الحرب السورية للرايات

تحتل الشعارات مكاناً بارزاً في حياة الأمم والشعوب فهي رموز الأمة فالعلم الأمريكي بنجومه يرمز إلى الولايات الواحد والخمسين أما العلم الإسرائيلي فخطوطه الزرقاء ترمز إلى أحلام الصهاينة بدولة من الفرات إلى النيل في قلبها نجمة داود التي تركز على يهودية الدولة أما معظم شعارات الدول العربية فترمز إلى القوة من خلال السيوف والصقور والنسور فمعظم أعلام دول العالم ترمز لخلفياتها التاريخية والنضالية أو الدينية فالصلبان تطغى على معظم الأعلام الأوربية مركزة على خلفياتها الثقافية المسيحية، وقد تتحول الأعلام رمزاً للطغيان أو الفساد فعلم الاتحاد السوفيتي ذا المنجل والمطرقة بخلفيته الحمراء التي ترمز للثورة البلشفية الشيوعية تحول لشعار حقبة دموية ولىت مع ظهور روسيا الحديثة وأما العلم الياباني فتعتليه الشمس الساطعة في إشارة إلى الإمبراطورية اليابانية ولكن سقوطها وفقدان إمبراطوريتها حول العلم الجديد لرمز موحد للبلاد وإن بقيت الشمس الساطعة.

ولكن لا بد لي من التساؤل عن بعض الأعلام العربية التي ترمز إلى الأنظمة وليست الدول فماذا كان يرمز العلم الليبي الأخضر وقد انتهى مفعول الكتاب الأخضر قبل أن يسقط النظام.

أما أعلام ما دعي بالدول الثورية سابقاً فإني محتار بماذا ترمز فهي تتحد بألوانها ولكن ماذا ترمز نجومها فنجوم الأعلام السورية العراقية والمصرية كانت ترمز لاتحاد الدول العربية فانفرط عقدها فقامت مصر بإزالة النجوم وحل محلها شعار الدولة أما العراق فقام الرئيس الراحل صدام حسين بتغيير نجومها باسم الجلالة الله أكبر خلال السنوات الأخيرة من حكمه وعند سقوط النظام عدلت كتابة لفظ الجلالة الله أكبر ا ليعبر عن نظام جديد.

وبالتالي مرموز تلك الدول عبرت عن مرحلة تاريخية وليس معاناة ونضال شعوبها وإن فقدت الشعارات بريقها فالأعلام فقدت قدسيتها فالمحتجون على سيطرة الشركات الأمريكية في ولال ستريت (المركز المالي الأمريكي في نيويورك) لم يرفعوا العلم الأمريكي، بل إن كثير من الملابس الداخلية والأوربية والأمريكية تعتليها أعلام بلادهم وهكذا تحول رفع الأعلام إلى ظاهرة احتفالية وليست وطنية.

ولكني أتساءل لماذا أصبح العلم السوري؟ هل العلم السوري موضع نقاش فالموالون يرفعون في مسيراتهم العلم الحالي ذي اللونين الأحمر والأسود بينما يرفع المعارضون في تظاهراتهم علم الاستقلال وبالطبع لكل العلمين حرمته فعلم الاستقلال سقط على جوانبه الآلاف السوريين من الشهداء وسقط مخضباً بدماء المدافعين عن البرلمان السوري عام1946 من قذائف المستعمرين الفرنسيين واستشهد حاملوه في حربي عام 1967م وعام 1973م ولكن منذ قيام الانقلاب العسكري في الثامن من آذار عام 1963م ظهر العلم الحالي رفضاً لاستقلالية سورية عن وجودها العربي أما أن يصبح كلا العلمين مجال تجاذب وأن يقوم بعض المتعصبين باهانة علم الاستقلال فليس مقبول مهما كان حبهم لدولة البعث بل إن علم حزب البعث رفرف على صواري أبنية الحكومة لعقود بدلا من علم الدولة ، ولكن من سخرية الأمور أن يقفوا مشدوهين عاجزين بلا حراك أمام الأعلام السوداء لمنظمة دولة الشام فهل دخلنا مجال القهقرة إلى العصور الوسطى حيث يحمل طليعة المحاربين الأعلام لقهر خصومهم بحيث أصبح دم السوري مباحاً تحت مسميات شتى من الإرهاب والمؤامرة والتخوين وتبريرات فقدت مصدقاتها في صراع على السلطة والمال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى