الخلاف حول الأنموذج التركي يشق السلفيين في مصر (بورزو داراغي)

بورزو داراغي

 

شهدت الحركة السلفية المحافظة في مصر انقساماً داخلياً ما زاد من تعقيد المشهد السياسي المحلي المتشابك بالفعل، وأضفى نشاطاً جديداً على الانتخابات المقبلة.
وصدم السلفيون مصر، بل وحتى أذهلوا أنفسهم في أوائل عام 2012، حينما ربح حزبهم المشكل حديثاً ربع المقاعد في البرلمان الذي تم حله بأمر المحكمة والمجلس العسكري الحاكم وقتها.
وأعلن رئيس الحزب، عماد عبد الغفور، هذا الأسبوع أنه وآخرين تركوا حزب النور وأطلقوا ما دعوه ”حزب الوطن”، متحالفين مع الداعية حازم أبو إسماعيل قبيل الانتخابات المقبلة.
هذا الانشقاق وذهاب بعض أفضل المواهب اللامعة في حزب النور إلى حزب الوطن، قد يخفف من تأثيره داخل المعسكر السلفي ويعطى الليبراليين والعلمانيين منفذاً لزيادة حصتهم في الانتخابات البرلمانية المقررة في غضون شهرين. كذلك يعمق هذا التحرك من الانشقاقات داخل المعسكر الإسلامي الأوسع. ويتهم مسؤولو حزب النور منافسيهم في جماعة الإخوان المسلمين بأن لهم يداً في إثارة هذا الانشقاق.
ويقول عماد شاهين، الخبير في شؤون الحركات الإسلامية في شمالي إفريقيا والباحث في الجامعة الأمريكية في القاهرة: ”إذا ما نظرت إلى الإسلاميين من أحد الجوانب وإلى الأحزاب الليبرالية والعلمانية من الجانب الآخر، سترى في هذه اللحظة أن التحالف الليبرالي يبدو متماسكاً في حين أن الإسلاميين متفككون. وإذا ما كان الأمر كذلك، فقد تجد تكتلاً ليبرالياً أكبر في البرلمان”.
والسلفيون جماعة شديدة المحافظة تريد فرض تفسير حرفي للشريعة الإسلامية. وقد دخلوا إلى عالم السياسة المصرية بعد ثورة 2011 التي خلعت الرئيس السابق حسنى مبارك.
لكن الاختلافات الفكرية والدينية، إضافة إلى الصدامات الشخصية شقت صفهم. ووجه أعضاء في حزب النور اتهامات إلى عبد الغفور بأنه متيم للغاية ”بالأنموذج التركي” من الحكم الإسلامي المعتدل داخل دولة مدنية، إلى جانب اتهامات أخرى.
وطلب منه أعضاء عاديون في الحزب أن يستقيل من منصبه في المجلس الاستشاري للرئيس محمد مرسي، الذي قالوا إنه تضارب يعكس مصالح، أو يستقيل من قيادة الحزب.
واتهم مسؤولون في حزب النور جماعة الإخوان المسلمين بأنها تحاول إضعاف منافسها الإسلامي الرئيسي، بمحاولتها جعل أعضاء الحزب يشاركون في السلطة وزيادة لهيب انقسام الحزب. وقال نادر بكار، المتحدث الرسمي باسم حزب النور: ”لا أقول إنهم خططوا لهذا الانقسام، لكن لديهم يد عليا في هذه العملية”.
ويقول مسؤولو حزب الوطن إنهم أكثر اعتدالاً من حزب النور، الذي يصفونه بأنه معاد لتشكيل تحالف مع الآخرين. وهم بذلك يصفون خلافاً مزمناً بين قادة الحزب في الإسكندرية والأقاليم وعبد الغفور الذي يعيش في القاهرة.
 ويقول محمد نور، المتحدث باسم حزب الوطن: ”إننا نحاول أن ننشئ حزباً يكون شاملاً أكثر للأفكار والتصورات المختلفة، ليس للحركة السلفية وحسب، بل لكل الحركات الإسلامية”.
لكنّ مسؤولين في حزب النور يقللون من الاختلافات ويشيرون إلى أنه في الوقت الذي يحتضن فيه عبد الغفور الداعية المتشدد حازم أبو إسماعيل، يرفضه حزب النور لأنه متطرف للغاية ـ رفض دعم سعيه للرئاسة التي لم يؤهل للترشح لها العام الماضي.
ويقول بكار: ”الشراكة بين حزب الوطن وأبو إسماعيل تضعنا في وسط الجناح الأيمن. لم نعد في يمين اليمين”.
ويدّعي بكار أن حزب النور لديه 180 ألف عضو مسجل، ما يجعله ثاني أكبر قوة سياسية في مصر بعد حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان. ويقول أيضاً إن ما لا يزيد عن 100 عضو هم من انسحبوا إلى حزب الوطن. ويضيف: ”لقد تخلصنا من كثير من المشكلات بعد انسحاب هؤلاء الأشخاص”.
ويضيف بكار إلى مزايا حزبه أن الدعوة السلفية، أو ما أسماها المؤسسة الدعوية، ما زالت تدعم حزب النور. لكنّ آخرين يرون أن هناك قوة سياسية محتملة يمكن أن تغير المشهد، تتمثل في التآزر بين شعبية أبو إسماعيل والخبرة الانتخابية لفريق حزب الوطن.
ويقول شاهين: ”لدى أبو إسماعيل أتباع كثر من بينهم أناس لديهم ميول سلفية، لكن مع أنواع مختلفة من الناس تشمل نشطاء القاعدة الشعبية، وفي نفس الوقت عبد الغفور معتدل ويعمل بمبدأ النفعية. وهذه معادلة جيدة للفوز في الانتخابات”.

صحيفة فاينانشال تايمز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى