائي في سرعته القصوى.. داء على لونك يا سعاد ..الوباء والكرّادي، يكبّ سعد اللّي علّمك ..خلخل الله أسنانها”… وبذلك رسمت الكاتبة ملامح امرأة لا تتخفى وراء المساحيق اللغوية واللغة المهذبة المصطنعة. أو تلك التي تفرضها ضوابط  الديبلوماسية وقواعد التعامل السياسي. وهو ما أضفى الكثير من روح الفكاهة على بعض المواقف لامست بها الكاتبة فن الرسم الكاريكاتوري أحيانا.

ظاهرتي الغموض و الرمز في الرواية من مقومات جماليتها   

التراسلية وجماليات التخييل : و يمكن اعتبار ظاهرتي الغموض و الرمز في الرواية من مقومات جماليتها  مما يجعلها قابلة لقراءات متعددة المستويات. فمن وجوه الغموض في الرواية ذلك “الشيء” الذي لا تصرح الكاتبة في البداية بهويته ويطلب بورقيبة من طليقته استرجاعه، والذي تعمد جل الشخصيات إلى إخفائه أو تتنازع لاسترداده،فينكشف حينا جزءا من تاريخ البلاد وتراث قرطاج وإن تلبس بهالة أسطورية، و يغدو أحيانا مجرد حلية تتزيّن بها المرأة (حزام العروسة) وقد يتحوّل أداة سحرية لدى البنت درة، أو يتجلى في الكوابيس مؤشر خلاف و قطيعة بين الزوجين (ص120)..ليكتشف المتلقي في النهاية دلالات أخرى لذلك “الشيء” هي أقرب إلى معنى الوطن تتناهبه الأيدي.

كما تجترح أميرة غنيم عبر رمزية “الوحمة” في صدر بورقيبة فضاء التخييل لتوسّع آفاق التأويل. تحاور عبر رمزية “الوحمة”  المخيال الجماعي والتراث الخرافي  الشعبي والتحليل الأسطوري لتصل في النهاية إلى التفسير العلمي (على لسان بورقيبة الرافض للخرافات) قبل أن تحوّلها رمزا لوطن تنهب كنوزه وتنزف جروحه (الوحمة المعروفة في صدر بورقيبة تنتقل إلى ساق البنت آمال وهي تنزف ) وبذلك تتكثف رمزية الوطن المنهوب أو الثورة المغدورة عبر عديد الإحالات و الشخصيات .

التراسلية وجماليات التخييل – أسئلة التاريخ والتخييل:

هل كانت تلك مقاصد أميرة غنيم؟ ألم تجعل منذ العتبات صورة وسيلة بورقيبة متصدعة وكأنها تدعونا إلى التثبت من هويتها وأن تزعزع الثوابت الراسخة في الشخصية التاريخية وتهدم يقين القارئ بوجود حقيقة تاريخية واحدة؟ أي صورة لتاريخ تونس أرادت تثبيتها ؟ هل كان تراب تونس(الوطن) محميّا فعلا كما أوهمنا بذلك العنوان والحال أننا نشهد في أحداث الرواية كل أنواع الخيانات والتآمر والتقلبات في الوطن ؟ ثم أليس القارئ أيضا طرفا في كتابة هذا التاريخ باعتبار أن له تأويله الخاص لتاريخ وطنه وأن القصة هي أيضا قصّته ؟

بين الرواية التراسلية والرواية التاريخية والرواية التجريبية ما بعد الحداثية يتردد المتلقي في تنزيل رواية أميرة غنيم “تراب سخون” في خانة محدّدة من هذه التصنيفات.. ربما لأنها تجمع العديد من هذه السمات، وربما لأنها تتجاوزها بما يشكل فرادتها وخصوصيتها. فبين محو نموذج سابق وإعادة كتابة، تتحوّل رواية “تراب سخون” من المحاكاة إلى تهشيم الثوابت في السرد والواقع، تهشيم الثوابت في المخيال الجمعي والتاريخ، ربما أيضا  في محاولة لكسر طوق الصمت وإعلاء صوت المرأة في عالم يحاصرها، لذا كانت كل الأصوات الساردة للتاريخ في الرواية أصواتا نسائية. ألم تصرّح الكاتبة في مفتتح الرواية وعلى لسان إحدى شخصياتها بأن “الحكمة كلّها، لو جمعت في مدينة وأغلق عليها باب، لم يكن مفتاحه إلا النساء”؟

ميدل إيست أونلاين

 

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على الفيسبوك

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على التويتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى