تحليلات سياسيةسلايد

الجزائر وفرنسا تدشنان فصلا جديدا من التصعيد “مُعاملة بالمثل”

لوحت الجزائر بتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل ردّا على قرار باريس منع الدبلوماسيين الجزائريين، من دخول منطقة تسلم وتسليم الحقيبة الدبلوماسية في المطارات الفرنسية، في أحدث فصل من فصول التوترات بين البلدين، فيما لا تلوح في الأفق أي بوادر لانفراجة في الأزمة الدبلوماسية.

ووصفت الجزائر الإجراء الفرنسي بأنه “مساس خطير” بحسن سير عمل بعثتها الدبلوماسية، مشيرة في بيان أصدرته خارجيتها إلى أن القرار يشكل “انتهاكًا صريحًا لأحكام اتفاقية فيينا للعلاقات التي تضمن حصانة الحقائب الدبلوماسية وحرية الاتصال”، باعتبار أن الحقيبة عادة ما تكون مصونة ولا يجوز فتحها أو حجزها.

وشددت على احتفاظها بحقها في اللجوء إلى جميع السبل القانونية المناسبة، بما في ذلك إخطار الأمم المتحدة، من أجل الدفاع عن حقوقها وضمان حماية بعثتها الدبلوماسية في فرنسا.

ويأتي هذا القرار في وقت تقترب فيه العلاقات بين البلدين من القطيعة بسبب التصعيد المتبادل، فيما أدت أزمة اعتقال الكاتب الفرنسي من أصل جزائري بوعلام صنصال والحكم بسجنه خمس سنوات رغم الدعوات للإفراج عنه بسبب وضعه الصحي وتقدمه في السن، إلى مزيد تأجيج التوتر.

وكان وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو توعّد منذ نحو أسبوع بفرض إجراءات مشددة على النخبة الجزائرية في فرنسا متهما إياها بتشوية صورة بلاده، داعيا إلى مراجعة اتفاق الهجرة المبرم في العام 1968 والذي يمنح المهاجرين الجزائريين العديد من الامتيازات.

ويتبادل البلدان الاتهامات والتصريحات التي تعكس عمق الخلافات، خاصة من جانب وزير الداخلية الفرنسي، الذي حمّلته الجزائر “المسؤولية الكاملة” عن التصعيد الأخير.

وتطالب فرنسا السلطات الجزائرية باستعادة رعاياها “غير المرغوب بهم” على أراضيها وخاصة الذين صدرت بحقهم أحكام ترحيل في قضايا مختلفة، بينما ترفض الأخيرة ما تعتبره “تضييقا” على مواطنيها متهمة باريس باستخدام هذا الملف كورقة ضغط.

كما شهدت العلاقات توترات سابقة بسبب قضايا تتعلق بالتدخلات الأمنية وطرد دبلوماسيين واعتقال شخصيات، مثل قضية المؤثر الجزائري أمير بوخرص والصحافي الفرنسي المتخصص في كرة القدم كريستوف غليز الذي حكمت عليه محكمة جزائرية الشهر الماضي بالسجن 7 سنوات بتهم من بينها “تمجيد الإرهاب”.

وتثير الأزمة الدبلوماسية بين باريس انقساما في الساحة الفرنسية بين شقّ يدفع من أجل استخدام كافة أوراق الضغط التي تمتلكها باريس من أجل وضع حد للتصعيد الجزائري، وشق آخر، يضم العديد من الشخصيات وأحزاب من اليسار، ويحث على تفعيل الحل الدبلوماسي بهدف طي صفحة الخلاف وبالتالي إعادة الدف إلى العلاقات مع شريك تاريخي.

وتشير بعض القراءات إلى أن هناك أطرافا في كلا البلدين توظف الأزمة لتحقيق مكاسب سياسية داخلية، مما يزيد من صعوبة التوصل إلى حل.

وتذهب بعض التحليلات إلى حد القول إن العلاقات الفرنسية الجزائرية دخلت منعطفًا خطيرًا، وأن تحقيق انفراجة في الأزمة لم يعد ممكنا في حال لم تحدث مبادرات جادة لتسوية الملفات الخلافية، ويتصدرها ملف الذاكرة المتعلق بالفترة الاستعمارية، والتي تتطلب تنازلات من الطرفين.

ويرى مراقبون أن الجزائر التي تمتلك مفتاح التهدئة ترفض التسليم بأن باريس لن ترضخ لأي ضغوط تهدف إلى دفعها إلى مراجعة دعمها الراسخ لسيادة المغرب على صحرائه أو العدول عن مساعيها الرامية إلى مساندة القضية المغربية في المؤسسات الدولية ولا سيما مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

 

ميدل إيست اون لاين

 

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على الفيسبوك

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على التويتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى