فن و ثقافة

الحركة السياسية في سورية قبل وبعد السقوط : القوى السياسية المعارضة-أ (4)

عماد نداف

خاص

لايمكن الحديث عن نمط واحد من معارضة (الأسد) إلى الدرجة التي استغل فيها هذه النقطة، ونفى أن يكون هناك معارضة واحدة في سورية، لكن المرحلة السابقة شيء والمواقف بعد السقوط شيء آخر يمكن البناء عليه، رغم التباين الواضح في وجهات النظر، فما أن سقط النظام السابق حتى توالت المواقف من سورية وكل أنحاء العالم، وقبل أن نقف عند عرض سريع لها لابد من الوقوف مع الإشارات الهامة التي قدمها السيد أحمد الشرع الذي قاد عملية إسقاط النظام تحت مسمى إدارة العمليات، فقد كثف الإعلام موقفه بالنقاط التالية :

” التأكيد على 3 مراحل للفترة الانتقالية:

1- مؤتمر وطني جامع لكل السوريين

2- ينبثق عن المؤتمر لجنة خبراء أو مجلس استشاري ويمكن القول بمعنى آخر هيئة انتقالية، تهيئ البنية التحتية لانتخابات عامة.

3- انتخابات عامة يحدد فيها السوريون مستقبلهم خلال السنوات القادمة.”

وفي إيضاحاته التالية، كان الشرع واضحا برسم أسس لإعاد بناء الدولة ، ومع ذلك فإن ثمة حاجة لدراسة خاصة لوجهة نظره ، بعد أن نقف عند آراء القوى والشخصيات الأخرى ، ففي أول ظهور له وافق السيد فاروق الشرع على المشاركة في مؤتمر وطني للحوار (نتذكر مؤتمر صحارى الذي ترأسه في بداية الأحداث) .

وكان الرأي اللافت هو رأي المعارض الدكتور هيثم العودات المعروف باسم (هيثم مناع ) ، فقد أصدر بيانا في 22 كانون الأول عام 2024 بعنوان (من أجل أوسع توافق وطني مواطني على خارطة طريق جديدة ) ، وصف فيه الفصائل التي أسقطت النظام بأنها “أيد قادرة على إعادة إنتاج النظام السياسي القديم بثياب جديدة تضم في عباءتها جراح الصراعات الدموية البينية وجرائم الحرب و التصفيات” ، وقال : ” لا يمكن بناء دولة سوريا اليوم, دون تضافر جهود كلّ ابنائها جميعاً وشعورهم بملكية الوطن. ولا يمكن اليوم لأي صاحب قرار في دمشق, أو معارض له, أن يتعامل بسطحية مع مسائل أوصلتنا إلى الوضع المأساوي الحالي”

وحدد خارطة طريق جاء فيها : ” – دعوة الضبّاط الأحرار لتشكيل مجلس وطني عسكري يشرف على إعادة بناء جيش وطني سوري.

– الدعوة لمؤتمر وطني عام يشمل ممثلين عن كافّة القوى الوطنية السورية , لايقصي أحداً وبرعاية أممية تماهياً مع ماجاء في اجتماع مجلس الأمن الدولي بتاريخ 24/12/18 م وذلك بغية تنفيذ القرار الدولي 2254, أي تشكيل هيئة حكم انتقالية, ولجنة إعداد للدستور وتشكيل هيئة قضائية مستقلّة للعدالة الانتقالية.

– تشكيل حكومة تكنوقراط مؤقتة تنتهي صلاحيتها عند انتخاب حكومة بناء على ماينص عليه الدستور الجديد.

– إحياء وتوسيع ” الشبكة السورية لانتخابات حرّة ونزيهة ”

– ضمان حقوق الإنسان كافة في البلاد, فلا تجاوز على حقوق النساء مطلقاً , الامر الذي يتطلب اجتماع المنظمات الحقوقية السورية ونقابات المحامين لتشكيل اللجنة الوطنية السورية لحقوق الإنسان.

– إصدار قانون خاص بجرم التحريض الطائفي والمذهبي وأي نوع من الكراهية على أساس الدين أو العرق أو الاثنية أو القومية. وتعديل قانون العقوبات لمضاعفة العقوبة على العنف والقتل الطائفي الممنهج من أي كان.”

ودعا ما أسماه بقوى المجتمع السوري الديمقراطية والمدنية إلى ترك كل خلافاتها والجدل بغير جدوى والتداعي لتأسيس جبهة موّحدة لبناء الديمقراطية والحريّات دون كثير انتظار.  للعمل معاً من أجل سوريا ديمقراطية ودولة مواطنة.

أما التجمع المدني الديمقراطي الذي يقوده الإعلامي ثابت سالم ، فأعلن صراحة أن “المشايخ والكهنة مكانهم الجوامع والكنائس لأنهم لا يمتلكون الخبرة بإدارة المؤسسات والدول راهنا تقاد برجال العلم والاختصاصات العلمية”

في حين شدد وائل السواح مؤسس الحزب الليبرالي السوري (في الخارج) في بيان من مجموعة السوريين الأمريكيين للميثاق الوطني من واشنطن على أن سقوط نظام الأسد نقطة تحول هائلة في تاريخ سوريا، ويتيح فرصة لا مثيل لها لإعادة بناء دولة تقوم على العدالة والمساواة والديمقراطية. ودعا السوريين أن يتكاتفوا للدفاع أولا عن الإنسان السوري وحقه في الكرامة الحياة والتعبير، وثانيا عن الوطن والمجتمع والمكونات الاجتماعية والقومية، وفي المحددات جاء ما يلي : “أولا: الحوكمة الفورية والإطار الانتقالي

أ.  استمرارية الحكم الحالي: يجب أن تلتزم الحكومة المؤقتة لتسيير الأعمال التي أعلنها مجلس القيادة العسكري في العمل للحفاظ على الاستقرار وحماية الموارد الوطنية والإشراف على الوظائف الأساسية حتى نهاية أذار 2025. يجري بعدها تشكيل حكومة انتقالية تكنوقراطية مؤلفة من شخصيات مستقلة وكفوءة لمدة عام واحد من خلال مشاورات مع طيف واسع من الكيانات السياسية والمدنية السورية.

ب. المؤتمر الوطني السوري: عقد مؤتمر وطني سوري وطني واسع في دمشق للاتفاق على أسس وقواعد الدولة المدنية المبتغاة وضمانات التبادل السلمي للسلطة.

ج.  العدالة الانتقالية والمساءلة: إنشاء الهيئة الوطنية العليا للعدالة الانتقالية بشكل سريع وعلني لمعالجة فظائع الماضي. يجب أن تضمن هذه الهيئة المساءلة عن الجرائم، والكشف عن مصير المعتقلين والمفقودين، وتعزيز المصالحة من خلال المحاكم العلنية والكشف عن الحقيقة”..

ورسم السواح أسس الدولة الديمقراطيةعلى أساس مجموعة أسس معروفة ، وتحدث عن  رؤية موحدة للمستقبل، جاء فيها : “أ. سوريا وطن لجميع السوريين: إعادة التأكيد على أن سوريا ملك لجميع مواطنيها، بغض النظر عن العرق أو الدين أو الانتماءات الأخرى. يجب أن تبقى الدولة محايدة وتحتضن التنوع كمصدر للقوة.

ب. بناء دولة حديثة: الالتزام ببناء دولة قوية ومستقلة وديمقراطية تجسد مبادئ الحرية والعدالة والمساواة، مع تعزيز دور بنّاء في المنطقة العربية والمجتمع الدولي.”

ونقرأ في تصريح صحفي لجبهة التغيير والتحرير التي يقودها الدكتور قدري جميل رئيس حزب الإرادة الشعبية بتاريخ 18/12/2024، أن جبهة التغيير والتحرير، الممثلة ضمن هيئة التفاوض السورية تحت اسم «منصة موسكو»، تعلن تعليقَ عضويتها في الهيئة، وذلك ضمن الإحداثيات التالية:

أولاً: بسقوط أحد طرفي التفاوض المنصوص عليهما ضمن القرار 2254، فإن الوظيفة الموكلة للهيئة بالتفاوض معه، أي مع النظام، لم تعد قائمة.

ثانياً: في حال تم تعديل القرار بالاتجاه الذي دفعنا نحوه، أي باتجاه أن يكون الحوار هو بين كل الأطراف السورية، فإن المعني بهذا الأمر سيكون كل الأطراف السورية على قدم المساواة، ودون تمييز لأي طرف منها.

ثالثاً: سواء تم تعديل القرار أم لم يتم، فإن المهمة القائمة أمام السوريين جميعاً، هي الحوار الوطني الشامل بين كل السوريين، بمن فيهم الحكومة الحالية المؤقتة في دمشق؛ حوارٌ يفضي إلى تعددية سياسية حقيقية، وإلى عملية انتقال سلسة باتجاه دستور جديد تشارك في صياغته كل الأطراف السورية، وانتخابات شاملة نزيهة يختار فيها الشعب السوري ممثليه، وتكون أداته المباشرة في إنفاذ حقه في تقرير مصيره بنفسه، ودون تدخلات خارجية، وهذا هو جوهر القرار 2254، وخارطة الطريق التي يحتويها، والتي ما تزال صالحة تماماً.

رابعاً: إن الأولوية العليا لجبهة التغيير والتحرير اليوم، ومع انفتاح أفق العمل السياسي الواسع في الشارع السوري، هي العمل المباشر على الأرض وبين الناس، باتجاه حشد قواهم وتنظيمها للدفاع عن مصالحهم والوصول إلى حقوقهم، على كافة المستويات الاقتصادية الاجتماعية والديمقراطية والوطنية.

الجانب الكردي الممثل بتصريحات كاكا مظلوم عبدي، القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية دعا  للانفصال عن سوريا ورأى أن الوضع الحالي يشكل خطرًا كبيرًا على الكرد بشكل عام وعلى قواتنا الكردية بشكل خاص. وأوضح أن تنظيمه بحاجة للتعاون والتنسيق مع الأحزاب والإدارات الكردية في كردستان العراق، ويجب أن تقدم جميع الأطراف الكردية ردود فعل إيجابية وتتعاون لنكون في موقف تفاوضي قوي مع حكومة دمشق.

المعرضة اليسارية دخلت سريعا على الخط ، وخاصة عبر موقع تواصل ( تجمع سوريا الديمقراطية ) الذي أعلن عن ولادته بمشروع وثيقة أساسية في شروط سوريا الجديدة لإقرارها في بيت فاتح جاموس – بسنادا

وجاء فيه إعلان تأسيس تجمع سوريا الديمقراطية، ودعا إلى تضافر جميع أبنائها لإطلاق مسيرة آمنة وواعدة باتجاه مستقبل جديد للشعب السوري، بإزالة الآثار الكارثية التي خلّفها ذلك النظام وما سبّبه تعنّته في اغتصاب حقوق الشعب السوري وحرياته من تدخلات خارجية وضياعٍ خطر للسيادة ومخاطر على السلم الأهلي.

ومما جاء في البيان :

✓ المساهمة الفاعلة في حماية السلم الأهلي والأمان العام مع كلّ من يساهم في ذلك؛

✓ العمل الجاد من أجل عقد مؤتمر شامل للحوار الوطني السوري، وإطلاق عملية الانتقال الديمقراطيّ؛

✓ التأكيد على أن الانتقال الديمقراطي لا يكتمل إلا بإطلاق سياق يرمي إلى الخلاص من جميع الاحتلالات القائمة و التدخلات الأجنبية بما يحفظ وحدة البلد و سلامة أراضيه؛

✓ الانخراط في جميع أشكال النشاط المفضية إلى تطبيق القرار الأممي 2254 الذي قُصد منه الشعب السوري لا هذا الطرف أو ذاك من الأطراف المتصارعة المهزومة أو المنتصرة، من أجل التوصّل إلى عملية سياسية جامعة بقيادة سورية تلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري من خلال إنشاء هيئة حكم انتقالية جامعة تخوَّل سلطات تنفيذية كاملة، تفضي إلى تسوية سياسة للوضع في سوريا على كامل أرضها الواحدة السيادية، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة. ولا بدّ أن يعلم شعبنا أنّ ثمة قراءات عدّة ممكنة لهذا القرار، وأنَّ قراءته الوطنية الديمقراطية رهينة وزن الوطنيين الديمقراطيين في المشهد، لا سيّما في الأشهر القريبة التالية؛

✓ العمل الفوري الجاد على توحيد وتنسيق جميع الجهود الرامية إلى خلاص سوريا من أي احتمال لعودة الاستبداد، وسيرها على طريق الحريات والحقوق الكاملة غير المنقوصة الواردة في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان والعهود والمواثيق ذات الصلة، بحيث لا تتعارض مواد دستور سوريا الجديد ولا تطبيقاته الفعلية مع هذه العهود؛

✓ الدفاع عن مصالح الطبقات والفئات الشعبية الاقتصادية والسياسية وحقوقها بالتنسيق مع نقاباتها واتحاداتها المختلفة المستقلة القائمة أو المزمع إقامتها في المستقبل القريب والبعيد؛

✓ التنسيق مع جميع الهيئات والمنظمات المعنية بمناهضة التمييز بين الجنسين على جميع المستويات؛

✓ التنسيق مع مختلف الاتحادات الثقافية والأدبية والفكرية وسواها الحريصة على إبراز وجه سوريا الحضاري؛

هذه المبادرة مفتوحة لجميع السوريين بكل مهنهم ومذاهبهم وألوانهم، وللجنسين بالطبع. كما أنّها مفتوحة لكل الأفراد المنضوين في أي هيئات أو أحزاب أو تحالفات أخرى، أو التنسيق معها، على طريق إقامة كتلة تاريخية وطنية ديمقراطية وتمتينها في المستقبل؛

هذه  المبادرة قابلة للتطوير على ضوء علاقتنا مع المجموعات الأخرى المشابهة في الخط الوطني الديمقراطي، وعلى ضوء معطيات الواقع.

يتبع الحركة السياسية في سورية قبل وبعد السقوط :

(5) القوى السياسية المعارضة ب!

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى