انبثاق «اتحاد سوفياتي مصغر» من اجتماع الدول المستقلة في يالطا (رائد جبر)

رائد جبر

عززت نتائج اجتماعات رؤساء حكومات بلدان رابطة الدول المستقلة قبل أيام، فرص تحقيق توجهات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإنشاء فضاء موحد يرى فيه خبراء نسخة مصغرة من الاتحاد السوفياتي المنحل.
وكانت هذه الفكرة طرحت للمرة الأولى خلال الحملة الانتخابية التي سبقت عودة بوتين إلى الكرملين في آذار (مارس) الماضي، وتم في ذلك الوقت التركيز على ضرورة تعزيز التكامل بين بلدان الفضاء السوفياتي السابق، ووضع آليات لتوحيد خططها في مجالات مختلفة، أبرزها قطاعات الاقتصاد والتجارة والدفاع المشترك.
وعلى رغم أن فكرة بوتين قوبلت في حينه بتحفظ أوساط سياسية وحزبية اعتبرت أن «اجتماعات رابطة الدول المستقلة شكلية ولا جدوى منها إلا عقد لقاءات ثنائية على هامشها»، لكن تلك التوجهات وجدت أول تطبيق عملي مباشر، في الاتفاقات التي تم التوصل إليها خلال اجتماع الرابطة الذي في يالطا يوم الجمعة الماضي، ووصفته وسائل إعلام روسية بأنه «أهم اجتماعات الرابطة منذ تأسيسها».
واتفق المجتمعون على الشروع بإنشاء منطقة للتجارة الحرة بين بلدانهم، على أن يبدأ العمل بهذا المشروع مع حلول العام الجديد. ونص الاتفاق على أن احلال نظام تجاري جديد للتعامل بين بلدان الرابطة مع حلول العام 2013 يشكل مقدمة لإقرار تسهيلات تجارية قصوى وانشاء منطقة حرة للتعاملات بين البلدان الأعضاء.
يذكر أن خمس دول هي روسيا وأوكرانيا وبيلاروسيا وأرمينيا ومولدافيا صادقت حتى الآن على اتفاق المنطقة التجارية الموحدة، بينما تستعد كل من كازاخستان وطاجكستان وقيرغيزستان للمصادقة عليه خلال الفترة القريبة المقبلة. وأعلن خلال اجتماع يالطا عن انضمام أوزبكستان إلى المشروع، ما يعني أن بلدين فقط هما تركمانستان وأذربيجان سيبقيان خارج النظام التجاري الجديد في الفضاء السوفياتي السابق، فيما لا تضع الرابطة في حساباتها ضم جورجيا إلى الاتفاقات التجارية والإقتصادية والعسكرية والأمنية لأن الأخيرة انسحب من هذا التجمع الاقليمي وقطعت العلاقات معه منذ الحرب الروسية – الجورجية صيف عام 2008.
وكانت بلدان الرابطة وقعت في وقت سابق اتفاق الفضاء الجمركي الموحد، إضافة إلى جملة من الاتفاقات المالية والقانونية، ما يعني أن الاتفاق حول المنطقة التجارية يشكل الحلقة الأخيرة للتكامل الاقتصادي بينها. وشهد اجتماع يالطا دفعة قوية لجهود تحويل الروبل الروسي إلى عملة احتياط عالمية، واعتبر رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف أن الروبل «يمتلك كل المقومات اللازمة ليغدو عملة احتياط عالمية نظراً لأن النظام المالي الدولي القائم على سيطرة مطلقة للدولار الأميركي أثبت عجزه وعدم استقراره». وزاد أن التطورات في العالم أثبتت الحاجة بروز عملات احتياط جديدة بينها الروبل واليوان الصيني.
اللافت أن هذا الملف فتح نقاشات واسعة خلال الاجتماع بسبب تحفظ أوكرانيا على دفع ثمن الغاز الروسي بالروبل، وخاطب مدفيديف الوفد الأوكراني بأن كييف «قد تضطر بعد بعض الوقت للدفع باليوان الصيني وعليكم أن تختاروا من هو الأقرب إليكم».
منظومة دفاع جوي
ولم تقف مساعي التقارب عند الملفات المالية والتجارية، إذ شهد الاجتماع تطوراً على صعيد تعزيز الفضاء العسكري والأمني الجماعي لبلدان الرابطة. وأعلن في ختام الإجتماع عن الاتفاق على تخصيص موازنة في العام المقبل لانشاء نظام صاروخي دفاعي موحد لبلدان الرابطة. ورأى خبراء عسكريون روس ان «الدرع الصاروخية» المشتركة لبلدان الرابطة تهدف إلى «الرد بشكل عملي وموحد على التحديات والتهديدات الخارجية التي تواجهها بلدان الرابطة» في إشارة إلى «الدرع الصاروخية» الأميركية في شرق أوروبا، وإلى نيات توسيع حلف الأطلسي شرقاً.
ووصف مدفيديف في ختام اجتماع يالطا بلدان الرابطة بأنها «الفضاء الأساسي والوحيد لنا جميعاً لذلك لا خيار لدينا سوى أن نقترب أكثر من بعضنا».

 

صحيفة الحياة اللندنية

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى