الدراما السورية المعاصرة عائمة على سطح المأساة
الدراما السورية المعاصرة عائمة على سطح المأساة..في حارات الشام وشوارعها هذه الأيام، مئات القصص التي يمكن أن يبنى عليها نص درامي محكم، أو قد تحتاج الحالات الاجتماعية الطارئة نتيجة الحرب، مجرّد تجميع وكولاج أو إعادة تصنيع وفق منطق الترفيه والمتعة. على سبيل المثال، يستلقي عازف عود على الأرض تحت «جسر الرئيس» يحمل عوده ويعزف بحرفية عالية لدرجة تصبح فيها آلته على مقربة من النطق! لا يبارح المكان إلا نادراً، فيما يعمل «أبو سعيد» حوالى 12 ساعة يومياً في «فن الصدَف»، المهنة الدمشقية اللامعة، والقديمة قدماً تاريخياً.
يعيش مع زوجته وثلاثة أطفال في غرفة واحدة تحت الدرج بعدما هجّر من منزله. ورغم أنه يجيد ببراعة أكثر من 15 مهنة، إلا أن مهارته تكمن في قدرته الفائقة على إضحاك كلّ من حوله بكوميديا فطرية عميقة. يحمل الرجل نصيباً من اسمه، ويعيش الفرح رغم المعاناة اليومية الساحقة. سعادته سببها أنه ما زال يستطيع قطع المسافات على دراجته الهوائية في شوارع دمشق!
حكايات هؤلاء يمكن أن تكون متكأً لخطوط درامية مثيرة. لكن هذا الموضوع سيكون في الأغلب مجافياً لمنطق التسويق الذي بات يحكم السوق، بإمارة شيوخ الخليج والعاملين تحت مزاجهم، وسياساتهم الواضحة لضرب المنتج السوري المتألق وتدميره، كما دمّرت مفاصل البلاد.
على أيّ حال، تتقدم مؤشرات الدراما الاجتماعية المعاصرة التي تنأى بنفسها عن الدخول في عمق المأساة.
ويبقى حقل الدراما الاجتماعية، صنعة السوريين المميزة، سمة المشهد الرمضاني هذا الموسم، من خلال أكثر من مسلسل معاصر، يعجن تفاصيله من الكواليس الحياتية للعائلات السورية، بأسلوب واقعي بحت.
وبينما كان كثيرون يترقبون مشروع المخرج محمد عبد العزيز الذي حوّل فيلمه «ترجمان الأشواق» إلى مسلسل تلفزيوني، تولى كتابته بشار عباس، وتنتجه «المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني» ويؤدي بطولته كل من: عباس النوري، وغسان مسعود، وفايز قزق، وثناء دبسي وميسون أبو أسعد، خرج العمل من السباق الرمضاني في اللحظات الأخيرة. علماً أنّ المسلسل يلاحق مصائر ثلاثة أصدقاء ماركسيين خرجوا من السجن وفرقتهم الحياة، ثم عادوا ليلتقوا في دمشق بعد رجعة بطل الحكاية المطلق إلى الشام، إثر هاتف في المشهد الافتتاحي يخبره عن اختطاف ابنته الوحيدة. وانضم إلى قافلة الأعمال الاجتماعية المؤجلة مسلسل «شبابيك» (ورشة كتاب بإشراف بشار عباس، إخراج سامر البرقاوي، متصل منفصل ـ إنتاج «سما الفن»، بطولة سلافة معمار، بسام كوسا، عبد المنعم عمايري، منى واصف، نسرين طافش، محمد خير الجراح، كاريس بشار وديمة قندلفت) الذي يسير في محاذاة العلاقات الزوجية، في ظلّ مجتمع محكوم بظروف وعادات ومعتقدات خاصة. كما تأجّل مسلسل «الغريب» (تأليف عبد المجيد حيدر، وإخراج محمد زهير رجب، إنتاج «قبنَض»، وبطولة رشيد عسّاف) الذي يحكي قصة رجل ذي مبادئ وقيم، يتعرض لظلم ذوي القربى، فتهدر سنوات من حياته، ويصير بعدها غريباً عن عالمه.
من جهة أخرى، سيعرض «شوق» (تأليف حازم سليمان، وإخراج رشا شربتجي، إنتاح «إيمار الشام» بطولة باسم ياخور ونسرين طافش وسوزان نجم الدين على القنوات المفتوحة ــ سوريا دراما) بعد عرضه الأول قبل رمضان على osn المشفّرة. في هذا العمل، يتابع المشاهد قصة حب جديدة، على خلفية الحرب السورية تتعلق بسبايا الحرب. بذلك، يشكّل الحب والحرب تيمتي العمل.
وقد يتاح لمسلسل «لست جارية» (كتابة فتح الله عمر، وإخراج ناجي طعمي، وإنتاج «المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني»، بطولة: كندة حنا، وعبد المنعم عمايري، ورنا شميّس، ورشا بلال ــ «الجديد»، «سوريا دراما») فرصة عرض بعدما أُنجز المسلسل في العام الماضي، ليواكب قصة حبٍّ كبير يتكلل بالزواج. إلا أنّ هذا الزواج يستحيل مأساة، حين يكتشف الزوج ليلة الزفاف أنّ عروسه تخفي سراً كبيراً، ما يجعل حياتها معه جحيماً، بعد رضوخها لشرطه تحت وطأة شعورها بالذنب والبقاء مدى العمر جاريةً له. ووفق منطق الثلاثيات، يقدم المخرج محمد وقّاف مسلسل «حكم الهوى» (تأليف ريم عثمان، إنتاج «قبنض»، قناة «حواس»، «الآن»، «سوريا دراما»). وفي تجربة شبابية عبارة عن «سيت كوم» متصل منفصل قوامه 30 حلقة (مدّة كل حلقة 30 دقيقة)، سيشاهد جمهور الدراما السورية تجربة «سنة أولى زواج» (كتابة نعيم الحمصي، وإخراج يمان إبراهيم، إنتاج شركة «لاند مارك»، «سوريا دراما»).