افتتاحية الموقع

الرد الأمريكي

د.فؤاد شربجي

الطائرات الأمريكية تقصف 85 هدفا في سبعة مواقع ضمن سوريا والعراق في موجتها الأولى للرد على مقتل ثلاث جنود أمريكيين في قاعدة عسكرية أمريكية في الأردن.

يؤكد البنتاجون أن هذا الرد سيستمر لأيام وعلى موجات متعددة متتابعة. يعني ( كملت مع المنطقة!). بعد الحرب على غزة وتدميرها وتشريد شعبها و بالتوازي مع العدوان الإسرائيلي الجوي المتكرر على سورية منذ سنوات، وبعد القصف الأمريكي البريطاني لليمن، وبعد عمليات الجيش التركي في شمال سوريا والعراق، وبعد إستيقاظ داعش الإرهابي في البادية السورية، ونشاط النصرة الإرهابية في إدلب. بعد كل ذلك يأتي الرد الأمريكي في موجته الأولى ليفتتح مساراً يزيد في اشتعال المنطقة وزعزعة استقرارها وزيادة البلاوي والمصايب على شعوبها المبتلية أصلاً و منذ عقود بإسرائيل وبالإرهاب وبالفساد الألعن منهما.

‏الرئيس الأمريكي بايدن يخوض الآن مغامرة أو مقامرة عسكرية ودبلوماسية وانتخابية سعياً منه لاستعادة بعض مظاهر قوة الردع الأمريكي التي تآكلت في المنطقة. كما يسعى بايدن أيضا في مغامرته هذه إلى فتح الطريق أمامه للمساعدة في وقف الحرب الدائرة في غزة، وإرجاع الرهائن الإسرائيليين لدى حماس إلى تل أبيب. كل ذلك حسب ظن بايدن سيسهل له إعادة رسم وضبط آليات وديناميكيات عمل و قوى المنطقة، وهذا جانب أو معنى من معاني التسوية التي تعمل واشنطن على إنضاجها لإعادة رسم المنطقة و التحكم بقوة ديناميكيتها.

‏في الموجة الأولى من الرد الأمريكي التي جاءت صباح البارحة السبت شكلت مقدمات موجات الرد المتتابعة، وشكلت أيضا (جس نبض) لمدى الرد الإيراني عليها، و قياس نوعيته.    وحتى كتابة هذه السطور فإن الاستجابة الإيرانية عملت على ( تخفيض النار تحت  القدر)، وكان واضحا أنها لا تريد الآنخراط في حرب مباشرة مع أمريكا، كما كان واضحا تمسكها بهدف إخراج القوات الأمريكية من المنطقة ودعمها لفصائل هذه المقاومة لمواجهة ومحاربة الوجود الأمريكي. ولكن من جهة أخرى هناك من يرى أن في الرد الأمريكي بهذه الموجات المتتابعة، التي لا نعرف متى تنتهي وكيف تنتهي، ما ينذر بإمكان التوجه الأمريكي لإنهاء وتدمير الفصائل في سوريا والعراق، مع ما يرافق هذه العمليات من اضرار وتدمير وانتهاك لسوريا والعراق وشعبهما.

الموجة الأولى من الرد الأميركي كانت عدواناً على سيادة دولتين مستقلتين و ذات سيادة بما يشكل خرقا للقانون الدولي و يهدد الأمن و السلم في المنطقة بما يوصف بأنه خرق لميثاق الأمم المتحدة. هذا إضافة إلى إحتلال القوات الأميركية لأجزاء من الأراضي السورية، و تقوية قوى إنفصالية على سرقة و نهب و تدمير ثروات الشعب السوري، و كل ذلك يجعل من السياسة الأميركية عدوا لسوريا و شعبها و مستقبلها و وحدتها و أستقلالها و سيادتها . و يأتي قصف الرد الأميركي ليزيد العدوان الأميركي على سورية و يعمقه.

‏الواضح أن المنطقة تشتعل اكثر واكثر. ورغم إعلان كل من أمريكا وإيران إصرارهما على عدم (توسع) الحرب، فإن ما يجري يؤدي إلى (تمدد) هذه الحرب. كذلك فإن ما يقال منهما عن (تجنب التصعيد) يحل محله (تنظيم التصعيد) بما يضمن استمرارها. أي أن التوسع مستمر بهيئة التمدد، والتصعيد يتفاقم عبر تنظيمه بدل تجنبه، وتستمر شعوب المنطقة بدفع الثمن من استقرارها وأمنها وحياتها. وتستمرالقوى الطامعة (كل يغني معزوفته على ألحان مكر التوسع و الهيمنة والسيطرة).

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على الفيسبوك

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على التويتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى