المخرج نجدة أنزور وشهرته السياسية !

خاص

دخلت الفنانة فرح بسيسو في أحد أمسيات عام 1995إلى الشركة المنتجة ليلا لترى نجدة أنزور جالسا في غرفة المونتاج الصغيرة ، وقد ذبلت عيناه وأتعبه العمل وبدا أنه اشتغل طويلا قبل أن يصل إلى هذه اللحظة من الإنهاك . فرح بسيسو هي التي حكت ذلك ، وهي تنتظر النتائج الأولية لعملية مونتاج عمله الدرامي الفانتازي الذي كانت تشارك فيه، كان أنزور يقوم بعمليات المونتاج بنفسه لبعض المشاهد، أو أنه ربما كان يضع اللمسات الأخيرة عليها ..

في تلك المرحلة، لمع نجم هذا المخرج الذي يعتبر أبوه اسماعيل أنزور أحد رواد السينما السورية والمؤسسين فيها، ومخرج الفيلم السينمائي الروائي الأول ((تحت سماء دمشق )).

تحت سماء دمشق كان هذا النجم((أي نجدة)) يصنع شهرته بعد أن تبنته شركة الشام الدولية التي كان الفنان أيمن زيدان مديرها العام، وكان كل من يريد اللقاء مع المخرج الذي أربك الوسط الفني بمشروعه في تحريك الكاميرا واستخدام الألوان وصناعة النجوم، يمضي وقت طويلا قبل أن يتمكن من ذلك .. وسريعا قطف نجدة أنزور ثمار شهرته، فإذا به يخرج روائع الفانتازيا التاريخية التي أخرجت الدراما التلفزيونية السورية من عقالها كما كان يقال، وإذا بالعروض تنهال عليه من كل اتجاه : من سورية ، ومن الخليج العربي، ومن الأردن التي كان فيها، بل إن اسمه راح يترامى في الأوساط الفنية غير العربية . وراح كبار الفنانون يتقربون منه لأن دور بطولة واحد من أعماله سيكون منعطفا مهما، ويثير في حياتهم صخبا لن يتكرر ..

أدخلت الشهرة الفنية المخرج نجدة أنزور في الحياة العامة من بابها العريض، فإذا به يقرع باب السياسة رغم أن الدراما التلفزيونية اليوم اتسعت آفاقها أكثر من المعتاد، وصار الانتاج الدرامي وعاء كبيرا لتوظيفات مالية غير مقننة يمكن أن تساعده على تنفيذ أحلامه السينمائية التي زرعها أبوه في رأسه مذ كان صغيرا ، والتي لم تتحقق بمجموعها بعد ..

قرع نجدة أنور باب السياسة أول الأمر في أعمال درامية تلفزيونية أنتجها لحساب الخليج العربي تتعلق بالارهاب، ثم مالبث أن أنتج مسلسلا سوريا أثار السخط عليه من الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي ، وأثار جدلا لازال الهمس فيه حتى الآن، وخاصة أن الشيخ البوطي حذر من لعنة تأتي على البلاد نتيجة هذا الاستهتار الفني بالعقيدة، وبطبيعة الحال كلنا يتذكر هذا المسلسل، أي : ((ما ملكت أيمانكم)) .

مع بداية الحرب السورية، وافتراق العرب عن الدولة السورية القائمة أخرج نجدة أنزور فيلم (( ملك الرمال )) الذي أثار السخط عليه، وأغلق أبواب التمويل الكبرى على المشاريع الدرامية التي كانت تغدق الشركات في تمويلها لمجرد أن لنجدة أنزور علاقة فيها..

ونذكر جيدا أن قذائف هاون أطلقت على محيط المكان الذي جرى فيه العرض الافتتاحي في دمشق (!!)..

اليوم أصبح المخرج نجدة اسماعيل أنزور عضوا في مجلس الشعب السوري، وهذه ليست حدثا على صعيد دخول الفنانين إلى هذه المؤسسة التشريعية، فقد دخلها من قبل هاني الروماني ودريد لحام وأيمن زيدان وصباح عبيد ومنى واصف وغيرهم..

ولم يكن نجدة وحده الذي دخل ((المعركة الأنتخابية)) الأخيرة عن حلب، بل كان هناك فنانون آخرون فازوا في الانتخابات على رأسهم الفنان زهير رمضان نقيب الفنانين ، ومن بينهم عارف الطويل الممثل والمخرج المعروف الذي لعب دورا هاما في أولى أعمال الفانتازيا التاريخية لنجدة، أي مسلسل الجوارح .

إذا ، أين هو الجديد ؟

الجديد هو في السياسة، فكيف يمكن أن يواكب الفن السياسة؟

هي مغامرة جديدة فعلا . لأن نجدة أنزور قام في مشروعه الدرامي على المغامرة في البناء الفني للعمل، فهل تتشابه الحالتان ؟!

إن من المقلق أن ينشغل النائب نجدة اسماعيل أنزورعن مهمته القادمة في البرلمان السوري، الذي يحمّله السوريون أعباء كبيرة، اللهم إلا إذا جرى الاتفاق في جنيف على برلمان جديد، وعندها سنسأل : هل سيستمر نجدة أنزور في الاقتراب من السياسة ، أو الغوص فيها، وهل سيخوض أنزور المعركة الانتخابية ، وفي أي القوائم سيدرج اسمه ؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى