الدروز في دولة الاحتلال يُصعّدون نضالهم ضدّ قانون القوميّة

 

في مُحاولةٍ يائسةٍ وبائسةٍ لـ”ٌناع″ رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، باستيعاب الأزمة التي أثارها قانون القوميّة العنصريّ، فيما يتعلّق بالأقليّة العربيّة-الدرزيّة في الداخل الفلسطينيّ، تجنّد الإعلام العبريّ، لتأكيد عمق “حلف الدماء” (!) بين الدروز والدولة العبريّة، وكان لافتًا للغاية قيام الناطق العسكريّ لجيش الاحتلال بتسريب معلوماتٍ رسميّةٍ جاء فيها أنّ 83 بالمائة من أبناء الطائفة المعروفيّة في دولة الاحتلال يخدمون في الجيش الإسرائيليّ، مُتجاهلاً عن سبق الإصرار والترصّد أنّ حكومات إسرائيل المُتعاقبة، انتهجت سياسة فرّق تسُد، وحاولت سلخ الدروز عن محيطهم العربيّ، وبموازاة ذلك، واصلت التعامل معهم على أنّها ليس يهودًا، بمعنى أنّ التفرقة العنصريّة ضدّهم استمرّت، وكان حالهم وما زال كباقي الفلسطينيين من الطوائف الأخرى، الذين يعيشون في وطنهم فلسطين، وليس في “دولتهم” إسرائيل. يُشار إلى أنّ عدد الدروز في إسرائيل يصل إلى 140 ألف مُواطِن، يسكنون في قرى الكرمل والجليل.

ولكن الإعلام العبريّ المُتطوّع لصالح ما يُطلَق عليه الإجماع القوميّ الصهيونيّ تجاهل عمدًا ما جرى في اجتماع لجنة المُتابعة العليا لشؤون الجماهير العربيّة في مناطق الـ48، حيث استمع أعضاء اللجنة، وهي أهّم وأكبر جسم سياسيّ لتمثيل فلسطينيي الداخل، والذي لا تعترف به حكومة إسرائيلي العنصريّة، استمع الاجتماع،إلى عرضٍ من عضو لجنة المبادرة الدرزية، جهاد سعد، لموقف القوى الوطنية في الطائفة المعروفية، فاستعرض حيثيات اجتماع القوى الوطنية في الطائفة العربية الدرزية، وشدّدّ على أنّ هذه القوى ترى بلجنة المتابعة الهيئة الوطنية الجامعة التي تمثلها، وأعلن أيضًا أنّ القوى الوطنية ترفض المشاركة في مظاهرة غدًا السبت في تل أبيب، لأننّا نرفض عناوينها، ونرفض أنْ نكون جزءً منها، لأنّها تُعزز سلخ الطائفة عن شعبها ودعم الخدمة العسكريّة، على حدّ تعبيره.

وأعلنت لجنة المتابعة العليا في بيانٍ رسميٍّ عممته أمس الخميس، وتلقّت “رأي اليوم” نُسخةً منه، أعلنت أنّها لا تقبل بأيّ شكلٍ من الأشكال أنْ تكون مواطنتنا وحقنا بالمساواة، مشروط بأيّ شرطٍ كان، بما في ذلك الخدمة العسكريّة، فنحن لسنا شعبًا من المرتزقة لدولة إسرائيل، التي تُمارس عدوانيتها ضد شعبنا الفلسطينيّ على حقّه بالحياة وتقرير المصير.

وأكّدت لجنة المتابعة على أنّ صدر شعبنا واسع ليشمل كل مركباته في إطار وحدوي ومكافح. وتوجه لجنة المتابعة نداء لأهلنا من الطائفة العربية الدرزية، بأنّ إسرائيل تنظر إلى مواطنتهم، فقط بأنْ يكونوا وقودًا لحروبهم، وندعوهم لتوحيد الجهود من أجل إلغاء القانون بكل ما يتضمنه.

وأكّدت اللجنة في بيانها أيضًا على أنّ مظاهرة يوم غدٍ السبت 4 آب في تل أبيب التي دعا إليها عدد من ضباط الجيش الدروز تخطئ الهدف، ولا تنسجم مع انتماء ومصالح أبناء الطائفة، لأنّها تجعل المدخل للحقوق في الأرض والوطن هو الخدمة العسكريّة، كما جاء في البيان.

على صلةٍ بما سلف، وفي ساعةٍ متأخرةٍ من ليلة أمس الخميس “تفجّر” الاجتماع الذي عُقد في ديوان نتنياهو مع قادة الطائفة الدرزيّة، حيث زعم رئيس الوزراء الإسرائيليّ أنّه لا يقبل بأيّ حالٍ من الأحوال، أنْ يقوم كائنًا مَنْ كان بعدم احترام هيبة إسرائيل ورئيس وزراءها، زاعمًا أنّ الجنرال الدرزيّ في الاحتياط، أمل أسعد، قال خلال الاجتماع المذكور إنّ إسرائيل هي دولة فصل عنصريّ (أبرتهايد).

وفي موازاة ذلك، وقع حادث آخر في شمال البلاد، وتحديدًا في مدينة كرميئيل، التي أقامتها الدولة العبريّة على الأراضي التي صادرتها من الفلسطينيين بعد النكبة، وذلك خلال حفل توزيع منح للطلاب الدروز الجامعيين، حيث كان الضيف الرئيسيّ في الحفل، النائب آفي ديختر، من حزب الليكود الحاكم ورئيس جهاز (الشاباك) سابقًا، الذي كان أحد أهّم المُبادرين لقانون يهوديّة إسرائيل، وعندما بدأ حديثه انقضّ عليه عددًا من الشباب الدروز وأنزلوه عن المنصّة تحت حراسةٍ شديدةٍ من قوى الأمن وصرخوا في وجه أنتَ عنصريّ، وأنتَ نازيّ، الأمر الذي أكّد المؤكّد وأوضح المُوضّح: “حلف الدماء” المزعوم بين الدروز وإسرائيل ما هو إلّا ذرٌ للرماد في العيون، وتبقى هذه الدولة العنصريّة تتعامَل مع غير اليهود، كما درج الإقطاعيون في العصور الوسطى بالتعامل مع الـ”عبيد”.

في السياق عينه، نقل ناحوم بارنيع، كبير المُحلّلين في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، صباح اليوم الجمعة، عن الجنرال المُتقاعِد، حسون حسون، الذي شغل مناصب رفيعةً جدًا، توجهه للرئيس الروحي للطائفة الدرزيّة في إسرائيل، الشيخ موفق طريف، نقل عنه قوله: “لا تقع في الفّخ، لا تثِق بالوعود، فنتنياهو اختصاصيّ في نثر الوعود وعدم تنفيذها”، مُشدّدًا في الوقت عينه على أنّ الوعود التي ينثرونها اليوم على الدروز لا تتعلّق بقانون القوميّة، إنمّا كان يتحتّم عليهم تنفيذها بدون القانون، على حدّ تعبيره.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى