«العائدة إلى حياة سابقة» للسعودي عمر حسين سراج

يمثّل الروائي السعودي عمر حسين سراج صوتاً إبداعياً مميزاً في مجال الرواية العربية المعاصرة؛ فهو إلى جانب محافظته على الشروط الفنية للسرد، يحاول استكشاف ميادين أخرى والاستعانة بها في كتاباته الأدبية، وتقديمها في قالب روائي إيحائي دال يتناسب وإيقاع الرواية الحديثة. وهذه المرة يختار الكتابة عن العلاج النفسي عن طريق ما يُعرف بالعودة إلى حياة سابقة. من هنا سيشكل العنوان «العائدة إلى حياة سابقة» الصادرة حديثاً عن الدار العربية للعلوم- ناشرون، نواة الأحداث الروائية الخاصة بالشخصيات الروائية، والمتواردة على المسارات المشكّلة للمنظومة السردية للعمل برمته. فما بين «الجسد» و «العقل» و «الروح»، يبني عمر حسين سراج ثيماته الروائية، وهي ذاتها التي ستَعبر من خلالها «سماح»، بطلة روايته من حياتها الواقعية إلى حياتها السابقة علّها تعرف أسباب الأزمات النفسية التي تعتريها بما فيها من خوف وخجل وعزلة… ستخضع «سماح» إلى جلسات العلاج الإيحائي مع الدكتور عزيز بهدف استعادة ذكريات حياتها السابقة، وباسترخاء تام ستتمكن من الحركة عبر الزمن بين حياتها الراهنة وحياتها السابقة بشكل فوري، وستتوصل إلى ذكريات محجوبة عنها، منذ ولادتها حتى لحظتها الراهنة، وستخبر الدكتور عزيز بكل ما تراه أثناء عودتها التدريجية عبر الزمن لاكتشاف أغوار نفسها… وهكذا، وبعد رحلة علاج طويلة ستكتشف «سماح» لماذا كان لونها المفضل هو الأزرق؛ ولماذا تخاف المرتفعات ولا تحب سكنى العمارات العالية؛ ولماذا كان الرقم خمسة ملازماً لحياتها؛ ولماذا كانت منجذبة إلى اللغة الإنكليزية حتى تفوقت فيها ودرستها؛ ولماذا كانت المهنة التي تروق لها أكثر من غيرها هي الطب؟ لقد عرفت «سماح» أخيراً أنها كانت في حياتها السابقة شخصاً آخر!!

الرواية تثير موضوع العلاج بالعودة إلى حياة سابقة وقد ورد هذا الأسلوب منذ قديم الزمان في الأدب الهندي القديم، والثقافة الصينية، كما أنه متبع في كثير من دول العالم المتقدم اليوم، وهدفه معالجة المشاكل التي تواجه الإنسان في حياته الحالية من تراكم آثار حياته السابقة. وبمعنى آخر هو نوع من الولادة العكسية، كما أنه يمثل معالجة كلية للبدن والعقل والانفعالات والروح وهي مبنية على مبادئ السبب والأثر. إضافة إلى كونه محاولة لإثبات بأن الأرواح لا تفنى، وإنما ما يهلك هو أجساد المخلوقات فقط، فالأرواح تنتقل إلى جسد آخر، ليس شرطاً أن يكون مثيلاً لما سبقه، ولا أن تحل في جسد من نفس السلالة، ولا حتى نفس العرق أو الجنس! وإنما تحل داخل إنسان آخر أياً كان أو نبات أو حيوان!

صحيفة الحياة اللندنية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى