حيثما تُعرض أحداث الماضي البعيد، فيلزم التنبيه إلى أنّها محمولة بمرويّاتٍ ومدوّناتٍ تفتقر إلى الصدق بدلالته المباشرة، إنّما تَرِدُ على سبيل الاحتمال، والتخمين؛ ذلك أنّ أمانة الكتابة التاريخيّة مُحاطة بالشكوك في ما تحمله من الماضي إلى الحاضر، وقد انتدبَ المؤرِّخ الأميركيّ “هايدن وايت” نَفسَهُ لتشريح تلك الإشكاليّة منذ أوّل سبعينيّات القرن العشرين، حينما انخرطَ في جدلٍ حول طبيعة الكتابة التاريخيّة، وجَعَلَ موضوعه فحصها في أوروبا خلال القرن التّاسع عشر كما تولّاها كبار المؤرِّخين وفلاسفة التاريخ، فلاحظ غزواً للخيال الأدبيّ في صلبها، إذ امتثلت لأعرافِ التأليف السرديّ أكثر من انشغالها باستعادة الوقائع القديمة بالطريقة التي كانت تدّعي استجلابَ حقائق الماضي إلى الحاضر بأكبر درجة من الأمانة.
صرّح وايت في كتابه العمدة “ما بعد التاريخ: الخيال التاريخيّ في أوروبا القرن التّاسع عشر” بأنه قارَبَ الكتابةَ التاريخيّة بتوجيهٍ من مَكاسِب المنهجيّات الحديثة التي جعلت من الخطابات، وليس من الوقائع، موضوعاً رئيساً للبحث، فانتقل تركيزه من العمل على التاريخ إلى ما بعد التاريخ، وبذلك فقد أَحدث انعطافاً في هويّة الكتابة التاريخيّة، فهويّتها السرديّة غلبت هويّتَها التوثيقيّة، وما عادت رهينةَ النمطيّة الموروثة بأنّها كتابة مُحكمة الصنع للإتيان من عصورٍ مَضت إلى الآن. وخلص إلى تحقيق رؤيته بإيعازٍ من التحوُّلات المنهجيّة الجديدة حول مفاهيم الخطاب والسرد التي ظهرت بعد منتصف القرن العشرين. وفي ضوئها أَعاد فحْصَ الكتابة التاريخيّة الأوروبيّة لدى كبار مؤرِّخيها مثل: ميشليه، وتوكفيل، ورانكه، وبوركهارت، وكبار فلاسفة التاريخ من أمثال: هيجل، وماركس، ونيتشه، وكروتشه، وتوصَّل إلى وجود حصّة كبيرة للخيال السردي فيها لم يكُن معترفاً بها من قَبل، وعليه، ينبغي أخْذُها في الحسبان عند وَصْفِ الكتابة التاريخيّة من حيث أرجحيّة السِّمة السرديّة فيها على التاريخيّة.
والقول إنّ شطراً من الكتابة التاريخيّة ينتمي إلى حقلِ الأدب ليس جديداً، فهو شائع الذكر منذ أُثير الموضوع في الثقافة الإغريقيّة، وظلَّ محلّ نَظَر إلى العصر الحديث، وقد اهتدى وايت بتلك الأصول، ودَفَعَ بالكتابةِ التاريخيّة إلى المنطقة الأدبيّة، وعالَجها في إطارِ ذلك التصوُّر، وكأنّه أَقحم التاريخَ في الأدب، ولم يُقحِم الأدبَ في التاريخ، ومع ذلك، فما برح الحديث عن حصّة كلّ منهما في الآخر موضوعَ خلافٍ بين المؤرِّخين ونقّاد السرد. ولا يغيب عن قارئ وايت أنّ أحد مقاصده من ذلك تحرير الكتابة التاريخيّة من الادّعاء بأنّها تتولّى التقييد الأمين لحوادث الماضي، فذلك إن حَدَثَ يقوِّض ركائز بنية الخطاب، فمَوقع المؤرِّخ، ووجهة نظره، وطُرق مُعالجته للوقائع، وكيفيّة تركيب خطابه عنها، والنتائج المُحتمَلة التي يخلص إليها، وكلّها، أو في أقلّه معظمها، تتباين بين مؤرِّخٍ وآخر، وبين منظورٍ ومنظور، وبين عصرٍ وعصر، وبين حوادث وأخرى، وبين غايةٍ وغاية، فتكون الإحاطةُ الموضوعيّة بوقائع الماضي متعذّرة، أو في الأقلّ مشكوكاً في أمرها، فلا مناصّ من امتثال الكتابة التاريخيّة لبعض أعراف الكتابة السرديّة بمعناها المجازي أكثر من امتثالها لأعراف الكتابة التاريخيّة بمعناها التقليدي الشائع. وبالأخْذ بما انتهى وايت إليه يُحَلّ فهْم أحداث التاريخ محلّ وصفها.
“العلمويّة” في كتابة التاريخ
ومن أجل ضبط وظيفة الكتابة التاريخيّة، لم يخفِ المؤرِّخ الأميركي هدفَه في تقليب صورها، ومن ذلك مُحاججة المؤرِّخين، وإبطال دعاواهم القائلة بموضوعيّة تلك الكتابة، ولم يكُن في وارده مُعالَجة أمر انتفاع السرد من التاريخ، فذلك ليس مدخله، إنّما هو من شأن السرديّين لا المؤرِّخين، ومع ذلك، فقد انتفعَ من نتائج أعمال السرديّين في ذهابه إلى أنّ الكتابة التاريخيّة تنعقد في حبكةٍ ناظِمةٍ للأحداث المذكورة فيها، وحضور الحبكة فيها يدفع بها إلى منطقة الكتابة السرديّة، ويرغمها على الانتفاع من مكاسبها، فلكي يحيط المؤرِّخ بجوانب الماضي يتحتّم عليه بناء “قصّة” من مجموع الأحداث التاريخيّة تسعفه في فهْمِ عالَم الماضي، أي أن يستعير من حقل السرد طريقةَ بناء المادّة التاريخيّة. ومقصده نَزْع الشرعيّة عن السمة “العلمويّة” التي شاعت في كتابة التاريخ مدّة طويلة، وتقويض الادّعاء بأنّها تنتهي إلى بناء قوانين حتميّة تَحكم بناءَ الأحداث، وتعاقُبَها، فما أبعد التاريخ من أن يكون عِلماً بالماضي، إنّما هو محاولة لفهمه، وما دام كذلك، فلا يبرأ من نفاذِ السرد إليه، ولا يُمكن له تحاشي الاستعانة بوسائل السرد لبلوغ غايته.
ومع إعداده المنهجي في تاريخ القرون الوسطى، لم ينكر هايدن وايت مكاسب المناهج النقديّة الحديثة التي عاصرها، فانكبَّ عليها، وجَعَلَها دليلاً له في مُعايَنة المادّة التاريخيّة في القرن التّاسع عشر، ونتجَ عن ذلك ارتيابٌ بمصداقيّة التاريخ التقليدي، ذلك التاريخ الذي يدّعي نقلَ الأحداثِ كما وَقَعَتْ بزعْمِ أنّه يبني معرفة موضوعيّة بالماضي، فيُعيد الاتّصال بها بموثوقيّة لا يطالها الشكّ، ومرّد ذلك الرؤية الساكنة للأحداث، ونزْع محفّزاتها، والانشغال بتنظيمها، وليس بفهمها، وبذلك، جرى إهمالُ سيرورة أحداث التاريخ، وتجنُّب الوقوف على آثارها البعيدة، فانتهت الكتابةُ التاريخيّة إلى مدوّنةٍ وصفيّة خاملة، تجتذب إليها الأذهانَ الراكدة، لا العقول اليقظة، لأنّها ركنت إلى التسليم بدلَ أن تجهر بالمُساءلة.
وعلى خلاف ذلك، تطلَّع وايت إلى كتابةٍ تَقف على الأحداث في فَورانها، وفي تضارُبِها، وفي نِزاعاتِها، وفي تفاعُلاتِها، وترابُطاتِها الجوّانيّة، فبكلّ ذلك يُمكن استكناه الماضي، أو محاولة فهمه، واستخلاص العِبَر منه، وتقصد تلك المحاولة الإتيانَ بأحداثِ الماضي إلى الحاضر لمُعاينتها، وتحليلها، واستنطاقها، عوض الارتحال إليها، والإقرار بما جاء فيها، والاكتفاء بوصفها باعتبار أنّها كاملة الصدقيّة، فلا يُمكن انتزاعُ الأحداث من حواضنها، وليس من الصواب تجريدها عن شبكة الحوافز التي دفعت بها، ولا إهمال شيء أو طمس شيء من أسباب وقوعها، وإلى ذلك، فالانشغال بترتيبها على قاعدة السبب الواحد، والنتيجة الوحيدة، يفضي إلى حبسِ الماضي في ذاكرةٍ خاملة تستعيد ما وقع من أحداث من دون أن تفكّر فيه، أو أنها تدّعي الاستعادة، ولكنّها تُعرض عن التفكير، إن لم تَعجز عنه، والتفاعُل معه، إذ أمسى في منأىٍ عنها. إنّ الإتيانَ بأهوالِ الماضي خير للناس من ذكرها في سجلّاتٍ وصفيّة. وأن يدفع المتلقّي الى العيش في خضمّ تلك الأهوال أفضل له من الاكتفاء بالاطّلاع عليها، ولذلك، فتحرير الكتابة التاريخيّة من النّزعة الوضعيّة، وتغذيتها بالمادّة الأدبيّة، جَعَلَها في متناول المتلقّي الذي لم يكتفِ بالاطّلاع عليها، إنّما التفكير فيها. وتلك هي غايته من خلْعِ البُعد السردي على كتابة التاريخ، وإن كان قد خفَّف من تشدّده ذاك في السنوات الأخيرة من حياته.
إنّ مكاسب السرد في كتابة التاريخ تحرير له من الانحباس في قيودٍ تحول من دون تفتُّحه، فلا ثقة بأحداث الماضي إن هي جُرِّدت من سياقاتها، ونُظر إليها على أنّها أفعالٌ قائمة بذاتها. ومع الإقرار بأنّه من شبه المتعذّر أن تكون الأحداث المرويّة أمينة على ذكر ما وقع فعلاً، كونها رهينةَ الصيغة التي رويت بها، وأسيرةَ الحبكة التي انعقدت عليه، فما لها سلطة مرجعيّة دالّة على الصدق، ولا على وثوقيّة وظيفتها المرجعيّة، والادّعاء بمعرفة حقيقة الماضي كما هي ادّعاء مُرسل لا دعائم له، وهو ما خلص وايت إليه بقوله “الواقع شيء، والحقيقة شيء آخر”، إذ لا خلاف على الواقع، أمّا الحقيقة فشيء مُختلِف عنه، فهي ما يُستخلَص من “التقريرات أو العبارات عمّا اعتُبر موجوداً أو فُهم على أنّه “القضيّة” من منظورٍ بعَيْنه، وفي لغةٍ بعيْنِها، وعلى أساس سلطةٍ مرجعيّة معيّنة، ليس لأحدها أن يدّعي الكليّة أو الشمول أو الإطلاقيّة كصفة له”.
نسبيّة الحقيقة
إذاً، الحقيقة نسبيّة في الكتابة التاريخيّة، وهي تتمرأى في كلّ موقف، وفي كلّ رؤية، وفي كلّ خطاب، وفقاً لمعايير ذلك الموقف، وتلك الرؤية، وذلك الخطاب. الحقيقة، إن كانت هنالك حقيقة، مرتبطة بزمان النّطق بها ومكانه، وليس بزمان ومكان حدوثها، أي بكيفيّات عرْضها لا بكيفيّات وقوعها، فتكون “مؤقّتة دائماً، وعُرضةً للمُراجَعة في ضوء الأدلّة الجديدة، ومناهج البحث والتأليف المُستجدّة، وتتمنّى أن يُحكم عليها وفقاً لفائدتها في تقدُّم المعرفة نحو رؤىً جديدة لطُرق صناعة الإنسانيّة لنفسها، بتقنيّات التأليف الذّاتي أو الصياغة الذاتيّة، التي لا تجعل على المدى الطويل الحقيقةَ وحدها نسبيّة، بل تجعل هويّةَ راوي الحقيقة نفسه نسبيّة”. وعلى غير ما كان شائعاً في النّظر إلى الكتابة التاريخيّة من أنّها خطابٌ توكيديٌّ أمين على نقلِ أحداث التاريخ، رآها وايت “بنية لفظيّة في صورةِ خطابٍ سرديّ نثريّ يزعم أنّه نموذج أو أيقونة لأبنية وسيرورات الماضي من أجل شرْحِ ما كانت عليه تلك السيرورات والأبنية عن طريق عرضها”.
أين الجِدّة في مُعالَجة هايدن وايت للكتابة التاريخيّة التي زَعْزَعَ بها الأركانَ الموروثة لتلك الكتابة؟ في ما يأتي جواب تقريبي على ذلك: في تحليله للأشكال الرئيسة التي اتَّخذها الوعي التاريخي في القرن التّاسع عشر أقرَّ بمديّونته للمَصادر التي انتفع منها، وأعانته في استكشافِ المَسارات الأساسيّة للكتابة التاريخيّة، وفي مقدّمتها نظريّات الخطاب المَعنيّة بتحليل النصوص الأدبيّة والتاريخيّة، ومن بينها اتَّكأ على الدراسات البلاغيّة مُستعيناً بالأنماط الكبرى للمجاز من استعارة، وكناية، ومجاز مرسل، وتهكّم باعتبارها الأصناف الرئيسة للتخيُّل الشعري والسردي، وهي المُعتمَدة في تحليلِ الخطاب الأدبي، وتقصّى أَثَرَها في الكتابة التاريخيّة، فوَجَدَ أنّ المؤرِّخين استعانوا بها بما يُوافِق رؤيتهم للمادّة التاريخيّة، وقد أرغمتهم ضمناً على الانصياعِ لأعرافها لأنّها استبطَنت أعمالَهم، وحدَّدت النتائج العامّة التي خلصوا إليها، كما انتفعَ من نظريّة السرد الخيالي عند نورثروب فراي في استقراره على أربع بنىً لحبْكِ الموادّ التاريخيّة وهي الرومانس، والتراجيديا، والكوميديا، والسخريّة، ولم يَغِبْ عنه الإفادة من أطوار استخدام اللّغة عنده، ولها صلة بالبلاغة، وهي الطَّور الاستعاري، والطَّور الكنائي، والطَّور الوصفي. ولاذَ وايت بـ “مانهايم” في تحديده لاستراتيجيّات المضامين الأيديولوجيّة في أربعِ نَزعاتٍ كبرى سادت في القرن التّاسع عشر، وهي: الفوضويّة، والجذريّة، والمُحافَظة، واللّيبراليّة، ورأى أنّ المؤرِّخين تفاوتوا في الاستعانةِ بالمَوارِد الأدبيّة في صَوْغِ رؤيتهم للتاريخ الأوروبي، غير أنّهم اختلفوا في ما بينهم في نَوع الحجّة أو الحبكة أو الأيديولوجيا في ضوء نمط المجاز الذي أثَّر فيهم، وخلص إلى وجود “تناظر أو جاذبيّة بين فعل التخيُّل المُسبق للحقل التاريخي، والاستراتيجيّات التفسيريّة التي يستعملها المؤرِّخ في عملٍ بعَيْنه”.
يصحّ القول إنّ هايدن وايت، باختياره كِبار المَعنيّين بالتاريخ الأوروبي من مؤرِّخين وفلاسفةِ تاريخ، وجسارته في إخضاع أعمالهم لمنهجيّةٍ نقديّة ذات مرجعيّاتٍ أدبيّة، قد حرَّر الكتابةَ التاريخيّةَ من قيود العصمة عن الخطأ، وفَتَحَ لها الطريقَ لاستدعاء أحداث الماضي بحريّةٍ نسبيّةٍ تُراعي سياقات حدوثها، وكيفيّات تدوينها، والحبكات التي انتظمت فيها، والغايات التي قصدت إليها، وفيها كلّها لم يقَع الاتّفاق على حجّةٍ قاطِعة، ما يُبطِل القول بالموضوعيّة في الكتابة التاريخيّة، فهي تُقارِب الماضي، أو تَستدعي أحداثَه، وتَخلع عليه معاني متعدّدة، ومقاصد كثيرة، لكنّها أبعد ما تكون عن اليقين النهائي في صدق أحداثه. فحمْلُ أحداث الماضي مرَّ بمُنعرجاتٍ كثيرة، وكلُّ مؤرِّخٍ يقف منها الموقف المناسب لرؤيته ومَنهجه، ومن مجموع ما يتراكم من تلك الكتابة يُمكن رسْمُ صورٍ تقريبيّة للماضي. اصطنعتِ الكتابةُ التاريخيّة التقليديّة هَيْبَةً ارتقت بالماضي إلى ما يُشبه القداسة، وبخاصّة أنّ تاريخ الماضي مُنشبك بالظاهرة الدينيّة، ومُتداخل معها، وقد هَيْمَنت عليه، ومَلكت زمامه، وكانت إلى وقتٍ قريب تصوغ حقبه الأساسيّة، حتّى ليُمكن القول إنّ خلْعَ القداسة على الماضي حجبٌ له عن النَّظر، وتعطيلٌ مقصود لكي يكون في منأىً عن المُساءلة النقديّة. لا يقرّ وايت بأنّ الكتابة التاريخيّة قادرة على الوفاء بمهمّة استجلاب وقائع مضى عليها زمن طويل إلى عصرٍ آخر كما حدثت به، فذلك من المحال، فتمثيلها للأحداث مطعون فيه، إنّما هي، جرّاء ما تستعين به من أساليب بلاغيّة، تَعرض تفسيراتٍ متعدّدة له، يُمكن الاعتماد عليها في تأويلِ دلالاتِ تلك الأحداث. وبالنتيجة التي خلُص إليها في أنّ التاريخَ ضربٌ من ضروبِ السرد المرجعي، يكون قد طَعَنَ في دعوى التاريخ القائلة إنّه كتابةٌ موضوعيّة قادرة على الإتيان بالماضي إلى الحاضر كما كان عليه؛ ذلك أنّ السرد، بضروبه المرجعيّة أم الخياليّة، هو صَوْغٌ خطابي لتجارب واقعيّة أو متخيَّلة، بما يَجعل المتلقّي قادراً على إدراك معاني تلك التجارب بحسب استعداداته وخُبراته. فالسرد، والحال هذه، ليس وسيطاً مُحايداً بين التجارب الإنسانيّة ومتلقّيها، إنّما هو صانِع لها، وخالِع للمعنى عليها، فلا تكون ذات دلالة إلّا به.
*ناقد وباحث أدبيّ من العراق