الجنة على الأرض

 

“كن سعيداً… فهذه إحدى الطرق إلى السعادة”

_____________________________________

أصعب أنواع الحوارات مجادلة اليقين، والمسلم به، والنهائي الناجز، والعقائد التي مات في سبيلها، أو في معاركها، بشر ليس لديهم فرصة الندم.

هذه المجادلة لا جدوى منها، ولا نتوقع منها سوى الخذلان . وعلى رأس هذه القضايا: الأديان

مسيحي يجادل يهودي، مسلم يجادل مسيحي. ملحد يجادل أحد الأنواع الثلاثة. وبين هؤلاء جميعاً… أحفاد لمجازر داخل الدين الواحد. كالمجازر بين البروتستانت والكاثوليك أو بين الشيعة والسنة…إلخ.

إن الأحفاد، حتى هذه اللحظة، يرثون فكر المجزرة وأساليبها. ولذلك لا حوار ولا نتائج للحوار. والسؤال الآن:

ـ كيف سنعيش إذن في ظلال السيوف، والأمر بالطاعة العمياء لمندوبي الأرباب؟

أكيد ليس بمجادلتهم، كما فعل المرحوم العلماني الطيب تيزيني مع المرحوم الإسلامي رمضان البوطي. وليس بالتحسر على فاصل حياة مدنية في فترات من التاريخ. كما ليس بابتكار يقينيات جديدة كالماركسية التي حاولت الأحزاب العربية صهرها وتبييئها ولم تنجح.

الحل هو لدى جمهور يصل إلى السلطة، ويبني ممالك أو جمهوريات العدل والمساواة… والانتباه إلى الهوية الأولى للإنسان:

“الكائن البشري” منزوعاً منه، برضاه الفلسفي، كل أنواع الهويات الأخرى سوى الهوية الثانية، بعد “الكائن البشري”، وهي هوية المدنية الأعلى والتمدّن الأرقى… “المواطنة”.

إلى جانب العدل: حرية الخيارات في الانتماء إلى معتقد أو دين أو فئة اجتماعية ـ طبقية.

إلى جانب حرية الخيارات… تصنيع الحياة السهلة، البهيجة، المسرّة، المتنوعة، الحدائقية، والسفر، والضجر، والرقص، واحترام الجسد… وألا يكون في حديقتك الأمامية عرس، وفي حديقة جارك الخلفية مأتم.

وبجملة واحدة: أن تكون صناعة الحياة مضادة لقسرية الأديان، وأن تكون سهولة الحياة، مضادة لوعود الآخرة، وأن يكون النص الإنساني حراً في تجاوره مع النص الديني.

إن “حزب الوردة” في هكذا حياة سينتزع من الجبهات الإسلامية قيادة الأفكار والمسالك والخيارات تاركاً لهم الجوامع والصوامع والكنائس والتكايا.

إن خلق أنماط جيدة للحياة الاجتماعية… سيسحب، ببطء في البداية، فئات عمرية متدرجة في الانتماء إلى هذه التيارات الجديدة في الحياة، وإلى القيم الجديدة في البيئات المحلية. وإلى النفور من التعصب، والعنف، وازدراء المختلف الآخر.

يجب أن تبني الجبهة المدنية اللطيفة، الملساء، المتفاعلة… القابلة للنمو وللسيادة دون أي نوع من أنواع العنف. وبناء هذه الجبهة هو الطريقة الوحيدة للتصدي للأديان ومنوعاتها اليقينية… جبهة الجنة هنا والآن على هذه الأرض.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى