العقدة الأخيرة في سورية!!

خاص :

لم يكن التفاؤل كبيرا بين الأوساط التي تراقب الحدث السوري عندما تم الإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار بعد الاتصال الهاتفي بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي باراك أوباما، وهذا ليس غريبا بطبيعة الحال، فلا يمكن أن تتراجع المخاوف من ((الفشل)) دفعة واحدة، في وقت كانت تترامى فيه التحذيرات من كل حدب وصوب لتوحي ليس باتساع رقعة الحرب وحسب، وإنما بحرب عالمية ثالثة !

خلال فترة قصيرة، امتدت من الإعلان السعودي بالتدخل البري إلى الإعلان التركي بعدم النية بأي دخول إلا من خلال الائتلاف الدولي ضد داعش. خلال هذه الفترة، وهي قصيرة جدا تغير كل شيء، وصار مطلوبا من الجميع التقيد بوقف إطلاق النار ..

نعم هذه صورة الحدث السوري، وعلى هامش هذه الصورة، أو في صلبها، فتحت خطوط الاتصال بين الرئيس الروسي والرئيس السوري، وبين الرئيس الروسي والملك السعودي، وكانت الصورة تتضح، وظهر كيري ليعلن أن الشهور القليلة القادمة ستكشف جدية الروس ويلوح بالخطة ((ب)) التي يقول الروس إنه لايوجد مثل هذه الخطط على حد علمهم !

ما الذي يجري؟ هل فعلا هناك اتفاق روسي أميركي يتم وفقه ترتيب كل شيء؟ هل أثمرت التحذيرات الروسية عن مواقف جديدة تحاول الوصول إلى حل دون حرب؟ هل يلوح الأميركان بحرب دون حرب، ثم من الذي سيلجم الفوضى على الأرض السورية إذا كان إطلاق النار مسموحا فقط ضد داعش والنصرة، وإذا كانت هناك مجموعات مسلحة ترى النصرة غير إرهابية، وإذا كانت سورية ترى الكثير من الجماعات المسلحة المستثناة هي إرهابية؟ ثم ماذا عن جنيف، ومن الذي سيجلس على طاولة الحوار؟ وهل الحوار ممكن ؟ وليس قريبا عن كل هذا الصخب ظهرت أسئلة اقليمية جديدة لم تكن محسوبة، فلماذا ترافقت عودة رئيس وزراء الأسبق سعد الحريري إلى لبنان مع تصعيد سعودي راح يستقطب تجمعات لبنانية فيوحي باشتعال خلاف واسع في لبنان ؟ يترافق ذلك مع نشاط سوري على الصعيد الداخلي بإجراءات على غاية الأهمية تتعلق بانتخابات جديدة لمجلس الشعب السوري؟!

كل هذه الأسئلة تشكل في نهاية الأمر عقدة من الصعب فكها إلاّ بعد صبر طويل، وهي تشبه ((كبكوبة)) من الخيطان الصوف عبث بها مجنونة، فصار من المستحيل فك الخيوط عن بعضها البعض؟

وسط كل هذه التساؤلات يتحرك الجيش السوري فيسجل كل يوم خطوات جديدة من السيطرة سواء على أراض خرجت من تحت سيادة الدولة واستولت عليها داعش، أو استولت عليها مجموعات أخرى، والجيش السوري مع ((حلفائه)) هو الوحيد الذي يحمل مشروعا ((قديما/جديدا)) يعطيه صفة القداسة باعتباره مشروعا ((مقاوما للمشروع الصهيوني الاسرائيلي))، وهنا طرحت إسرائيل تساؤلاتها سريعا عن هذا الذي يحصل في الشمال ، ولم تكن غامضة في طرحها ومخاوفها، وأعلنت أن مايفعله الجيش السوري والاتجاه الذاهب إلى الاستقرار في صالح الدولة السورية ليس في صالحها .. وسريعا جرى الحديث عن تنسيق تركي إسرائيلي وعربي إسرائيلي يتعلق بالمستقبل ، وكأن المنطقة تتجه إلى حرب من أولها على أرضية مشروع الفوضى الذي تحدثت عن ولادته كونداليزا رايس عام 2006 !

إذا : تبدو الأوساط غير المتفائلة في أفاق الحدث السوري محقة في تشاؤمها ، وتبدو الأمور أعقد من أن تكون خيوط صوفية شبّكتها عبثت بها قطة مجنونة ؟ هي ذروة المعركة حول المنطقة بكل ماطرح فيها من مشاريع . أو هي آخر تحدي فروسي بين الأطراف على أحدها في النهاية أن ينتصر، لأنه لا مساومة قادرة على جعل الجميع منتصرين ..

باختصار : هي العقدة الأخيرة، وهي من أخطر العقد لأنها تبدو تاريخيا كعقدة كوردوس الفارس الذي اضطر لقطع عقدة فرسه بالسيف لكي ينطلق بها .. العقدة الأخيرة ، ويخشى الجميع أن تكون مفتاح تقسيم المنطقة، وعندها يعرف ((كيري)) تماما لماذا يطلق تصريحاته، أو أن تكون مفتاح استعادة هيمنة الدولة السورية على أراضي الجمهورية التي استبيحت طوال خمس سنوات وعندها يعرف السوريون الموالون لماذا هذه الحركة النشطة للقيادة السورية على صعيد الداخل، وهي تردد أن على من يريد سورية وقد طوت صفحة الحرب الالتحاق بقافلة ((السيادة)) !!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى