نوافذ

انعدام الثقة

مقبل الميلع

سان فرانسيسكو ـ

في كل المجتمعات هناك ظواهر اجتماعية  تحتاج بين فترة وأخرى إلى تسليط الضوء عليها، ويحصل ذلك في مجتمعاتنا التي ولدنا أو عشنا فيها ، أو في المجتمعات التي نسافر إليها ، أو نعيش فيها في دول الغرب، والتي نسميها عادة : (أوطاننا الثانية).

ومن هذه الظواهر انعدام الثقة ، وهي على كل حال مثار اهتمام الدارسين، الذين يبحثون عن أسبابها، وطرق علاجها، لكن من الضروري أن نعترف أن بوجود الظاهرة حتى لو لم نتفق مع الجهات المختصة .

لقد  لطخ الفساد المجتمعات ، والفساد قد يكون في البنية الفوقية أو حتى بين الناس، وقد مس قطاعات واسعة من الناس. والكثير منا يعرفون أنه قد كثر النصب والاحتيال في الآونة الأخيرة بسبب سيطرة الأنانية على النفوس المريضة وتراجع البنى الأخلاقية التي تمت التربية المجتمعية على أساسها.

ولبناء مجتمعات سليمة وعلاقات اجتماعية صحيحة يتفق الجميع على أنه يجب العودة الى الأخلاق والتمسك بها لأنها أساس في بناء حضارة المجتمع البشري واستقراره. وحين تهتز الثقة يميل الأفراد الى الوحدانية والابتعاد عن الآخرين، وتتسع الهوة في قضية الولاء الاجتماعي الذي يعتبر الركن الأساس في كل مجتمع .

ترتبط الثقة بالعلاقات الاجتماعية التي تحتاج بالدرجة الأولى إلى الصدق المبني على الحب والارتياح، ولا تأتي وتترسخ إلا بعد تجارب وخبرات مؤسسة على الاحترام والأمان وهي بالتالي مسؤولية اجتماعية وفردية .

إن بيت الأسرار في عرف المجتمع يقوم على وعد بالكتمان وكم هو قبيح عدم الالتزام بالوعد فهذا طعن في الظهر، ويمس مبدأ الإخلاص، فالإخلاص هو أساس الوعد  ويجب أن تبدأ الثقة أولا بالفرد نفسه فالذي لا يثق بنفسه لا يمكن أن يثق بأحد وتنسحب الثقة على السياسة والاقتصاد والإعلام وعلى مستوى الأفراد بين الأصدقاء.

كذلك يمكن تعميم ذلك على العشاق والمتزوجين، فنحن نرى صداقات تعمر طويلا بناء على الثقة المتبادلة ويعيش العشاق أحلامهم الرومانسية مستندين إلى الوعود والثقة أما الحكومات الفاسدة التي لا تخدم شعوبها فتنسحب الثقة منها ويبتعد الجمهور عن متابعة الإعلام الذي يزور ويحرف الحقائق  وتلعب الثقة دورا كبيرا في الاقتصاد فالشركات التي تغش في منتجاتها يدبر المشترون ظهورهم عنها.

يؤدي انعدام الثقة إلى الخذلان والشك والخوف وعدم الأمان فالشفافية ركن أساسي في تقوية الثقة أما في العلاقات الأسرية يؤدي انعدام الثقة إلى هدم الأسرة التي هي خلية في جسد المجتمع.

وهذه دعوة إلأى الدارسين والنافذين في المؤسسات الاجتماعية لدفع القضية إلى الواجهة ، ويمكن عندها الاتجاه إلى حوار مجتمعي وإعلامي هادف وقادر إلى الوصول إلى نتائج .

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى