نوافذ

المثقفون والحكام

مقبل الميلع

كان المفكرون والأدباء وكبار الفنانين وكل من يعمل بالفكر من ألد أعداء الحكام الذين يخافون المعرفة ويخشون من أثرها في المجتمع فهم قلقون منهم باستمرار. اعتبروهم فيروسات معدية تنتشر بسرعة ، وهم مرض تحت الجلد يجب التخلص منهم لهذا كانوا يحاكمونهم بتهم جاهزة غالب الأحيان بتهمة الكفر (الزندقة ) تارة والخروج عما هو معلوم من الدين تارة أخرى ومن ينجون من هاتين التهمتين يلاحقون وتضيق عليهم سبل العيش والمحظوظ منهم يوضع في السجن هذا اذا ما نجا من حكم الإعدام . والتاريخ حافل بسجلات هؤلاء العظماء بدءا من غاليليو عبورا بسقراط ذاك الفيلسوف الحكيم ومرورا بديكارت وسبينوزا وكانط واللائحة تطول إذ  كانت محاكم التفتيش لهم بالمرصاد واتهامهم بالهرطقة ومصادرة مخطوطاتهم وكتبهم بمنع طباعتها ونشرها.

أما في العالم العربي والإسلامي فحدث ولا حرج فقائمة الأسماء لا تتسع لها عشرات الصفحات مثل ابن المقفع والسهروردي، الكندي والفارابي، ابن سينا وابن النفيس الخ.. وقد مورست بحقهم شتى أنواع الملاحقة والتنكيل والتعذيب جلدا بالسياط حينا أو تعليقا على جذع شجرة في مرات عديدة والعجلة تدور واسألوا العسس وزنزاناتهم وما يدور هناك تشيب له الغلمان من قصص وحكايا لا يتسع المجال لذكرها في هذه العجالة.

كثر الفساد وتشعبت طرائقه. قمعت الحريات وكممت الأفواه وصودرت الآراء حتى صار الإنسان ُيكلم نفسه ويخشى أن تكون المخابرات قد زرعت له جهاز تسجيل في دماغه بحسب رواية (مذكرات في زمن ما..) للأديب الراحل سهيل الذيب. ورأى الصحافي البريطاني المبدع جورج أورويل في روايته (1984) كيف تمنع الحكومة الحب وممارسة الجنس من خلال الكاميرات المزروعة في كل مكان.  وستبقى الحالة من سيء إلى أسواء ما لم تتغير الأحوال فالطريق شاقة وطويلة فيها تعب وعقبات وهي مسؤولية المثقفين أولا ومن ثم يأتي دور الدولة مساندا. فالقضاء على الجهل وتأمين الحياة الكريمة للمواطن بإيجاد فرص العمل ورعاية الطبابة والشيخوخة تعتبر من المسلمات البديهية لتجذير المحبة والولاء للوطن والفرصة الملائمة للحاق في ركب الحضارة .

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على الفيسبوك

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على التويتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى