افتتاحية الموقع

التسوية الإقليمية : حقيقة أم رغبات معاقة ؟؟

هل صحيح أن هناك التسوية الإقليمية شاملة يجري إنضاجها ؟؟ وهل  تعمل القوى الفاعلة كل بطريقتها على تقوية دورها، وبالتالي حصتها في هذه التسوية ؟؟ و إستطراداً ما هي مؤشرات و ملامح مثل هذه التسوية الإقليمية الشاملة ؟؟ و كم هي حظوظها من النجاح في إنتاج الإستقرار والأمن والتعاون في الإقليم ؟؟

على الأقل، منذ أن التقى بايدن وبوتين في فيينا ، جرى الإتفاق على تفعيل المشاركة بينهما في القضايا الممكن لهما التعاون فيها، ومنها القضية الفلسطينية والعراق وسورية ولبنان والبرنامج النووي الإيراني . . فإذا تذكرنا أن كلا  القوتين العظميين على علاقة ممتازة باسرائيل، و تتفقان على ضرورة تأمين حل يحفظ أمنها، و لا شيئ غير حل الدولتين يمكن أن يحقق أمن إسرائيل، و يعطي الفلسطينيين حقهم في دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية . كما أن توجه العراق لتأكيد مرجعية الدولة الوطنية وتفعيل دوره العربي كجزء من العروبة والعالم العربي، مع حفظ علاقة التعاون والإحترام المتبادل مع دول الجوار ومنها إيران وتركيا كما يفعل الرئيس مصطفى الكاظمي، هذا التوجه العراقي يحظى أيضاً بتأييد القوتين العظميين الأميركية و الروسية ولا ترفضه تركيا، و ستقبله إيران عندما يصبح أمراً واقعاً، خاصة إذا حفظ لها مصالحها كدولة جوار . . أما في سورية ، فإن أي تسوية إقليمية لا يمكنها التعامل إلا مع حقيقة أن الدولة السورية قد أستعادت سيادتها على معظم الأرض السورية ، وأنها القوة الأساسية  ومركز التوازن للإستقرار والأمن في الإقليم ، خاصة لجهة محاربة الإرهاب و ضبط التوازن بين قوى الإقليم المتنازعة، ومركز تقاطع طرق الطاقة اللازمة لأي تنمية، و حقائق سورية التي نضجت بعد كسرها للقوة الأساسية لإرهاب داعش، و طردها النصرة و منوعاتها إلى الشمال الغربي، و بعد تبعثر المعارضة و إنكشاف فساد معظمها، كل ذلك جعل حقائق الدور السوري الإقليمي أكبر من أي مصلحة يمكن أن تحققها أميركا من دعم الإنفصاليين شمال شرق سورية ( و إنسحاب الأميركيين بات قريباً ) . كما أنها – الحقائق السورية – أهم من كل وظيفة يمكن أن تقوم بها النصرة في أدلب . . و يبدو أن ( التطبيع الأميركي ) مع الحقائق السورية سيمر جزء كبير منه عبر لبنان  خاصة و أن واشنطن أبلغت لبنان بموافقتها وسماحها لإستجرار الغاز المصري  والكهرباء من الأردن عبرسورية مما يعني أن الإدارة الأميركية بدأت بتفكيك مفاعيل قانون قيصر.. ( بدأت فقط ) . كما أنها تغض الطرف عن العملية العسكرية السورية لإستعادة سيادتها على الجنوب السوري وخاصة درعا .. و مع نضوج الحقائق السورية فإن الحكومة اللبنانية صارت أقرب للتشكل والخروج إلى العمل . و يبدو أن ما طرحه رئيس المخابرات المركزية الأميركية وليم بيرنز في لبنان حول إنسحاب إسرائيل من مزارع شبعا ممكن مقابل إتفاق حول حدود سلاح المقاومة وحول الحدود البحرية . كما أن زيارة عباس كامل على رأس وفد مصري ومباحثاته مع حزب الله و التحضير لزيارة وفد من حزب الله إلى القاهرة يكمل كله و يشرح ما طرحه بيرنز في إطار تسوية لبنانية تسهل التسوية الإقليمية … كل هذه مؤشرات عن جهود تدفع  نحو تسوية إقليمية شاملة . و كما هو واضح ، فإن ( الحقائق السورية ) هي مركز الفعل و مكمن الطاقة المطلقة لأي تسوية إقليمية ممكنة و مستدامة و تحقق مصالح شعوب و دول المنطقة.

كل من يرى ملامح تسوية إقليمية شاملة ينتبه إلى مؤتمر جوار العراق ، والعالمون بالأموريعرفون أن غياب سورية عن المؤتمر تم بتوافق عراقي (عربي) مع سورية ، و بناء على حنكة سياسية براغماتية ترى أن نجاح المؤتمر سيصب في إتجاه إستعادة سورية لدورها العربي المحوري و عودتها إلى الجامعة العربية . لذلك تجاوزت دمشق شكليات الحضورطالما أنها ستحضر كقضية أساسية لإستقرار المنطقة ، و طالما إنها ستعود لتمارس دورها كقوة توازن بين العرب وإيران ، لذلك فإن لنجاح مؤتمر جوار العراق معنى مهماً في دفع التسوية الإقليمية الشاملة بإستعادة الدور العربي في المنطقة  … إنها التسوية التي يسعى لها العرب أساساً لضمان إستقرارهم وأمنهم وفتح الطريق أمام إزدهارهم و إستعادة دورهم الدولي و الحضاري …فهل نصل لهذه التسوية الشاملة ؟؟ أم نظل كومة من الدول المعاقة ؟؟؟

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى