العمل السياسي في سورية : حركة لافتة من أجل الوطن بيت الكل!

 

خاص بوابة الشرق الأوسط الجديدة:

لم تهتم الدراسات والتحليلات التي قرأناها عن سورية في الآونة الأخيرة، بالحركة الأخيرة التي تتعلق بالحياة السياسية السورية، تلك التي كانت انشغلت بالحرب، فأوقعت الأحزاب التي تعمل في الداخل بعطالة ملحوظة، فانكفأت عمليات التفاعل والحوار، إلى درجة واضحة.

وقبل أيام، كسر الرئيس بشار الأسد الوتيرة التي تشتغل عليها هذه الحركة عندما شارك «البعثيين» جلسة حوارية بمدرسة الإعداد الحزبي في «التل»، ليقول إن الوطن هو بيت الكل، وما نعيشه اليوم هو حالة غرق في المصطلحات، كان يراد منها تحقيق هزيمة افتراضية علينا، لأن مجتمعنا يقوم على التنوع، والقضية تُختصر في أن الغرب أراد أن يحول هذا التنوع إلى تنافر، عبر استهداف المجتمع بمصطلحات لا تنتمي إليه.

ورغم ، أن الرئيس الأسد أكد هذه الرؤية أكثر من مرة، إلا أن التنويه الأخير يحمل معنى خاصا في توقيته، ويقول فيه : ” لا يمكننا أن ننجح إن لم نتحاور، ولا يمكن لأي مسؤول أن يتطور من دون حوار». أي أن ثقافة الحوار هي تحديد واضح لشعار أداء تتطلبه المرحلة الحالية.

وقالت صحيفة الوطن السورية إن الجلسة الحوارية مع الرئيس الأسد استمرت نحو ساعتين وربع الساعة، وجرى الإشارة فيها إلى كل ما يتعلق بتعزيز ثقافة الحوار، ونقلت الوطن عن مصادر أن زيارة الرئيس الأسد جاءت في إطار عملية دفع، لتطوير هذه المنظومة التي كانت في مرحلة ما «كلاسيكية وتقليدية»، وتحويلها لمنظومة حضارية، وتأهيل كوادر حزبية من نوع جديد تخرج عن الإطار «النمطي»، وتحسن صورة حزب البعث أمام الجمهور والمجتمع.

عمليا، لم تكن هذه الخطوة إلا مؤشرا ينبغي أن نقرأ بقية المعطيات في ضوئه، فقد انطلقت قيادة الجبهة الوطنية، قبل فترة وجيزة، وهي ائتلاف يضم الأحزاب السورية التقليدية انطلقت هذه القيادة بنشاط غير اعتيادي، بدأ بمؤتمر في مكتبة الأسد حضرته قيادات أحزاب معارضة الداخل، ثم شمل زيارات للمحافظات السورية قام بها نائب رئيس الجبهة اللواء محمد الشعار مع قادة الأحزاب السورية المشاركة من بينهم صفوان سلمان وغسان عبد العزيز عثمان وصفوان قدسي وآخرون .

ودعا فيها إلى تعزيز مفهوم العمل الوطني ونشره ومقاومة العدو الذي يريد تفتيت سورية وضرب وحدتها الوطنية عبر أشكال متعدّدة، كما دعا البعثيين إلى العمل  بعيداً عن الأنانية الحزبية التي تؤثر على العمل بشكل سلبي، ووضع آليات عمل مختلفة والوصول إلى المواطنين بالصدق معهم والقرب منهم مضيفاً أن وجود أي حزب جبهوي هو قوة لحزب البعث العربي الاشتراكي ولمكونات الجبهة لمواجهة أي فكر غريب يدخل على الشعب وذلك من خلال إقامة برامج ثقافية واجتماعية .

وفي إيضاح لطبيعة هذا التحرك قال غسان عبد العزيز عثمان، وهو من قادة أحزاب الجبهة (العهد الوطني) قال في تصريح له بعد أن رافق الشعار في أكثر من جولة إن اللقاءات التي تتواصل في دمشق والمحافظات عززت الحوار ما بين قيادة الجبهة الوطنية التقدمية وفروعها وكوادرها. ووصف هذه الجولات بما تطرقت اليه من محاور ومهام مستقبلية بالخطوة التي عززت الثقافة الجبهوية، وطبيعة التعاون الجبهوي المنشود، وبما يخدم العمل الأهلي بشكل عام وتعزيز الروح الوطنية والثقافة القومية والتي تشكل بالنسبة إلينا هوية وانتماء.

أما المحلل السياسي بسام أبو عبد الله، فقد أقر أن الكثير من “إشكالياتنا طوال مدة الحرب ولا تزال، هي في غياب ثقافة الحوار” ووصفه بأنه وسيلة لغاية، والغاية هي إيجاد الحلول لمشاكلنا، تعزيزاً لوحدة الشعب، والبحث عن المخارج اللازمة، والانتقال من التنظير إلى الواقع العملي الذي ينعكس فائدة وثماراً على الجميع”.

وفي إيضاح هذه النقطة بيّن أبو عبد الله أن هنالك إشكالية ما زالت تواجهنا، وهي أن غياب ثقافة الحوار جعل منّا أناساً لا يتقبلون النقد، وجعل الكثيرين منّا يرون أن النقد شكل من أشكال الاستهداف الشخصي، والحقيقة أن النقد يجب أن يستهدف ظاهرة سلبية، أو سلوكاً سلبياً بهدف تصحيحه وتصويبه، وأن النقد يجب أن يتمتع بميزتين أساسيتين هما: العلمية والموضوعية، وأن يبتعد عن الشخصنة، وهذه قضية تحتاج للتدريب المستمر والدائم، وكلما خضنا حوارات متعددة ازددنا قدرة على تفهم الآخر، وامتلكنا مفاتيح الحلول لمشاكلنا، وأوجدنا الآليات المناسبة من أجل الخروج من عنق الزجاجة، والوصول إلى بر الأمان.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى