تحليلات سياسيةسلايد

الجزائر تدشّن مرحلة تفكيك منظمات المجتمع المدني

أكد مجلس الدولة في الجزائر  الخميس قرارا للمحكمة الإدارية صدر في أكتوبر/تشرين الأول 2021 يقضي حلّ بمنظمة “تجمع عمل شباب” المعروفة باسم “راج” التي برز دورها خلال الحراك الشعبي في 2019 الذي أزاح الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة من الحكم، في وقت تتصاعد فيه الانتقادات الدولية والداخلية بشأن سعي السلطات الجزائرية لتفكيك منظمات المجتمع المدني واستهداف نشطاء الحراك بالملاحقات القضائية والسجن بتهم مفبركة.

وكتبت المنظمة على صفحتها على موقع فيسبوك “مجلس الدولة: قضية جمعية راج مع وزارة الداخلية: تأييد الحكم الصادر من المحكمة الإدارية والذي يقتضي بحل الجمعية الوطنية للشباب نهائيا”. و”راج” هو اختصار لـ”تجمع عمل شباب” باللغة الفرنسية.

وجاء القرار بعد يوم من الذكرى الرابعة لانطلاق الحراك الشعبي في 22 فبراير/شباط 2019 والذي بدأ للاحتجاج ضد ترشح بوتفليقة لولاية خامسة وتطور خلال مسيرات أسبوعية لنحو سنة كاملة للمطالبة بالحرية والديمقراطية.

وفي أول رد فعل اعتبرت منظمة العفو الدولية أن “حل الجمعية بمثابة ضربة قاسية للحق في حرية تكوين الجمعيات التي يكفلها الدستور”، بينما اعتبر فتحي غراس منسق حزب الحركة الديموقراطية الاجتماعية (يساري) أنه بتجميد نشاط حزبه وغلق مقراته وحل جمعية “راج” فإن النظام يبحث عن مخرج لأزمته لقتل الحياة السياسية.

وأصدرت المحكمة الإدارية في 13 أكتوبر/تشرين الأول وبناء على شكوى من وزارة الداخلية قرارا بحل جمعية “راج” وطعنت المنظمة في القرار لدى مجلس الدولة أعلى هيئة قضائية في المحاكم الإدارية وقراراته غير قابلة للمراجعة.

وبدأت الملاحقات ضد الجمعية الشبانية بسجن رئيسها عبدالوهاب فرساوي ستة أشهر بتهمة المساس بسلامة وحدة الوطن في 2020.

وكانت نفس المحكمة قد قرّرت حل الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان في سبتمبر/أيلول في إجراءات قضائية أُجريت بغيابها وبناء على شكوى تقدمت بها وزارة الداخلية في مايو/أيار 2022.

واعتبرت الرابطة التي كانت تنشط بشكل قانوني منذ 1989 أنها “مثل المنظمات والأحزاب السياسية الأخرى تدفع ثمن نضالها، مثل ملايين الجزائريين، في الحراك السلمي من أجل الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان” وسبق أن أعلنت في نهاية يناير/كانون أنّ السلطات الجزائرية أصدرت قرارا بحلّها في ختام محاكمة غيابية في مشهد يشير إلى انزلاق النظام الجزائري إلى مزيد من الاستبدادية وقمع معارضيه وانتهاك الحقوق والحريات.

وعلّقت ماري لولور، مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان على قرار حل “راج” بقولها “يجب إنهاء أعمال الترهيب والإسكات والقمع ضد حركة حقوق الإنسان”، معتبرة أن حل الجمعيات الحقوقية الجزائرية يكشف عن حملة قمع مقلقة ضد منظمات المجتمع المدني ويقوض بشكل خطير المساحة المتاحة للمدافعين عن حقوق الإنسان للقيام بأنشطتهم المشروعة في مجال حقوق الإنسان.

وبدأ الحراك في فبراير/شباط 2019 رفضا لترشح الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة ويطالب نشطاؤه بتفكيك النظام السياسي القائم منذ استقلال الجزائر عام 1962.

وكانت الجزائر قد تعرضت لانتقادات حادة أمام مجلس حقوق الإنسان بجنيف بسبب ملفها الحقوقي، خاصة فيما يتعلق بحرية النشاط الجمعوي والسياسي، فيما أكد وزير العدل الجزائري رشيد طبي أن هناك قوانين يجري تحضيرها لإزالة عوائق النشاط، مشيرا إلى إعداد مشروع قانون يحدد شروط وكيفيات إنشاء الجمعيات.

كما أكد الحكومة تعمل على إنجاز “مشروع القانون الذي يحدد شروط وكيفيات ممارسة حرية التجمع والتظاهر السلمي”.

ويوجد ما لا يقل عن 260 جزائريا وراء القضبان على خلفية الحراك أو قضايا حريات فردية، وفق اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين.

ووجهت عشرات من المنظمات جزائرية ودولية في وقت سابق رسالة إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على خلفية التصاعد الملحوظ لمستوى القمع والتجريم المتزايد لحريات التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات بالجزائر.

وبدأت ملامح “المرحلة الجديدة” التي وعد بها الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون تتكشف على وقع تصعيد في حملة قمع الحراك الشعبي، فيما أشارت تقارير دولية إلى قتامة الوضع المتعلق بالحريات وحقوق الإنسان في البلاد.

وتصم السلطات الجزائرية آذانها عن كافة الانتقادات في هذا الشأن وتحرص على الترويج لرواية أن نظام الرئيس عبدالمجيد تبون يسعى إلى بناء جزائر جديدة تقطع مع تجربة النظام الواحد لكن الواقع مغاير تماما.

 

ميدل إيست أون لاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى