أنسام صيفية

الكون في قشرة جوز

شوقي بغدادي

وقع في يدي كتاب صغير في حجمه كبير في معلوماته و فكره مترجم إلى العربية تحت هذا العنوان الطريف (( الكون في قشرة جوز)) لعالم الرياضيات و الفيزياء الأشهر و الأستاذ في ” بالرغم من أنه مشلول ينتقل على Stephen hawkingجامعة كامبردج “ستيفن هوكنغ كرسي متحرك!

فتحت الكتاب و شرعت أقرأ و لم أستطع بعد ذلك تركه حتى ختامه ، و أنا أغوص بعيدا في تصورات معقدة و ساحرة عن شكل الكون متى كانت بدايته ، و متى نهايته ، و كيف هو شكله؟ لم أكن أفهم تماما كل ما كنت أقرأ غير أنني وصلت إلى غايتي في أن أحرض عقلي و مخيلتي و عواطفي على أن تتحرك أبعد فأبعد فأرى أن الكوكب الذي نعيش عليه يكاد لا يتجاوز في حجمه ذرة غبار صغيرة جدا في كون رحب يمتد مسافات يحتاج من يقطعها من أمثالنا البشر إلى ملايين السنين الضوئية و يسافر في كل الإتجاهات … و شيئا فشيئا بدأ فكري يعود إلى الأرض الصغيرة جدا كي يدفعني إلى التمدد على عشبها الأخضر و أسبح في متاهات مناظرها الليلية أو المشرقة بضوء الشمس ثم أمضي إلى السوق لشراء حاجات منزلنا اليومية ثم أهدأ من جديد كي أعود إلى أفكاري التي انهمرت علي بتأثر الكتاب العجيب الذي قرأته فأستغرب مثلا الأخبار التي أسمعها في التلفزيون و أرى صورها المثيرة للخوف و الغضب من خلال صور معارك العنف المحتدمة في كوكبنا هنا و هناك و كأن البشر الذين يعيشون على ذرة الغبار التي إسمها الأرض يرمون بأنفسهم في أتون معركة سخيفة ننهش كالحشرات الصغيرة بعضنا بعضا بهدف احتكار موارد العيش متجاهلين أن الوفرة الغذائية كافية بل تزيد على حاجات جميع البشر و لو كانوا أكثر عددا عشرات المرات لولا أن مطامع بعض الحشرات الأكبر حجما من رفيقاتها تصادر ثروات الأرض و مساحاتها لصالحها الخاص مع أن الأرض كوكب سخي في عطائه للجميع دون إستثناء.

ما سر هذا الكون الذي يمنح الحياة إلى هذا الكوكب الصغير المسمى”الأرض” و يترك عشرات بل مئات بل ألاف الكواكب الأخرى الأكبر من أرضنا ككوكب المشتري الأكبر من أرضنا بمليون مرة و ليس فيه حتى الألوان سوى الغازات القاتلة و الصخور الحادة الخاوية من الحياة .

أية نصائح أخلاقية ، بل أية مخططات تنموية و أنظمة عادلة قادرة على إنقاذ جنسنا البشري يبدو أن لا أمل إلا بدفع الجميع إلى قراءة كتب مثل كتاب ( الكون في قشرة جوز) الذي حرضني على التفكير بهذا الخلاص الذي ما نزال بعيدين عنه و أن لا سبيل إلى أي خلاص إلا بتوسيع العقول الحبيسة في أسر الجهل أو الفقر أو الغرور و بإطلاق سراحها كي تفكر على هواها في أننا نعيش على ذرة غبار في كون محشور على رحابته في قشرة جوزة واحدة!

بوابة الشرق الاوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى