المقاومة ثابتة في أرضها … وتجبر جيش العدو على التراجع ! في اليوم التاسع والعشرين من العدوان، تبدي المقاومة مزيداً من الثبات في مختلف محاور القتال، وتستمر في تصدير صوراً ملحمية تظهر صدقية كل البيانات العسكرية التي يعلنها الإعلام العسكري التابع لـ«كتائب القسام». في المقابل. تراجعت آليات الإحتلال المتوغلة على المحور الغربي الشمالي لقطاع غزة مئات الأمتار، بعدما تعرّضت لضغط ميداني هو الأشد منذ بداية الهجوم. في هذا الوقت، لا يجد سلاح الجو الإسرائيلي مساحة للرد على فشله البري المتفاقم. سوى مزيداً من الإيغال بدماء المدنيين والأبرياء ، الذين واجهوا العشرات من المجازر التي راح ضحيتها المئات من المواطنين، جلّهم من الأطفال والنساء أيضا.
المقاومة ثابتة في أرضها … وتجبر جيش العدو على التراجع
في الميدان، سجل محور الغربي من شمال غزة، الممتد من أقصى شمال مدينة بيت لاهيا بمحاذاة الحدود الشمالية للقطاع، وحتى ميدان القتال الأكثر ضراوة في محور مسجد الخالدي المحاذي لأحياء النصر ومخيم الشاطئ معارك عنيفة جداً. إذ أعلن «القسام» أن مقاوميه، فجّروا منذ منتصف ليلة الخميس الجمعة، وحتى إعداد هذا التقرير، تسع آليات مؤللة بواسطة قذائف «الياسين 105». كما هاجموا قوة راجلة كانت تتحصن في أحد المباني بقذائف TBG الفراغية المضادة للأفراد. وعلى وقع تلك الضربات، اضطرت الآليات المتوغلة للتراجع مئات الأمتار، من مقابل مسجد الخالدي وحتى أطراف حي الكرامة. وسط غارات كثيفة طاولت العشرات من منازل المواطنين، بالصواريخ الحربية وقذائف الدبابات أيضا.
على هذا المحور، استخدمت قوات العدو لأول مرة طائرات مسيّرة كبيرة جداً من طراز «كواد كابتر»، لإطلاق الرصاص تجاه كل هدف متحرك، فضلاً عن منازل المواطنين والسيارات المدنية في الأحياء المأهولة، أوحت في بداية الأمر أن الاشتباكات انتقلت إلى عمق الأحياء المأهولة، ليتضح لاحقاً أن الهدف من استخدام تلك الطائرات الجديدة هو توفير هدف مغري للمقاومين، يدفعهم للظهور فوق الأرض لمحاولة إسقاطها، ليتم في الحين ذاته كشف مواقعهم واستهدافهم، وهو الشرك الذي لم تقع فيه المقاومة.
ثاني المحاور الذي سجل الزخم الأكبر لجهة إيقاع الخسائر البشرية في صفوف جنود العدو، هو محور معبر «إيرز» والأحياء الشمالية الطرفية لمدينة بيت حانون، هناك، إلتحم المقاومون مع القوات الغازية من مسافة صفر، حيث أعلن «القسام» أن مقاوميه باغتوا قوة من الأنفاق من خلف خطوط العدو، وأطلقوا خمسة قذائف TBG تجاه مبنى تتحصن فيه قوة راجلة، كما قصفوا القوات المتحشدة بقذائف الهاون، وقنصوا جندياً على المحور ذاته.
وفيما شهد المحور الشرقي لحيّ الزيتون هدوءاً نسبياً، اشتعل القتال على محور جديد غرب مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، حيث أعلنت «كتائب القسام» أن مقاوميها دمروا دبابتين وجرافة في منطقة العمور، وقصفوا تحشدات العدو بالعشرات من قذائف الهاون.
خريطة الاختراقات
أتمّت قوات الإحتلال فصل مدينة غزة وشمالها عن وسط وجنوب القطاع. حيث شنّت الطائرات الحربية الإسرائيلية العشرات من الغارات التي قطعت فيها شارع الرشيد الذي يصل شمال القطاع بجنوبه من الجهة الغربية الساحلية للقطاع. كما استهدفت العشرات من سيارات النازحين الذين حاولوا الانتقال إلى جنوب القطاع عبر الشارع ذاته. ورغم القيمة الرمزية لهذا المنجز، إلا أنه كان متاحاً منذ اللحظة الأولى للحرب. خصوصاً أنه محاذي على طوله لشاطئ البحر الساقط عسكرياً بالنار، بفعل وجود العشرات من القطع الحربية البحرية.
وفي محور مدينة بيت حانون المخلاة من السكان، تقدمت الدبابات في الأحياء الطرفية من المدينة، الملاصقة للفلوات التي تفصل الكتلة العمرانية عن الحدود. ولم تستطع التقدم إلى عمق مدينة بيت حانون ولا الوصول إلى مفترق حمودة المحاذي لحي تل الزعتر. ومنطقة السكة شرق جباليا.
كما لم تتقدم الدبابات مجدداً إلى محور نتساريم.وواصلت تمركزها على الأطراف الشرقية لحيّ الزيتون ومنطقة جحر الديك أيضا.
حتى اللحظة، المقاومة ثابتة في أرضها … ويتلخص تكتيك المقاومة في اتجاهين اثنين. الأول هو رفع تكلفة أي تقدّم تحققه الدبابات المتوغلة. أما الآخر، فهو حرمان القوات الغازية من أي فرصة لتثبيت قواتها في أي من محاور القتال. ويفهم من التركيز على عمليات الإلتحام المباشر في عمق القوات المتوغلة القريبة من الحدود. أن ثمة تركزاً مدروساً على هذا الجانب. ومن شأن مواصلة المزاوجة على هذين التكتيكين، زيادة إبطاء حركة الآليات باتجاه مراكز المدن أو التطويق الكامل لمحاور القتال.
الصورة تقاتل
كان ملاحظا أيضاً، أن ثمة اهتمام كبير في تصديق البيانات الرسمية بمقاطع مصورة عالية الجودة. المقاتلون يثبّتون كاميرات «غو برو» على رؤوسهم وأسلحتهم. تظهر التفاصيل الدقيقة لعمليات الإلتحام.
في بيت حانون، شاهدت حاضنة المقاومة رجال «القسام» وهم يخرجون من ثغرات الأنفاق . كما ويحاصرون مبنى تمركزت فيه القوات الخاصة. ومن ثم يهاجمونه بالقذائف والأسلحة الخفيفة أيضا.
وفي «إيرز»، هاجم المقاومون الدبابات في نقاط التثبيت والتمركز من مسافة صفر.
وفي شرق حي الزيتون، فهم الناس لأول مرة. بل شاهدوا بالصوت والصورة أيضا. ماذا يعني استخدام عبوة العمل الفدائي، التي يتقدم فيها المقاوم. ويضع العبوة على سطح الدبابة. ثم تنفجر. كل تلك المشاهد الجريئة نقلت صورة حية عن مدى جرأة المقاومين واستعدادهم غير المحدود للقتال حتى النفس الأخير. كما وزادت من تأزم الجبهة الداخلية للعدو، فيما رد الشارع على ما يرى، بالخروج بمسيرات عفوية في مخيم الشاطئ الذي كان جيش الاحتلال قد ألقى على سكانه تهديداً أخيراً بالإبادة إذا هم لم يغادروا المخيّم، هتفوا فيها مبايعين المقاومة، واستعداداً للموت على ترك منازلهم.