
أن تكون مثقفا حقيقيا يعني أن تكون مستعدا للوقوف تحت مقصلة الحق والحقيقة في اللحظات الحاسمة من تاريخك، وأن تكون متماهيا مع الوجع والمعاناة لشعبك وأبناء الإنسانية جمعاء، ومتمسكا بالقضايا الأخلاقية التي صنعت الكبار الكبار أمثال: ابن رشد وابن سينا والفارابي وغيرهم..
في نهاية مقالته التي كتبها إدوارد سعيد عام 1999 بعنوان “خيانة المثقّف” يقول : “إن كانت الحياة الإنسانيّة مقدّسة، يجب ألا يُضحّى بها باحتقار”..
إن حالة الضياع والتشتت والانزلاقات القاتلة التي يعيشها المثقف ماهي إلا نتيجة حتمية للأمراض التي يعاني منها وعلى رأسها الانتهازية التي جعلتنا أمام فئة من المثقفين الرحل حسب تعبير الجابري، وهي الفئة الأقدر على تأجير ألسنتها وأقلامها وأفكارها، وفق مايأتيها من عروض مالية أو مكاسب سلطوية، بعيدا عن واجباتها الأخلاقية وتمسكها بالدفاع عن حقوق الوطن والمواطن وإبعادهما عن شبح الفتن والصراعات الفتنوية المدمرة..
وفي مقابل هذه الفئة القاتلة ثمة أخرى اختارت الاختباء في الظل، تبث سمومها عبر وجوه حربائيّةٍ لا همّ لها إلا إشعال الفتن ونسف ما تبقى من نسيج المجتمع.
خلاصة القول: في زمن الانهيارات الكبرى، لا يُقاس المثقف ببلاغته ولا بشهرته، بل بقدرته على قول الحق وعلى الانحياز الواعي لقضايا الناس، ويحفظ ضميره من الانزلاق، ليظل جديرًا بلقب المثقف لا بالتوصيف بل بالفعل والالتزام.
بوابة الشرق الأوسط الجديدة