القاهرة .. ذاكرة تتآكل لبلد يتحلل وينتحر

مدينة لا تشفع فيها ذريعة. سواء كانت ذريعة الفقر والفاقة، أو الجهل بمعنى الحياة والجمال، ولا تقبل فيها مواساة أو عزاء، أو حجة.

يقول رسكين: "الأمم العظيمة تكتب سيرها في ثلاثة كتب. كتاب الوثائق، وكتاب الفكر، وكتاب الفنون. لا يفهم أيا منها إلا بعد قراءة الكتابين الآخرين. لكن أصدقها وأحقها بالثقة هو الكتاب الأخير، كتاب الفنون."
إذا كان علينا أن نختار بين ما كتبه كتابنا وبين ما تحكيه مباني وسط البلد بالقاهرة التي أشرف على بنائها علي باشا مبارك في عصر الخديوي اسماعيل، لفهم طبيعة ذلك العصر والعصر الذي نعيش فيه، لوجب أن نختار بدون تردد المباني والأعمال الفنية.
في يناير/كانون الثاني عام 1952، قبل الثورة المصرية، نظمت مدرستنا رحلة للطلبة في أجازة نصف السنة إلى القاهرة. كانت أجرة الاشتراك في الرحلة خمسين قرشا. تشمل المواصلات واللوكاندة والوجبات الغذائية لمدة أسبوع كامل. المشرف على الرحلة مدرس التاريخ، معه مدرس آخر مساعد. عدد الطلبة المشتركين في الرحلة لا يزيد على عشرين طالبا.
كانت الرحلة من مدينة فاقوس بمحافظة الشرقية إلى القاهرة بالقطار. هذه أول مرة أرى فيها القاهرة. كان نزولنا في لوكاندة "مصر" بميدان العتبة. لوكاندة مصر لم تكن لوكاندة خمس نجوم، يمكن اعتبارها من الفنادق الشعبية. لكن القاهرة كانت في ذلك الوقت مدينة خمس نجوم بكل ما تعنيه الكلمة.
إذا كان هناك حب من أول نظرة، فهذا كان شعوري نحو القاهرة، عند رأيتها أول مرة. لم تكن مكتظة بالسكان كما هي الآن. شوارعها كانت نظيفة كأنها مغسولة بالماء والصابون. واجهات المحلات الرخامية والفاترينات الزجاجية اللامعة والإضاءة الملونة والديكورات الجميلة تدل على ذوق رفيع وثراء وأصالة وعظمة.
يفط المحلات رقيقة مكتوبة بحروف من الذهب والفضة ومزينة بالنور. لمبات النيون بأشكالها ورسومها المتناسقة وظلالها البهية تسر الناظرين. الشوارع مستقيمة تنتهي بميادين فسيحة، تتزين بالتماثيل البرونزية الرائعة والزهور العطرة الخلابة. خطوط الترام وسط شوارعها تزيدها أصالة وخصوصية.
كانت غرفتنا تتسع لأربعة تلاميذ، في لوكاندة مصر التي تطل على ميدان العتبة الخضراء. بجوارها حديقة الأزبكية، خلفها دار الأوبرا الخديوية، التي احترقت عام 1971.
بعد جولة قصيرة لمعالم القاهرة القريبة، تناولنا العشاء في أحد المطاعم القريبة، ثم عدنا إلى غرفنا للراحة والنوم. لكن كيف ننام ونحن في القاهرة؟
صخب الميدان وصوت السيارات وعربات الترام، تذكرنا باستمرار بأننا في مدينة كبيرة عظيمة عريقة. أعمدة النور والمحلات التجارية ويفط النيون للإعلانات، ترسل أضواءها المتغيرة من خلال النافذة لكي تسقط على أجزاء من حائط الغرفة وتنيره بالألوان الحمراء والخضراء والزرقاء بدرجاتها المختلفة.
أخذنا نسلي أنفسنا قبل النوم بالقصص والحكايات والنكت. أحد هذه النكت التي قيلت ولازلت أتذكرها حتى الآن هي النكتة التالية:
"واحد بخيل معه أربع بلحات. فتح البلحة الأولى في ضوء المصباح فوجد بداخلها دودة. رماها. ثم أطفأ المصباح وأكل الثلاث بلحات الباقية".
القاهرة مدينة عظيمة تطورت عبر القرون. كان اسمها، منذ ستة آلاف سنة قبل الميلاد، مدينة القتال "حري عي". ثم تغير اسمها إلى مدينة الشمس "أون" أو "هليوبوليس" منذ أربعة آلاف سنة قبل الميلاد.
بعد ذلك، أصبحت مدينة الفسطاط، التي بناها عمرو بن العاص عام 641 لسكن جنوده. أضيفت إليها مدينة العسكر في العصر العباسي. ثم القطائع في عصر أحمد بن طولون، وهي التي يقع بها جامع ابن طولون الشهير.
عندما غزا الفاطميون مصر، وأرادوا بناء مدينة لهم محاطة بسور، جمع قائدهم، جوهر الصقلي، المنجمين وأمرهم بأن يختاروا طالعا لحفر الأساس شمال مدينة الفسطاط، وطالعا آخر لرمي حجارته. لذلك، ثبتوا بالسور قوائم خشبية، وأوصلوا هذه القوائم بحبال علقت فيها أجراس. حتى يرمي البناؤون الحجارة حينما تدق الأجراس.
لكن، حدث أن غرابا شاردا وقف على إحدى هذه الخشبات، فدقت الأجراس، وظن البناؤون أنها إشارة البدء لإلقاء حجر الأساس للسور آنذاك.
صاح المنجمون لا لا، القاهر (كوكب المريخ) فى الطالع. هذا لا يبعث على التفاؤل. عندما قدم المعز لدين الله الفاطمي لمصر وسمع القصة، راقت له الفكرة، فسمى المدينة "القاهرة"، وأصبحت هي "قاهرة المعز"، بدلا من الاسم المقترح وكان "المنصورية".
اللوكاندة التي كنا ننزل بها في ميدان العتبة الخضراء، تقع خارج قاهرة المعز. ميدان العتبة وكذلك باقي منطقة وسط البلد، كانت أرضا بلقعا وبركا ومستنقعات حتي نهر النيل. تغمرها مياة الفيضان معظم الوقت. يرجع الفضل في تعمير منطقة وسط البلد للخديو اسماعيل ووزيره علي باشا مبارك.
في بداية ولاية الخديو اسماعيل، التي دامت من عام 1863 إلى عام 1879، قام الخديو بزيارة باريس. اعجب اعجابا بالغا بالحضارة والعمران الباريسي. من ثم، عاد إلى مصر عاقدا العزم والنية على أن يجعل من القاهرة باريس أخرى على النيل.
طبعا القدر يلعب دورا هاما في حياة الشعوب. في هذه الأثناء، كانت الحرب الأهلية الأميركية على أشدها، بسبب قضية تحرير العبيد. بالتالي كانت هناك أزمة في إنتاج القطن العالمي نظرا لغياب القطن الأميركي.
اتجهت الأنظار إلى القطن المصري وغلا سعره. زادت صادرات القطن المصري إلى السوق العالمية من 16 مليون دولار عام 1862 إلى 56 مليون دولار عام 1864. القطن كان بالنسبة لمصر في ذلك الوقت، مثل البترول بالنسبة لدول الخليج بعد حرب 1973.
الفلوس موجودة، والنية معقودة، والأيدي العاملة رخيصة ومتوافرة، والخديو كان يقول: "هوايتي الطوب والمونة". فماذا ينقصنا الآن؟ الذي ينقصنا هو الخبرة. فلنستورد الخبرة اللازمة. لذلك تطلعت الأنظار إلى خبرة المهندسين الإيطاليين والفرنسيين في تخطيط المدن والمعمار. في نفس الوقت، أسس الخديو اسماعيل مدرسة الري والمهندسخانة في العباسية، التي أصبحت فيما بعد كلية الهندسة بجامعة القاهرة. وأسس أيضا مدرسة الفنون والحرف ببولاق، التي صارت نواة لكلية الهندسة جامعة عين شمس فيما بعد.
قام علي باشا مبارك بتعيين الأوروبيين، وخصوصا الإيطاليين منهم، في وزارة الأشغال وفي المشاريع الخاصة بالبناء وتخطيط القاهرة الجديدة، وبناء قصور الخديو والفيلات الخاصة.
بعض الأسماء التي لمعت هي: فرانسيسكو باتيجيللي، كارلو برامبوليني، برتو أفوسكاني، كارلو فيرجيليو سيفاجني، لوجي جافاس، أوجستو سيساري، وجوزيب جاروزو، الذي قام ببناء متحف الآثار المصري، وقصر عابدين، وفندق شبرد، ومبنى المطافي في ميدان العتبه الخضراء، الذي يمكن رؤيته من نافذة لوكاندة مصر.
معظم المباني التي بناها الإيطاليون كانت على غرار مباني عصر النهضة في إيطاليا. حيث الأعمدة "التوسكان" والدعامات "الأيونية" والشبابيك والأبواب المزينة بالتماثيل.
أما المهندسون الفرنسيون، فكانوا مشهورين بالطراز "الباروكي" الفرنسي، الذي ظهر في بعض مباني القاهرة وحي جاردن سيتي والظاهر. حيث البلكونات الرقيقة، وشغل الحديد و"الفرجيه" في الأبواب والشبابيك ومداخل الرخام والمشايات.
قام "باريليه ديشامبز" المهندس الفرنسي مع "ديلشيفاليريه"، بتصميم حديقة الأزبكية على نمط الحدائق الفرنسية. ونقلت إليها مجموعة أشجار ونباتات نادرة الوجود من كل أنحاء العالم. عملت بها بحيرة صناعية صغيرة بها قوارب للنزهة تعمل بالبدال مثل الدراجات.
أنشئت فوق البحيرة عدة كباري. وبنيت على ضفافها استراحات شرقية لتناول الشاي، ومطاعم لتناول الوجبات الخفيفة واستديو للتصوير الفوتوغرافي، وسرادق على النمط الصيني، ومدرسة للتدريب على رياضة الشيش، ومسرح (مسرح الأزبكية) ومول تجاري.
كان الخديو يعرض الأراضي الفضاء في منطقة وسط البلد للبيع بثمن بخس بشرط أن تقوم بالبناء في خلال 18 شهرا، وأن لا تقل التكلفة عن 30 ألف فرنك للمبنى الواحد.
أمر الخديو ببناء دار الأوبرا الخديوية في الأزبكية عام 1868، على نمط دار أوبرا "لاسكالا" في ميلانو. بناها الإيطالي "بيترو أفوسكاني" في خمسة شهور.
لكي تعرض فيها أوبرا عايدة لفيردي، والتي كتبها مدير المتحف المصري جان فرانسوا شامبليون. لكن الأوبرا لم تكن مكتملة عند افتتاح قناة السويس. لذلك عرضت بدلا منها الأوبرا الإيطالية "ريوجوليتو" وهي أيضا لفيردي.
تم أيضا بناء كوبري قصر النيل في عصر الخديو اسماعيل عام 1871. وهو أقدم الكباري التي انشئت في القاهرة. يقع بالقرب من ميدان التحرير، ويتميز بتماثيل الأسود الأربعة، القابعة عند مدخلي الكبري. قامت ببنائه شركة فرنسية. وتم إعادة بنائه عام في عهد الملك فؤاد.
أما بالنسبة لكوبري أبو العلا، المصنوع من الصلب، والذي أكمل بناؤه عام 1912 في عهد الخديو عباس حلمي الثاني، فالخطأ الشائع هو أن المهندس الفرنسي إيفل، باني برج إيفل بباريس، هو الذي بناه. لكن هذا غير حقيقي. باني كوبري أبو العلا هي الشركة الفرنسية "فيف ليل".
من القصص التي تروى عن كوبري أبو العلا، إن مهندسه عندما تم إنشاؤه، ووجده لا يفتح للمراكب كما يجب، قام بالانتحار، بأن ألقى بنفسه من فوق الكوبري.
هذا أيضا كذب لا نصيب له من الصحة. الكوبري كان يفتح ويقفل في بادئ الأمر بدون مشاكل، وكان تحفة هندسية لم نستطع الحفاظ عليها. ولسوء الصيانة، أصبح فتحه متعذرا بسبب الصدأ. كوبري أبو العلا القديم تم تفكيكه عام 1998، لسوء الحظ وبسبب خيبتنا الثقيلة في عدم الحفاظ على تراثنا، لبناء كوبري جديد مكانه.
ترك كوبري أبو العلا بعد تفكيكه للصدأ وعوامل التعرية، وكان يجب الحفاظ عليه أو نقله إلى مكان آخر على النيل أو أحد فروعه. أما إيفل المهندس الفرنسي الذي بنى برج إيفل بفرنسا، فهو باني الكوبري المعلق بحديقة الحيوان بالجيزة.
حديقة الحيوان بالجيزة، أمر بانشائها الخديو اسماعيل. تم افتتاحها عام 1891 في عهد الخديو توفيق. كانت توجد بها زهور ونباتات وأشجار مستوردة. بها قرابة ستة آلاف حيوان، تمثل 175 نوعا مختلفا. بينها أنواع نادرة من التماسيح والأبقار الوحشية. كانت تقع على مساحة 80 فدانا.
كانت توجد بها جداول مائية وكهوف بشلالات وجسور خشبية. وبحيرات للطيور المعروضة. وكان بها أيضا مجموعة نادرة من الطيور والزواحف ومتحف للحيوانات والطيور والفراشات المحنطة.
سرعان ما أصبحت القاهرة مدينة لا تضاهيها مدينة أخرى. لا في الشرق ولا في الغرب، لا يوجد مثلها في أوروبا ولا في أميركا.
كان على باشا مبارك يشرف بنفسه على تصميم شوارعها وميادينها، وكان مصرا على أن تكون شوارع وميادين القاهرة أفضل من شوارع وميادين مدينة باريس.
أحد قصور الخديو اسماعيل، الذي خصص سابقا للزوار الكبار وملوك ورؤساء الدول الأجنبية، أصبح فندق شبرد فيما بعد. شارع الهرم المزين بالأشجار على الجانبين، كانت به استراحة للخديو تحولت إلى فندق ميناهاوس.
القصر المخصص للملوك وكبار الزوار في افتتاح قناة السويس، الذي كان يقع في أرض الجزيرة، المعروفة حاليا بالزمالك، والذي نزلت به الامبراطورة أوجيني من فرنسا، وولي عهد بروسيا، وغيرهم من الزوار. هذا القصر أصبح الآن فندق ماريوت.
في شارع شبرا، كانت أشجار الأكاسيا والجميز على الجانبين. وكان من أهم شوارع القاهرة. لأن علية القوم حذت حذو الخديو في بناء الفيلات والقصور الفارهة على الجانبين.
لكن، أين ذهبت هذه الكنوز التاريخية الفنية المعمارية؟ أين ذهب هذا التراث؟ كيف تثنى للفرنسيين الحفاظ على ثروة باريس المعمارية وتحويلها إلى أسطورة، بينما كنوزنا المعمارية بوسط البلد، قمنا بتحويلها إلى عيادات مهملة وورش ودكاكين وبوتيكات قبيحة المنظر.
كيف أضاع الاهمال والغباء وعدم الوعي وربما الخيانة، أعمالا تاريخية حضارية فنية شديدة الخصوصية والرقي والروعة. كانت في يوم من الأيام آيات للفن والتاريخ والثقافة والحضارة.
ما يقرب من ثلاثمائة عمارة ومبنى وسط القاهرة، تترك للقذارة والزبالة والحشرات والقوارض والرطوبة. تحول معظمها إلى ورش وعيادات ومحلات حلاقة وقهاوي بلدي. لا تلقى الحد الأدنى من العناية والصيانة اللازمة. ذاكرة تتآكل لبلد يتحلل وينتحر.
حديقة الحيوان التي كانت تصنف من أجمل حدائق الحيوان في العالم، اقتطع جزء كبير من أرضها لبناء كلية الهندسة بكافة مساحاتها ومبانيها ومعاملها. لكي تتقلص مساحتها من 80 فدانا إلى 357 الف متر فقط. مع استمرار التدمير والتشويه للحديقة، تراجع التقدير العالمي لها، وأصبحت من أسوء حدائق الحيوان في العالم. وهذا وسام يجب أن يعلق في رقاب من حكموا مصر في هذه الآونة.
حديقة الأزبكية التي أنشأها المهندسون الفرنسيون، والتي كانت بها 800 شجرة نادرة وكشك للموسيقى الحية، تم اغتصابها واغتيال نضرتها وقتل نباتاتها وردم بركتها وتقليص مساحتها حتى لم يبق منها شيء الآن.
تم تقسيم ميدان الأزبكية إلى أربعة أماكن. تضم حاليا مبنى البنك المركزي الجديد ومحطة بنزين وجراج الجمهورية ومبنيين لوزارة الشئون الاجتماعية والتأمين الصحي.
أما الحديقة نفسها، فقد قسمت وشيد على جزء منها سنترال الأوبرا، واخترقها شارع 26 يوليو فقسمها نصفان. فلم تعد حديقة وميدان الأزبكية كما كانت، وأصبحت ذكرى من هذا الزمن الجميل الذي لن يعود.
حديقة التحرير، هي الأخرى تم تحويلها إلى مواقف أوتوبيسات. حديقة قصر محمد علي بشبرا، التي كانت تبلغ مساحتها 50 فدانا، كانت تعتبر من روائع القاهرة ومن أندر حدائقها. أين هي الآن؟ القصر نفسه كان من أندر القصور في العالم.
حديقة قصر الأمير محمد علي، ابن الخديو توفيق، كانت حديقة عالمية الشهرة. حديقة السيدة زينب، وحديقة ميدان الظاهر، وغابات الدّراسة، وحديقة ضريح أحمد ماهر، وحدائق القبة، وحدائق المتحف الزراعي بالدقي، وحدائق بولاق. كل ذلك ذهب إلى غير رجعة وأصبح في خبر كان وطواه النسيان.
منذ سنتين تقريبا، كنت في زيارة القاهرة. نزلت إلى منطقة وسط البلد لقضاء بعض المصالح. شارع فؤاد وشارع سليمان ومنطقة الأزبكية. لم أصدق ما رأيت. الأرصفة منزوع بلاطها. كل محل، الرصيف أمامه يختلف عن الرصيف أمام المحل المجاور له. الطوب والظلط والرمال والحصي هنا وهناك.
ديكورات المحلات تنم عن ذوق بشع ردئ وعشوائية فجة قبيحة. اليفط وإعلانات الأطباء تشوه البلكونات وجدران العمائر التي كانت تحفة للناظرين في يوم من الأيام. الشوارع قذرة والزبالة تتكوم في كل مكان. حتى الناس شكلها قد تغير وصار قبيحا. وأصبحت لا تختلف كثيرا عن المكان الذي يعيشون فيه.
سينما كايرو أصبحت خرابة. سينما مترو تعرض أفلاما عربية. منظر الإعلانات حولها ردئ مقزز. دور العرض التي كان يمتلكها إخوان جعفر بوسط البلد قبل التأميم، سينما ريفولي وراديو وأوبرا وقصر النيل، بمسارحها الجميلة وطنافسها الفاخرة وستائرها الحريرية المخملية المتعددة وديكوراتها الرائعة، أصبحت خرائب أو حوانيت رديئة المنظر.
تشويه وتخريب لكنوز لا يملكها جيل واحد، إنما هي ملك لكل الأجيال. كان يجب أن نصونها ونعض عليها بالنواجذ. جريمة بشعة مع سبق الإصرار والترصد.
لا تشفع فيها ذريعة. سواء كانت ذريعة الفقر والفاقة، أو الجهل بمعنى الحياة والجمال. ولا تقبل فيها مواساة أو عزاء، أو حجة، بعدم فهمنا لأهمية الحضارة والثقافة والفنون الراقية في حياة الشعوب.

ميدل ايست أونلاين

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى