مع انعقاد القمة العربية في البحرين تستمر الحرب العدوانية على غزة، و بينما ينشغل الرأي العام بتطورات الاتفاق على هدنة أو عدم الاتفاق عليها فإن هناك سعيا أمريكيا لإنجاز “تسوية إقليمية” تعيد رسم المنطقة وفق نتائج الحرب على غزة، و استكمالا لمجريات ما حدث نتيجة (الربيع العربي).. فكيف ستتعامل القمة العربية تجاه هذه التطورات؟؟؟ وكيف سيكون التعاطي مع الطروحات الأمريكية؟؟؟؟ وأين إيران من كل ذلك؟؟؟
تدرك المملكة العربية السعودية كقاطرة للعمل العربي أن سوريا المعافاة ركيزة أساسية من ركائز الأمن القومي العربي والعامل المهم والحاسم في رسم الوضع الجيواستراتيجي للمنطقة العربية، لذلك تعمل المملكة وحلفاؤها في القمة، على استكمال احتضان سوريا، والتعاون معها لتستعيد عافيتها ودورها العربي الفاعل. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن القمة ترى أنه لا أستقرارفي المنطقة دون إعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية الكاملة. لذلك سيستمر العمل العربي من أجل تحقيق حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة ضمن حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية. كل ذلك بالتوازي مع سعي المملكة لتعميق الاتفاق مع إيران، على أساس التعاون وفق قاعدة الاحترام المتبادل، وعدم التدخل بشؤون الدول الداخلية، وبذلك تصبح خريطة الطريق أمام القمة واضحة: التحضير العربي لترتيبات ما بعد غزة، ورسم “تسوية إقليمية” تحترم حقوق ومكانة العرب في منطقتهم، وتصون سيادة كل دولة ضمن حدودها.
زيارات وزير الخارجية الأمريكية إلى المنطقة (أكثر من سبع مرات منذ طوفان الأقصى) صحيح أنها بحثت إمكانية تحقيق هدن وتبادل للأسرى، لكن هدفه الأساسي كان البحث في إنجاز تسوية إقليمية، بدأ من إدارة غزة في اليوم التالي للحرب، إلى محاولة إنجاز تطبيع ما بين إسرائيل والمملكة. وبالمقابل فإن الدول العربية تسعى لتقوم التسوية القادمة على أساس إقامة الدولة الفلسطينية، واستعادة سوريا لدورها الطبيعي، وحل مشاكل اللاجئين، وتأمين الجنوب اللبناني وانتخاب رئيس في لبنان، ورسم علاقة واضحة مع إيران، مع تفعيل الدور التركي في إطار سيادة كل دولة ضمن حدودها واحترام أمنها القومي.
هكذا فإن مستقبل العرب ومنطقتهم، متوقف على مدى تعاونهم ضمن موقف يحفظ أمنهم القومي تجاه كل التهديدات، والمخاطر التي تحيق بهم. فهل تنجز القمة العربية مثل هذا الهدف؟؟ كما أن نجاح أي تسوية إقليمية تعيد رسم خارطة المنطقة يتوقف على نجاح أمريكا في لجم العدوانية الإسرائيلية وإقناع تل أبيب أوإجبارها على قبول حل الدولتين، باعتبار أن لا استقرار لإسرائيل دون إعطاء الفلسطينيين حقوقهم الوطنية. فهل يمكن أن يكون المسار الأمريكي صادقا فيما يخص إنجاز حل الدولتين؟؟؟ وهل ستتخلى إسرائيل عن عدوانيتها؟؟ في كل الأحوال سواء نجحت وصدقت أمريكا، أم فشلت وتلاعبت، فإنه ليس أمام العرب إلا تحصين أمنهم القومي، بتعاونهم على الدفاع عن حقوقهم شعوبهم وسيادة دولهم…. وهذا أضعف الإيمان!!!
بوابة الشرق الأوسط الجديدة