الكشف الإسرائيليّ عن إقامة حزب الله بُنيّةً تحتيّةً بالجولان قد يُوظّف من قبل نتنياهو لشنّ حربٍ للتملّص من تُهم الفساد

الحرب النفسيّة بين إسرائيل وحزب الله تستعّر، وهناك عدّة أسئلة مطروحة وبقوّة على الأجندة: هل تُخطّط تل أبيب لعدوانٍ جديدٍ على لبنان بعد فشل جميع رهاناتها في سوريّة؟ وهل هذا القرار، إذا فعلاً تمّ اتخاذه، نابعٌ أيضًا فيما هو نابعٌ من الخسارة الإستراتيجيّة التي مُنيت بها دولة الاحتلال في الجولة الأخيرة مع المُقاومة الفلسطينيّة في قطاع غزّة؟ كما أنّ الوضع الجديد يطرح سؤالاً لا يقّل أهميةً وقيمةً عن السؤاليْن السالفيْن الاثنيْن: ما هو سرّ التصريح الذي أدلى به جنرال رفيع المُستوى في تل أبيب، والذي أكّد فيه على أنّ المُناورات الإسرائيليّة التي تجري في الأيّام الأخيرة تُحاكي حربًا إسرائيليّةً على الجبهتين الشماليّة والجنوبيّة في آنٍ واحدٍ؟ والسؤال الأخير في هذا السياق، على ضوء توصية الشرطة بمُحاكمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وزوجته بتهم الرشا والاحتيال وخيانة الأمانة في ثالث ملّفٍ ضدّهما، هل يلجأ نتننياهو إلى الحرب لاستدرار عطف الإسرائيليين بهدف المُحافظة على منصبه، وهل الحرب ستكون بمثابة تصدير أزمته الداخليّة إلى الخارج؟، وللتذكير فقط، فإنّه بحسب وزير الأمن الإسرائيليّ المُستقيل، أفيغدور ليبرمان، فإنّ أخر حربٍ انتصرت فيها إسرائيل كانت حرب الأيّام الستّة (عدوان يونيو 67).

وفي هذا السياق يؤكّد مُحلّل الشؤون العسكريّة في صحيفة (يسرائيل هايوم)، يوآف ليمور إنّه يجب أنْ نقول باستقامةٍ: إسرائيل هي الأخرى مردوعة وغير معنية بالمعركة، والنشاطات التي اتُخذت في الأسبوع الأخير تستهدف تأجيل الحرب، وعليه، نقل عن مصادره الأمنيّة الرفيعة في تل أبيب قولها إنّ التقدير هو أنّ الهدوء المتوتّر سيظل في الفترة القريبة المقبلة أيضًا، على حدّ تعبيره.

ونرى أنّه من الأهمية بمكان التشديد على أنّ ليمور، يُعتبَر الابن المُدلّل في المؤسسة الأمنيّة في تل أبيب، وأنّ صحيفة (يسرائيل هايوم) هي عمليًا وفعليًا الناطقة غيرُ الرسميّة بلسان نتنياهو، وبالتالي فإنّ الـ”تحليلات” التي تُنشَر فيها مُستقاةٌ من أرفع المصادر الأمنيّة في إسرائيل، الأمر الذي يمنحها مصداقيّة، لما يُفكّر به صُنّاع القرار في كيان الاحتلال.

ووفقًا لليمور ومصادره الأمنيّة الرفيعة، فإنّ الجبهة الشماليّة أنتجت في نهاية الأسبوع الماضي الكثير من الجلبة على اللاشيء، فبينما صخبت وسائل الإعلام حول سلسلة من الأعمال والمنشورات، فلم يتغيّر أيّ شيءٍ جوهريٍّ على الأرض.

وبرأي مصادره، كما كتب، تعود بداية الفوضى إلى يوم الجمعة، مع نشر هبوط طائرةٍ إيرانيّةٍ في بيروت، لافتًا إلى أنّه في الماضي شكلّت غيرُ قليلٍ من هذه الرحلات الجويّة وسيلةً لنقل وسائل قتاليّةٍ إلى حزب الله، ومن غير المستبعد أنّهم في الحزب كانوا على قناعةٍ بأنّ الحديث هذه المرّة كان يجري عن مُبادرةٍ إسرائيليّةٍ للنشر.

ومضى ليمور قائلاً إنّه في أعقاب هذا التقرير أطلق حزب الله حملةً على الشبكة تحت عنوان «احموا سماءنا» ـ دعا فيها الحكومة اللبنانيّة إلى العمل ضدّ طلعات سلاح الجوّ الإسرائيليّ في سماء لبنان، والتي تخرق قرار 1701 للأمم المتحدة، فردّت إسرائيل في حملةٍ خاصّةٍ بها على الشبكة، وبعد وقتٍ قصيرٍ من ذلك عُلِم عن هجمة سلاح الجوّ في سوريّة.

وشدّدّ المُحلّل، على أنّه مع أنّ الهجوم كان يبدو إذا كان وقع حقًا، طفيفًا نسبيًا، فإنّ الأصداء التي أثارها كانت هائلةً، لا لأنّه علم بها في الزمن الحقيقيّ، لأوّل مرّةٍ منذ إسقاط الطائرة الروسية في 17 أيلول (سبتمبر)، بل بسبب الردّ الهستيريّ لمنظومة الدفاع الجويّ السوريّة، التي أطلقت أكثر من 20 صاروخًا من طراز أرض جوّ، بينها واحد وقعت بقاياه في البلاد، بل، زعمت المصادر في تل أبيب، نشر السوريون تقريرًا كاذبًا عن أنّهم أسقطوا طائرةً لسلاح الجوّ، ولكنّ الناطق بلسان الجيش الإسرائيليّ نفى ذلك رسميً، بحسب زعمه.

وتابع ليمور قائلاً إنّه في ليل السبت، أطلق حزب الله فيلمًا قصيرًا للتخويف وفيه صور قمر اصطناعيّ وعلامات تؤشر إلى مُجمّع وزارة الأمن الإسرائيليّة في تل أبيب وبضع قواعد لسلاح الجو، مُشيرًا إلى أنّ الرسالة واضحة: نحن نُتابِعكم ويُمكِننا أنْ نضرب بدقّةٍ في كلّ نقطةٍ في إسرائيل.

وتابع: نشر الناطق العسكري الإسرائيليّ ردّ فعلٍ ساخرٍ حذّر فيه المنظمة من أنّ “مَنْ يسكن في بيت من الزجاج لا يرشق الحجارة، وعبّر عن رأيه في أنّ هذا السلوك يُفيد بضغطٍ شديدٍ في الجبهة الشماليّة، من الحدود، في سوريّة، وتحديدًا في لبنان.

ورأت المصادر أنّ حزب الله منشغلاً في ربط النقاط، بدءًا ًمن امتناع إسرائيل عن معركةٍ في غزّة على خلفية التلميحات التي نثرها رئيس الوزراء نتنياهو بأن شيئًا كبيرًا يوجد على جدول الأعمال في الشمال، عبر تمديد ولاية رئيس الأركان لأسبوعين وإلغاء زيارته إلى ألمانيا، عبر التصريحات الكثيرة في مسألة المصانع لدقّة الصواريخ وانتهاء بكشف صحيفة (يسرائيل هايوم) عن البنية التحتية التي يسعى حزب الله لإقامتها في الجولان العربيّ السوريّ المُحرّر.

واختتم ليمور قائلاً: جميع هذه النقاط ترتبط في خطٍّ واحدٍ، في طرفه هجومٍ إسرائيليٍّ مُحتملٍ يسعى لأنْ يمنعه من خلال هذه الحملات، لافتًا إلى أنّه في هذا الجانب، كان حزب الله هو الذي تراجع أولاً، بحسب زعمه.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى