الموت الرحيم

 

((الموت الرحيم )) ظاهرة بدأت تنتشر ويتم تداولها على مختلف السويات، وتلاقي قبولا لا بأس به في الأوساط العالمية !!

والموت الرحيم هو احترام رغبة الشخص بانهاء حياته ضمن حالات محددة جدا يوافق عليها الأطباء ..وخاصة في الأمراض المستعصية والتي عجز العلم عن ايجاد حل لها.

موضوع حساس جدا  تم عرضه لأول مرة في فيلم me before you الذي نال استحساناً كبيراً ورفضاً كبيراً بذات الوقت .. وطرح أسئلة أكبر .

هل هذه فكرة ممكنة … مقبولة… أم انها تخالف الأعراف والدين ؟

ففي الوقت الذي سمحت به بعض الدول الأوروبية وخاصة لأصحاب الأمراض المستعصية التي لا أمل في شفائها وذلك بهدف التخفيف من عذابات المريض وآلامه غير المحتملة ، ترفض دول كبريطانيا والمنطقة العربية الموت الرحيم لمخالفته الشرع وأخلاق المجتمع السائدة، في حين يطالب الكثير من المرضى في الغرب باحترام الأطباء قراراتهم الشخصية، حيث سمح تمدد ( قيم الفردانية ) وهو مصطلح جديد فرضه عصر الإنترنت والعولمة الراهن والذي ينعزل فيه الشخص عن مجتمعه ويتقوقع في عالمه الافتراضي الخاص المحدود بشاشة صغيرة، تحول خيار الموت الرحيم أو الانتحار إلى قرار فردي، يسمح للشخص اتخاذه بمعزل عّن كل ما يحيط به !! وهو ما عرفه علماء الاجتماع ( الفردية المنفلتة ) والتي تتيح انتشار الفكرة وانتقالها .. ومنثم تقبلها عن طريق الإنترنت والعوالم الافتراضية ..

فالمريض  مسؤول عن جسده وله حرية التصرف فيه كيفما يشاء .

ومن الحالات الحديثة التي تم تداولها مؤخرا حالة العالم الأسترالي ديفيد غودال البالغ من العمر 104 أعوام والذي قرر أن ينهي حياته في سويسرا في مايو 2018 مستفيدا من القوانين التي تجيز الموت الرحيم في هذا البلد، بحسب ما أعلنت عنه مؤسسة “إيكزيت إنترناشونال” التي قدّمت له يد العون في تنفيذ قراره حيث توفي بسلام بعد تلقيه “حقنة قاتلة”.

لم يكن ديفيد غودال يعاني من أي مرض مستعص إلا أن صحّته بدأت تتدهور في الآونة الأخيرة، وقد حصل على موعد من منظمة تساعد على الانتحار في بازل في سويسرا، لأن بلاده استراليا لا تسمح بذلك على أراضيها. وقد صرح العالم الأسترالي عن حزنه وأسفه لانه لم يتمكن من الموت في بلده استراليا واضطراره القدوم الى سويسرا لينفذ قراره ويموت فيها !!

موضوع شائك حقاً ومعضلة اخلاقية ودينية جعلتني أتوقف عندها ، وادخل في تفاصيلها لأفهم واعرف أكثر عن هذا الموضوع ، والذي بدأ يتم تداوله عالميا واعلاميا ، وبدأت تعلو النقاشات حول تشريعه ام لا .. حيث تم إقراره والعمل به في كل من سويسرا و‏الهند وبلجيكا ، بينما ترفضه بريطانيا رفضا قاطعا كما هو حال الدول العربية التي رفضت الفكرة واعتبرتها منافية لأخلاقية المجتمع والدين !!

صراع بين العولمة والفردية التي تسعى لتكريس مفهوم الحرية والراحة النفسية والجسدية لمن يعانون من أمراض مستعصية غير قابلة للشفاء ، وبين الدين والعادات التي ترفض هذا الفكر وتحاربه .

ليتبادر الى ذهني جملة مهمة سمعتها تتعلق بهذا الموضوع سمعتها على عجل … وهي :

(( الموت غير الرحيم ))!!!

والذي يعاني منه الناس في المجتمعات المتخلفة وبلدان العالم الثالث حيث يموتون بسبب سوء العناية الصحية والتغذية وانعدام الحريات السياسية والفكرية.. ولا يملكون حتى رفاهية اختيار الموت .. فحتى الموت غير الرحيم مفروض عليهم ولم يختاروه  !!

فأي فجوة نعيشها بين عوالم رحيمة وغير رحيمة وفردية ودينية !!! وأي حال نسير اليه ونرسمه للأجيال القادمة ؟!؟!

فأين الرحمة .. وأين العدل والقيم الانسانية والكرامة ؟!؟

أسئلة صعبة علينا وقرارات موجعة .. قد لا نستطيع الإجابة عليها الأن ، فبين رفاهية اختيار الموت الرحيم الذي بدأت بعض البلدان بإقرارها وتعمل بها .. والموت الإجباري غير الرحيم ، أطرح أفكاري !!!

ليكون حتى الموت في بعض البلدان أصبح حرا حد الانفلات .. الا في بلداننا فالموت ما زال إجباريا ..

مجرد فكرة للتأمل … وليست للإجابة !!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى