كتب

“انتفاضة امرأة” بطاقة عبور إلى زمن المرأة وانفعالاتها

 

تحضر مشاعر المرأة وشؤونها اليومية التي تشكل تفاصيل حياتها حضورًا لافتا في كتاب “انتفاضة امرأة” للكاتبة المغربية حنان عماري، وتقدّم عبر نصوصه لوحة مكتملة من الحالات النفسية التي تعتري كل امرأة؛ من فرح وحب وصراخ وشكوى وآلام وجاء الكتاب الذي صدر عن “الآن ناشرون وموزعون” في الأردن في 122 صفحة من القطع المتوسط، وشكرت الكاتبة في بدايته مجموعة من أساتذتها الذين رعوا موهبتها ومهدوا لها طريقها نحو آفاق الإبداع، كما شكرت إضافة إلى عائلتها الصغيرة التي كانت سندًا لها في جميع المراحل، أهلَ مدينتها “السمّارة” وكلَّ من آمن بموهبتها.

وتوجه عماري رسالة إلى القارئ في المقدمة تنبهه فيها إلى أن هذا الكتاب: “عبارة عن خواطر ونصوص مليئة بتجارب تفيدك في حياتك إن تمكَّنت من تأويل كلّ فراغ محذوف، وفكّ شيفرة كلّ سواد مكتوب وتصف الكتاب بأن ثيمة الحزن تسيطر عليه، لكنه حزن مقصود فهو يجعل من صفحات الكتاب سفينة تعبر بالقارئ عبر الزمن الذي شهد مجموعة التجارب هذه بكل ما فيها من شجو وانفعالات.

رغم أن الموضوع الرئيسي في نصوصها كان الأنثى ومشاعرها وخلجاتها في هذا العالم، فأن النصوص حفلت أيضا بجوانب إنسانية عامة، وجوانب وطنية، واجتماعية متنوعة وتحفل النصوص بمشاهد متنوعة اختارتها الكاتبة بعناية كي تحمل رسالتها إلى القارئ، فتقول في وصف الدنيا:

تمرَّدتُ، أبيتُ، لكنّني توجَّعت

تمزّق قلبي وخاب ظنّي..

استدرتُ، ولَّيتُ وابتعدتُ

هاجرتُ، رفرفتُ وانتقلتُ

استقلتُ، مضيتُ فكافحتُ

سامحتُ، صافحتُ ورضيتُ

ما الدّنيا إلّا امتحان وأغلبنا يعيشها في سراب.

ثم تتخذ موقفًا حذرًا من الحب فتصفه قائلة:

عيونٌ كلّ ليلة دامعة

قلوبٌ كلّ يوم دامية

مشاعر وأحاسيس مدمّرة

عقول دائماً شاردة

نفوس متعَبة وحزينة

أصوات غريبة ومرتجفة

وجوه عابسة وشاحبة

سألتهم: ما الخطب؟

قالوا بهمس: إنّه الحبّ..

وتطلق صرخة أنثى مليئة بالقوة والتحدي، فتقول:

من أوجاعي اندلعت ثورة

من آلامي انبثقت صرخة

من أحزاني صعدت آهة حرّة

من العدم، صيَّرتُ كينونتي أنثى حرّة

كل ما في داخلي يغلي ويفور

كبركان في جهنّم ثائر وحانق

يتدفَّق في شراييني دم أسود هادر

يحرق ويذيب جليد كلّ معتدٍ غاصب

يصرع ويغتال حلم كلِّ مغير ظالم

أنا الرّدى.. أكتم أنفاسك، أخنقها

انتقامي منك مرير ذو بأس شديد

أصارعك وتبعثر لكماتي تقاسيم وجهك

أعبث بأشلائك، أحوّل حاضرك إلى ماضٍ

أزلزل أركان الحلبة وأهزّها بصراعاتي

فأنا أكسب رهان كلّ جولاتي.

وبينما تخاطب الرجل في أحد النصوص قائلة له:

ما بالُ العينَين المتعَبتَين؟

ما خطبُ الوجه الشّاحب؟

ما شأنُ اليدَين الناعمتَين؟

كيف أصبحتَ وكيف حالك؟

أخبِرْني بهمومك وأوجاعك

لعلّي أداوي جراحك

شاركني حزنك وآلامك

أعدك بأن أشفيك من آهاتك

يجيبها هو في نص آخر يحمل لها الاهتمام والعشق أيضًا:

أخبِروا تلك المتمرِّدة

أنّي في حُبِّها متيَّم ولهان..

قولوا لتلك المشاكِسة

أنَّ قلبي في عشقها مجنون

كلِّموها عن أحاسيسي المبعثَرة

حدِّثوها عن اشتياق مسجون

عن حُبّ ساحر مفتون

أصبحت في عشقها غارقاً بالمجون.

وجاءت لغة الكاتبة لغة شفافة واضحة وقادرة على بلوغ المراد بأقصر الطرق دون تكلف، ومزجت فيها بين الجملة القصيرة والجملة الطويلة بحسب الموقف وطبيعة الموضوع الذي تعالجه العبارة. واستخدمت أكثر من طريقة من طرق الخطاب، فتحدثت أحيانًا بضمير المتكلم، وأحيانًا بضمير الغائب، وأحيانًا بضمير المخاطب. وتنوع مصدر الخطاب في أكثر من نص، فكانت تنتقل من خطاب على لسان الأنثى إلى خطاب على لسان الذكر. ورغم أن الموضوع الرئيسي في نصوصها كان الأنثى ومشاعرها وخلجاتها في هذا العالم، فأن النصوص حفلت أيضا بجوانب إنسانية عامة، وجوانب وطنية، واجتماعية متنوعة.

 

 

 

ميدل ايست اون لاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى